أقلام وأراء

منيب رشيد المصري يكتب – رسالة مفتوحة الى خادم الحرمين الشريفين

بقلم منيب رشيد المصري  – 15/9/2020

أكتب اليكم وفي قلبي حسرة المخذول مما آلت إليه الأوضاع العربية بعد أن تفرق الشمل فيما يخص الإجماع العربي حول العلاقة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما حددته مبادرة السلام العربية التي قدمها المغفور له الملك عبد الله بن عبد العزيز رحمه الله، في خلال اجتماع القمة العربية في بيروت عام 2002، وتم تبنيها وأصبحت أساسا متفق عليه عربيا وإسلاميا بعدم الدخول في أي علاقة مع دولة الاحتلال إلا بعد “انسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967، تنفيذاً لقراري مجلس الأمن (242 و 338)، اللذين عززتهما قرارات مؤتمر مدريد عام 1991 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وإلى قبولها قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك مقابل قيام الدول العربية بإنشاء علاقات طبيعية في إطار سلام شامل مع إسرائيل”.

أكتب اليكم وكلي ثقة وايمان بأنكم من سلالة لها تاريخ عريق ومشرف في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية، وبخاصة قضية فلسطين التي لها مكانة خاصة في قلوبكم وعقولكم، كما كانت عند المغفور له والدكم ومن قبله أجدادكم، ولن ينسى الشعب الفلسطيني المغفور له شهيد القدس المرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز لروحه الرحمة والسلام.

أكتب اليكم ورجائي أن تبقوا على العهد كما كنتم محافظين على دعم الشعب الفلسطيني، متمسكين بمبادرة السلام العربية، مواصلين سعيكم الدؤوب والدائم إلى لم الشمل العربي والإسلامي، لكي تبقى الشقيقة المملكة العربية السعودية قِبلة الملهوفين المستغيثين، كما هي قبلة المسلمين من كل أصقاع الأرض.

أكتب اليكم ورجائي أن تكون المملكة العربية السعودية أولى الداعين إلى اجتماع طارئ للجامعة العربية على مستوى الرؤوساء والملوك، للخروج بموقف واضح ليس فقط مما يحصل في الساحة العربية من هرولة نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، لا بل التأكيد مرة أخرى على أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى، وأن مبادرة السلام العربية، والتي نعتبرها الحد الأدنى مما نريد، هي أساس حل الصراع، وأن من يخرج عنها من الدول العربية والإسلامية سيتم عزله ومقاطعته.

ننظر اليكم، وفي هذا الزمن الرديء، كمخلص لنا نحن الفلسطينيون، وكمخلص للعرب من هذا الطوفان القادم، لأن الحركة الصهيونية وجدت في وعد بلفور الصادر في الثاني من نوفمبر عام 1917، فرصة ذهبية للسير نحو ليس فقط إقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين التاريخية، بل تحويل فلسطين التاريخية بعد احتلالها إلى نقطة انطلاق نحو تحقيق الحلم الصهيوني بإقامة الدولة اليهودية من النيل إلى الفرات، وأرى بأن ما يحصل الآن من هرولة نحو تطبيع العلاقات لبعض الدول العربية مع دولة الاحتلال هو بداية هذه الدولة اليهودية على أرض العرب والمسلمين، فماذا أنتم فاعلون؟.

بعد أكثر من ثلاثة عشرة عاما على الانقسام الفلسطيني، ها نحن مقبلون على لم الشمل الفلسطيني – الفلسطيني، لأن المؤامرة التي تُحاك لنا وللعرب بشكل عام أكبر مما نعتقد، لذلك قام الأخ الرئيس أبو مازن بوضع حجر الأساس للم الشمل الفلسطيني، وننظر اليكم أن تقوموا بلم الشمل العربي والإسلامي قبل فوات الأوان، وحتى لا ينطبق علينا نحن العرب والمسلمون المثل القائل “أكلت يوم أكل الثور الأسود”.

نتمنى لكم موفور الصحة والعافية، وللشقيقة المملكة العربية السعودية مزيدا من الأمن والتقدم والإزدهار.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى