أقلام وأراء

مقارفات المستعمرين / المستوطنين: حديث الأرقام

د.اسعد عبدالرحمن

د.اسعد عبدالرحمن ٣-١-٢٠٢٢م

تزايدت هذه الأيام، في أنحاء عديدة من الضفة الغربية المحتلة، نقاط المواجهة ‏المشتعلة بين أبناء الشعب العربي الفلسطيني وقطعان المستعمرين/ “المستوطنين” ‏بدعم وإسناد من قوات الاحتلال الإسرائيلي، مع توفير الحكومة الإسرائيلية الغطاء ‏لإرهاب “المستوطنين”. فبحسب معطيات جهاز الأمن العام الإسرائيلي ومنظمات ‏حقوقية إسرائيلية فإن اعتداءات “المستوطنين” اتسعت، وذلك خلافا لتصريحات ‏رئيس الحكومة الإسرائيلية (نفتالي بينيت) الذي زعم أنها “ظاهرة هامشية”. ولعل ‏أهم ما ورد في هذا هو استخدام وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي (عومر بارليف) ‏مصطلح “عنف المستوطنين”، وإعلانه أنه بحث مع مساعدة وزير الخارجية ‏الأمريكية (فيكتوريا نولاند) “عنف المستوطنين وكيفية الحد من التوترات في المنطقة ‏وتقوية السلطة الفلسطينية”.‏

وفيما ترجح التقديرات الصحفية الإسرائيلية أن الاعتداءات قد يكون عددها ‏أكبر من الأرقام المذكورة، علما أن الإحصاءات تعتمد فقط على ما وثقته أجهزة أمن ‏الاحتلال، أظهرت المعطيات التي نوقشت في جلسات مغلقة لمسؤولين بالأجهزة ‏الأمنية ومندوبين عن المستوى السياسي بحكومة الاحتلال توثيق 1286 اعتداءا في ‏الأعوام 2019 إلى 2021. وأظهرت المعيطات أنه “في عام 2019 نفذت عصابات ‏المستوطنين 363 اعتداء. أما في عام 2020 فقد تم توثيق 507 اعتداءات إرهابية، ‏في حين سجل بالنصف الأول من العام الحالي 416 اعتداء، ومن المتوقع أن يتجاوز ‏العدد بنهاية عام 2021 إلى أكثر من ألف اعتداء”. في السياق، قالت مديرة دائرة ‏الأبحاث في منظمة “ييش دين” الحقوقية الاسرائيلية (زيف شتهل): “المنظمة ‏رصدت تصاعدا في اعتداءات المستوطنين وخطورتها في الأشهر الأخيرة، إلى ‏جانب تراجع ملحوظ في استعداد الفلسطينيين لتقديم شكاوى لدى الشرطة ‏الإسرائيلية”.‏

عنف “المستوطنين” ليس ظاهرة جديدة. فمنذ سنوات طويلة تدعم سلطات ‏الدولة الصهيونية مقارفات المستعمرين، لكن اليوم هذه الظاهرة آخذة بالتصاعد، ‏و”المستوطنون” يكتسبون جرأة أكبر لتصعيد وتيرة الاعتداءات وخطورتها. من ‏جانبه، أفادت منظمة “بتسيلم” الحقوقية الاسرائيلية التي تجمع معلومات حول ‏اعتداءات “المستوطنين” على الفلسطينيين وتوثق قسما منها، أنه تم رصد تصعيدا ‏بنسبة 28 بالمئة في اعتداءات المستوطنين. وقال مدير عام “بتسيلم” (حغاي إلعاد): ‏‏”هذا واقع دائم، ويحقق إنجازات استراتيجية في سياق السيطرة على أراض ‏فلسطينية. وهذا ما تنفذه إسرائيل بعدة طرق”.‏

مضاعفة اعتداءات المستعمرين/ “المستوطنين” في الضفة الغربية التي تقع ‏برعاية جيش الاحتلال تشي بتزايد فرص اشتعال انتفاضة بشكل أو بآخر. وما نشهده ‏اليوم هو إنفلات عنصري لحرب مفتوحة وممنهجة، ولم تعد مجرد عمليات فردية أو ‏منفصلة عن سياق متواصل من الاعتداءات والتطهير العرقي، التي تشمل سائر ‏الأراضي الفلسطينية وأيضا مدينة القدس المحتلة ومحيطها ومقدساتها. ‏

ولعل الأخطر في هذا النطاق، أن تمادي المستعمرين/ “المستوطنين” في ‏الاعتداءات يلقى قبولا في المجتمع الإسرائيلي، وهناك شبه إجماع عليها بين الغالبية ‏العظمى للتيارات والأحزاب السياسية الإسرائيلية، وهو القبول الذي يمنح عصابات ‏‏”المستوطنين” الضوء الأخضر لمواصلة الاعتداءات، فضلا عن أنها تحظى بدعم ‏وحصانة من قبل جيش الاحتلال الذي لا يحرك ساكنا لمنعها بل ويشارك فيها أحيانا ‏كثيرة. ‏

هذا ما يفعله المحتلون الإسرائيليون و”مستوطنوهم”، لكن يبقى السؤال ‏المركزي: ماذا نحن – عربا ومسلمين – فاعلون، علما بأن أهلنا في الضفة – وحدهم ‏‏– يخوضون غمار مقاومة تثير الإعجاب؟

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى