#شؤون مكافحة الاٍرهاب

مقتل إبراهيم القحطاني ووضع داعش حاليًا

موقع عين اوروبا على التطرف 2-3-2023: مقتل إبراهيم القحطاني ووضع داعش حاليًا

أعلنت الولايات المتحدة قبل أسبوعين شنها، بالتعاون مع قوتها الشريكة -قوات سوريا الديمقراطية، الواجهة السياسية لحزب العمال الكردستاني- غارة في سوريا في 10 فبراير 2023 أسفرت عن مقتل إبراهيم القحطاني، المسؤول المهم في تنظيم داعش. تُعد الغارة هذه الأحدث في سلسلة من الغارات التي تشنها الولايات المتحدة ضد داعش، ما يشير إلى أن لدى الولايات المتحدة تغطية استخباراتية جيدة للتنظيم الإرهابي في معاقله. كما تُسلّط الضوء على أوجه قصور الاستراتيجية الحالية، حيث لا يزال داعش يواصل وتيرة عالية من أنشطته في جميع أنحاء سوريا والعراق، وخارجها. ولا يزال وضع سجناء داعش المحتجزين في سوريًا هشًّا للغاية، ويُشكّل تحديًا أمنيًا خطيرًا، ولا يلوح في الأفق أي حل. من جانب آخر يبدو أن تكتيكات داعش المتطورة للحفاظ على نفسه تؤتي ثمارها.

بعد مقتل القحطاني مباشرة، جرت تصفية حمزة الحمصي، قائد داعش في شرق سوريا، ما يُعد نجاحًا لعمليات مكافحة الإرهاب، على الرغم من أن موقع “صوت أمريكا” أشار إلى أن “الغارة على الحمصي في محيط دير الزور قد اكتنفتها مخاطر عندما فجر زعيم داعش عبوة ناسفة، ربما قنبلة يدوية. وأسفر الانفجار عن إصابة أربعة من القوات الأمريكية، إضافة إلى إصابة كلب كان برفقة قوات المداهمة، ونقلوا إثر ذلك إلى مرافق طبية في العراق”. وأضاف موقع “صوت أمريكا” قائلًا:

[في 21 يناير 2023]، أسفرت عملية أمريكية في شرق سوريا عن القبض على اثنين من عناصر تنظيم داعش، هما عبد الله حميد مصلح المداد، المعروف أيضًا باسم أبو حمزة السوري، وحسام حميد المصلح المداد الخير، بالإضافة إلى أحد شركاء هذا الأخير.

وقبل أيام فقط، أسفرت عملية أخرى مشتركة بين الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية في شرق سوريا عن القبض على مسؤول في تنظيم داعش قيل إنه “متورِّط في تخطيط وتسهيل عمليات داعش داخل المنطقة وخارجها، بالإضافة إلى جهود تجنيد على المستوى العالمي”.

وبالمثل، ألقت القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية القبض على عدد من العناصر الرئيسية [في داعش] خلال سلسلة من الغارات في شمال شرق سوريا في ديسمبر الماضي.

في مقابل ذلك، يواصل داعش وتيرة ثابتة من الهجمات على جانبي الحدود العراقية السورية، وفي فبراير 2023 شنَّ تصعيدًا خطيرًا في سوريا، حسبما ذكرت “وكالة الأسوشيتد برس“:

استهدفت هجمات [داعش] [في فبراير] إلى حد كبير أهدافًا ضعيفة للغاية: السوريين الذين يصطادون الكمأة في الصحراء…

في 11 فبراير، اختطف مقاتلو داعش قرابة 75 صيادًا للكمأة خارج مدينة تدمر. وقُتل ما لا يقل عن 16 شخصًا، من بينهم امرأة وضباط أمن. وفيما أُفرج عن 25 شخصًا، لا يزال الباقون في عداد المفقودين.

بعد ستة أيام… هاجموا مجموعة من صيادي الكمأة خارج بلدة السخنة الصحراوية، على الطريق السريع من تدمر، واشتبكوا مع القوات عند نقطة تفتيش أمنية قريبة. وقُتل ما لا يقل عن 61 مدنيًا، وسبعة جنود. يعمل العديد من صيادي الكمأة في المجموعة لمصلحة ثلاثة رجال أعمال محليين مقربين من الجيش السوري، والميليشيات الموالية للحكومة، الأمر الذي ربما دفع داعش لاستهدافهم.

وأسفرت هجمات أصغر في محيط المنطقة عن مقتل 12 شخصًا آخرين، بينهم جنود ومقاتلون موالون للحكومة ومدنيون…

كان الهجوم في السخنة هو الأكثر دموية للتنظيم منذ يناير 2022، عندما اقتحم مسلحون من [داعش] سجنًا في مدينة [الحسكة] الشمالية الشرقية.

وصفت الولايات المتحدة القحطاني بأنه “مسؤول في داعش مرتبط بالتخطيط لهجمات على مراكز احتجاز عناصر داعش”، ما يعني أنه من المحتمل أن يكون متورطًا في هجوم يناير 2022 على سجن الصناعة في منطقة غويران بمدينة الحسكة، الذي أدّى إلى فرار المئات من أكثر عناصر داعش تشددًا. يطلق تنظيم داعش على حملة اقتحام السجون اسم “كسر الجدران”، وقد استخدمها لإحداث تأثير مدمر خلال فترة صعوده في السنوات التي سبقت إعلان “الخلافة” في عام 2014. ركّزت حملة “كسر الجدران” الجديدة، التي بدأت منذ أن فقد داعش سيطرته على الأراضي، على إطلاق سراح أكثر من 10,000 سجين من داعش تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية/حزب العمال الكردستاني في معسكرات مؤقتة في سوريا.

تجدر الإشارة إلى أن موقع “عين أوروبية على التطرف” تناول قضية سجناء داعش في المعسكرات في سوريا بإسهاب. واللافت أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الإرهابيين وعائلاتهم ليسوا مواطنين سوريين، وكثير منهم أوروبيون. لا شك أن ترك أعضاء داعش في بيئة، حيث يمكنهم فيها زيادة التطرف، والمساهمة في تطرف الآخرين، يمثل مشكلة أمنية رهيبة ومتنامية. وبصرف النظر عن الحجج القانونية والأخلاقية التي تمنع بعض الدول الأوروبية من المشاركة بنشاطٍ في عمليات الإعادة إلى الوطن، من الضروري إعادة هؤلاء الأشخاص إلى ديارهم في أقرب وقتٍ ممكن، حيث يمكن أن يُقدموا إلى العدالة ويخضعوا لإعادة تأهيل من قبل المتخصصين في مكافحة التطرف.

على الرغم من أن الغارات مثل تلك التي أجهزت على القحطاني جزء ضروري من استراتيجية مكافحة داعش، فإنها ليست كافية، إذ ستتاح لخليفته الفرصة لشن المزيد من الغارات مثل تلك التي وقعت على “سجن الصناعة” العام الماضي طالما تركت الدول الأوروبية مواطنيها في المخيمات في سوريا. وفي الوقت نفسه، خارج المركز، استمر داعش في النمو. لقد انتقل التنظيم من قوة إلى قوة في أفغانستان منذ أن ترك حلف الناتو الدولة لطالبان والقاعدة قبل ثمانية عشر شهرًا، واستطاع شن هجمات كبيرة ومعقدة في أكثر المناطق تحصينًا في العاصمة. وفي أفريقيا، يستمر داعش في توسيع موطئ قدمه وترسيخها، خاصة في نيجيريا، حيث قاتل الجهاديون القوات الحكومية حتى وصل الوضع إلى طريق مسدود. ولا تزال منطقة الساحل الأوسّع بيئة خصبة لداعش، كما هو الحال بالنسبة للكونغو وموزمبيق، وحتى مواقع داعش الصغيرة في الصومال وجنوب أفريقيا، اتضح أنها جزء لا يتجزأ من لوجستيات وتمويل “الخلافة” العابرة للحدود الوطنية.

أحد العناصر الجديدة التي ساعدت داعش في الحفاظ على موارده المالية هو استخدام العملة المشفّرة. في وقتٍ مبكر من يونيو 2020، كانت صفحة داعش التي “كانت متاحةً سابقًا على كل شبكة الإنترنت العادية والمظلمة”، تضخ مواد دعائية، وتتيح للموالين لداعش من جميع أنحاء العالم التفاعل مع بعضهم بعضًا، وتقديم طلبات للتبرعات باستخدام العملة المشفّرة، حيث يطلب داعش على وجه التحديد من أعضائه استخدام مونيرو (Monero) بدلًا من بيتكوين لأسبابٍ أمنية. وحتى الآن، لا يزال من الصعب معرفة حجم استخدام داعش للعملات المشفّرة. في أغسطس 2020، أعلنت وزارة العدل الأمريكية إغلاق 300 حساب للعملات المشفّرة، ومصادرة “ملايين الدولارات” الخاصة بداعش والقاعدة وحماس (الفرع الفلسطيني لجماعة الإخوان المسلمين).

إضافة إلى ذلك، استفاد داعش من الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، التي تكون في الغالب صورًا أو أعمالًا فنية عبر الإنترنت يمكن تداول “ملكيتها”. على الرغم من مطالبة متداولي هذه الرموز بطرد داعش من منصاتهم، فقد رفضوا. “إنها مقاومة للرقابة بقدر ما يستطيع المرء أن يتخيّل”، هكذا وصفها ماريو كوسبي، محلل الاستخبارات الفيدرالية الأمريكية السابق المتخصص في تقنية “البلوكشين” لصحيفة “وول ستريت جورنال” في أواخر العام الماضي بعد اكتشاف منصة داعش، مضيفًا أنه “لا يوجد أي شيء يمكن القيام به لغلق منصات الرموز غير القابلة للاستبدال”.

من الواضح أن طبيعة العملات المشفرة والرموز غير القابلة للاستبدال تجعلها تقنية مريحة وآمنة للغاية لجمع الأموال للإرهابيين وتجار الأسلحة والحكومات الفاسدة وعصابات المخدرات وغيرها من الجهات الفاعلة الخبيثة. ويستغلها المتطرفون اليمينيون منذ فترة. وهناك مقترحات لتنظيم هذا المجال، ولكن الصعوبة تكمن في أن العملات المشفّرة هي في الأساس نشاط إجرامي: بالتالي فإن تنظيمها من قبل الدولة يخاطر بإضفاء الشرعية على هذه السوق المريبة -وبالتالي توسيعها- بدلًا من تقييد استخدامها من قبل الإرهابيين وغيرهم.

وختامًا، فلا يزال تهديد داعش مستمرًا وعالميًا. وسيتطلب التصدي له تنسيقًا أكبر بين الحكومات- بشأن الجوانب الأمنية “الصلبة”، مثل توفير الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، وربما القوات للدول التي تعاني من تهديداته، فضلًا على الجوانب “الناعمة” مثل تمويل الإرهاب.

 

European Eye on Radicalization: The Death of Ibrahim al-Qahtani and the Condition of the Islamic State

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى