ترجمات أجنبية

منتدى فكرة – نصف المصريين يقدّرون العلاقات مع أمريكا، لكن قلة منهم يريدون التطبيع مع إسرائيل

منتدى فكرة – بقلم محمد عبد العزيز , ديفيد بولوك – 15/1/2021

المصريون يدعمون التسوية مع قطر ويرفضون التسوية مع إيران ووكلاءها

في تشرين الثاني/نوفمبر، أجرت شركة تجارية إقليمية استطلاعًا نادرًا للرأي العام المصري بتكليف من “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”. وأظهر هذا الاستطلاع أن المصريين ما زالوا يعارضون إلى حدٍّ كبير تلطيف العلاقات مع إسرائيل. في الوقت نفسه، يولي نصفهم تقريبًا الأهمية لعلاقات بلادهم مع كل من الصين والولايات المتحدة، بينما تشعر أقليات ضئيلة بالمثل تجاه العلاقات مع تركيا أو إيران.

نصف المصريين ما زالوا يعتبرون العلاقات الأمريكية “مهمة” بقدر أكبر من تركيا وإيران ولكن أقل بدرجة واحدة من الصين “.

إن الغالبية العظمى من المصريين (71 في المائة) لم تكن ترغب في أن تتم إعادة انتخاب ترامب، ولا يزال الرأي العام المصري ينظر بتقدير عالٍ نسبيًا إلى العلاقات مع الولايات المتحدة. وعلى غرار الاستطلاع الذي أجري العام الماضي، قال أكثر من النصف بقليل (52 في المائة) إن العلاقات الجيدة مع واشنطن مهمة لمصر. مع ذلك، يولي المصريون اليوم أهمية أكبر بعض الشيء (55 في المائة) لعلاقاتهم مع بكين.

وفي تناقض حاد مع ما سبق، اعتبر 35٪ فقط من المصريين أن العلاقات الجيدة مع أنقرة “مهمة نوعًا ما” لبلدهم. أما العلاقات مع إيران فحظيت بدرجة أقل بعد من الاستحسان، بحيث وصفها 9٪ فقط من المصريين بالمهمة نوعًا ما.

في سياق السياسة الأمريكية في المنطقة، لا يزال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يحتل الصدارة بين المصريين بخلاف العرب الخليجين اليوم. وحين سئل المصريون عن أولى أولوياتهم بالنسبة للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، قال أكثر من ثلثهم (36٪) إن “الضغط لإيجاد حل للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي” يجب أن يكون في طليعة الأولويات. لكن حوالي 26٪ منهم اختاروا “إيجاد تسوية دبلوماسية للحروب في اليمن وليبيا”، في حين جاء خيار “العمل على احتواء نفوذ إيران وأنشطتها” في المرتبة الثالثة (18٪). والمفاجئ هو أن نسبة 14% فقط من المشاركين في الاستطلاع اختاروا “تقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية والاستثمارات للدول العربية” بالرغم من ارتفاع معدل الفقر في مصر.

الشعب المصري يؤيد التقارب مع قطر ولكن ليس مع إيران ووكلائها 

من المرجح أن يلقى الإعلان عن اتفاق المصالحة مع قطر شعبيةً لدى المصريين. فحتى قبل الإعلان عن هذا الاتفاق، أعرب ثلاثة أرباع المصريين عن تأييدهم للعبارة القائلة: “إن السبيل إلى حل خلافاتنا مع قطر هي بتنازل الطرفين من أجل التوصل إلى اتفاق”، في دلالة على استمرار التوجه الملحوظ في استطلاعات الرأي السابقة.

في المقابل، لا يزال المصريون يصطفون إلى جانب حكومتهم في التصدي لإيران ووكلائها في المنطقة. فعند سؤالهم عن انقضاء حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران هذا الشهر، اعتبرته الغالبية الكبرى (74 في المائة) أمرًا سلبيًا، فيما وجدته أقلية (10 في المائة) إيجابيًا.

بالإضافة إلى ذلك، حظي وكلاء إيران في المنطقة بآراء أقل استحسانًا بعد. واللافت هو أن 96 في المائة من المصريين ينظرون نظرة سلبية إلى “حزب الله”، بينما أعربت نسبة مماثلة عن رأي سلبي بحليف إيران في اليمن، أي الحوثيين.

ثلاثة أرباع المصريين يعارضون “حماس” و”الإخوان المسلمين”

ما زال الشعب المصري يؤيد موقف حكومته من حركة “حماس” الفلسطينية التي تسيطر على غزة الواقعة عند الحدود المصرية وترفض السلام مع إسرائيل. فقد أعرب 73 في المائة من المصريين عن موقف سلبي من “حماس”، في نسبة مشابهة لنسبة الاعتراض البالغة 71 في المائة قبل عام. ومن المرجح أن يعكس هذا الموقف رغبة الشعب المصري العارمة في تجنب التورط في الصراعات الخارجية.

على النحو نفسه، أظهر الاستطلاع الأخير تراجعًا بسيطًا في نسبة الدعم لجماعة “الإخوان المسلمين” التي حظرتها الحكومة المصرية نفسها باعتبارها “منظمة إرهابية”. واليوم تنظر نسبة 23 في المائة فقط من المستطلَعين بإيجابية إلى “الإخوان المسلمين”، مع تراجع قدره سبع نقاط عن استطلاع العام الماضي.

وقد تبين بوضوح الانقسام الطائفي بين المسلمين والأقلية المسيحية البالغة 10 في المائة في مصر حول هذه المسألة. ففي حين أن ربع المسلمين المصريين الذين تمت مقابلتهم ينظرون بإيجابية إلى جماعة “الإخوان المسلمين”، لم يبدِ أيٌّ من المصريين المسيحيين الذين شملهم الاستطلاع موقفًا مشابهًا.

ربع المصريين فقط يؤيدون “اتفاقات أبراهام” مع إسرائيل

مع أن مصر كانت أول دولة عربية تقيم علاقات دبلوماسية طبيعية مع إسرائيل، إلا أن نتائج الاستطلاع الحالي كشفت عن استياء واسع النطاق من اتفاقيات السلام الأخيرة بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين – أو من احتمال ازدياد التعامل المصري مع الإسرائيليين. ولم ينظر باستحسان إلى هذه الاتفاقيات سوى ربع المصريين الذين شملهم الاستطلاع، في حين رفضتها الأغلبية (67 في المائة).

والملحوظ هو أن الفوارق بين الأجيال بشأن اتفاقيات السلام مع إسرائيل ليست كبيرة من الناحية الإحصائية. فالمواقف المصرية تجاه السلام مع إسرائيل تُظهر أن الشعب لا يوافق على بعض سياسات حكومته التي انخرطت بشكل مكثف في تجارة الطاقة والعلاقات الأمنية مع إسرائيل منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد عام 1978. وهذا يساهم في تفسير سبب إخفاء هذا التعاون إلى حد كبير عن الرأي العام، فيما تستمر عمومًا وسائل الإعلام الخاضعة لسيطرة الدولة المصرية في التعبير عن عدائها لإسرائيل.

وفي الإطار نفسه، كان التأييد الشعبي لفكرة إجراء المزيد من “التطبيع” المصري مع إسرائيل ضئيلاً جدًا. إذ وافقت نسبة 8 في المائة فقط على العبارة القائلة: “يجب السماح للأشخاص الراغبين في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك”. وكما كان عليه الحال في استطلاع حزيران/يونيو 2020، فإن نصف الشعب المصري “يعارض بشدة” هذا التأكيد.

مواقف المصريين من الاحتجاجات ضد الفساد منقسمة

تشكل مسألة الفساد الداخلي والاحتجاجات قضيةً محلية حساسة. وفي حين لم يُسأل المصريون المستطلَعون مباشرةً عن الاحتجاجات في مصر، أفاد نصفهم (52 في المائة) بأنهم ينظرون بإيجابية إلى “احتجاجات الشوارع المناهضة للفساد في لبنان والعراق ودول عربية أخرى”، بينما اعتبرها حوالي الثلث سلبية. ولكن داخل مصر نفسها، سجل الاقتصاد تحسنًا غير متوقع في العامين الحاضر والماضي، أقله على المستوى الكلي. في المقابل، من المرجح أن التضخم المتزايد والأداء الاقتصادي المتدهور ما بعد الاحتجاجات الحاشدة لعام 2011 زادا قناعة المصريين بأن التحرك ضد الحكومة يضر باقتصادهم.

هوة ضيقة بين الأجيال بشأن القضايا السياسية والاجتماعية

من المفاجئ أن النتائج لم تكشف عن هوة كبيرة في المواقف بين الأجيال أو الطوائف المصرية، خصوصًا في ما يتعلق بإسرائيل. ولم يسجَّل فرق كبير بين إجابات البالغين دون الثلاثين أو فوق الثلاثين من العمر، ولا بين المسيحيين والمسلمين، على هذه الأسئلة. أما بالنسبة لاتفاقات أبراهام المبرمة مع إسرائيل، فقد اعتبر 67 في المائة من المصريين دون سن الثلاثين أن الاتفاقات “سلبية نوعًا ما” على الأقل، وكان هذا أيضًا رأي 68 في المائة ممن هم فوق سن الثلاثين. وفي حين أن المواقف تجاه الدولة اليهودية تزداد استحسانًا بين الشباب في دول الخليج، يُظهر الاستطلاع الراهن أن نسبة ضئيلة لا تتخطى 10 في المائة من الشباب المصريين يؤيدون العبارة القائلة إنه “يجب السماح للأشخاص الراغبين في إقامة علاقات تجارية أو رياضية مع الإسرائيليين بالقيام بذلك”.

وفي نتيجة أخرى غير متوقعة، أعرب البالغون المصريون ما دون وما فوق سن الثلاثين عن وجهات نظر متفاوتة بعض الشيء حول القضايا الاجتماعية التي يمكن اعتبارها أكثر جاذبيةً للشباب. على سبيل المثال، تعليقًا على “القواعد الجديدة التي تسمح بالأفلام والحفلات الموسيقية وقيادة المرأة في المملكة العربية السعودية”، سجلت المجموعة الأصغر سنًا معدل موافقة (بنسبة 71 في المائة) أعلى بتسع نقاط فقط من المعدل الذي سجلته المجموعة الأكبر سنًا.

نظريات المؤامرة حول أزمة فيروس كورونا لا تزال متداولة بين نصف الشعب

انقسم الرأي العام المصري بشكل حاد حول مسألة تفشي وباء كوفيد-19. وقد أظهر الاستطلاع الأخير، شأنه شأن الاستطلاعات السابقة، أن الكثير من المصريين يلومون الجهات الخارجية على انتشار الوباء، بحيث وافقت نسبة 43 في المائة على أن “فيروس كورونا هو شيء بدأه عمدًا أعداؤنا في الخارج”. وهنا أيضًا لم تبرز هوة كبيرة في المواقف بين أجيال أو طوائف الشعب المصري تجاه هذه المسألة.

ملاحظة حول المنهجية

تم استخلاص هذه النتائج من استطلاع أجرته شركة تجارية إقليمية مختصة بأبحاث السوق ومرموقة السمعة ومستقلة وغير سياسية بين 17 تشرين الأول/أكتوبر و9 تشرين الثاني/نوفمبر 2020، مع عينة وطنية تمثيلية من 1000 مواطن مصري. وبخلاف معظم الاستطلاعات الأخرى، تضمن هذا الاستطلاع مقابلات شخصية (وجهًا لوجه) مع عينة عشوائية حقيقية (الأرجحية الجغرافية) من إجمالي السكان، وأفضى بذلك إلى نتائج موثوقة تتماشى تمامًا مع أعلى المعايير المهنية الدولية.

يبلغ هامش الخطأ الإحصائي لمثل هذه العينة نحو 3 في المائة، في حين يناهز 4،5 في المائة للعينات الثانوية من مختلف الأجيال. إن التفاصيل الشاملة عن المنهجية، بما في ذلك إجراءات أخذ العينات وضوابط الجودة والاستبيان الكامل وغيرها من المعلومات ذات الصلة، متاحة عند الطلب.

*منتدى فكرة هو مبادرة لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. والآراء التي يطرحها مساهمي المنتدى لا يقرها المعهد بالضرورة، ولا موظفيه ولا مجلس أدارته، ولا مجلس مستشاريه، وإنما تعبر فقط عن رأى أصاحبه.

*محمد عبد العزيز هو محرر فى منتدى فكرة ومسؤول برامج سابق في مؤسسة فريدوم هاوس و ديفيد بولوك زميل أقدم في معهد واشنطن يركز على الحراك السياسي في بلدان الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى