أقلام وأراء

مفتاح شعيب يكتب – نتنياهو .. أصل «إسرائيل»

مفتاح شعيب – 6/3/2020

أعادت نتائج انتخابات «الكنيست» الثالثة إنتاج الأزمة السياسية نفسها التي تعيش على وقعها «إسرائيل» منذ نحو عام، ومرة أخرى تصطدم أوهام بنيامين نتنياهو بواقع لا يتغير، ولا يمكّنه من توفير أغلبية لتشكيل حكومة تخول له البقاء على رأس سلطة الاحتلال، والحصانة من مواجهة المحاكمة بشأن الفساد، والذهاب في مشروعه المدمر الرامي إلى توسيع الاستيطان، وضم مناطق واسعة من الضفة الغربية المحتلة.

يقول المراقبون إن «إسرائيل» تواجه مأزقاً قانونياً غير مسبوق، والأصح أنها تواجه مأزقاً وجودياً، يتعقّد من فترة إلى أخرى، بسبب السياسات المتطرفة التي ينتهجها نتنياهو وينفذها معه أرباب الاستيطان، ويلقى في ذلك دعماً «خرافياً» من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وظاهر الأمر، يشير إلى أن هذا الرجل لا يريد أن يستسلم. وبعد أن فشل في جمع النصاب واهتزاز فوزه الأولي، بدأ نتنياهو في فتح النيران على شركائه في «الكنيست»، ومنهم حزب «أزرق أبيض» بزعامة خصمه الجنرال السابق بيني جانتس. أما «القائمة العربية المشتركة» فلم يوفر عليها تهمة أو سبة، وربما كانت نتيجتها غير المسبوقة صادمة بالنسبة إليه؛ لأنها تحمل أصوات أصحاب الأرض الحقيقيين، وتريد أن تثبت الوجود الفلسطيني في الداخل المحتل عام 1948 الذي جار عليه الزمن بطغيان القوة وترهل المواثيق الدولية.

يعيش المعسكر الصهيوني اليميني هستيريا كبيرة منذ إغلاق صناديق الاقتراع، وبعد أن تبين لاحقاً أنه لم يحقق الأغلبية المطلقة المطلوبة لتشكيل حكومة. وفي إطار السجال والمعركة الكلامية، رد جانتس على هجمات نتنياهو بالقول: «احزم أغراضك، أنت في طريقك إلى المنزل»؛ بل ربما يزج به في السجن لاحقاً على غرار رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت الذي انتهت به مسيرته السياسية وفساده خلف القضبان، وهو المصير المتوقع لنتنياهو، على الرغم من أنه في الأصل يستحق العقاب الرادع على كل الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب الفلسطيني، وهي جرائم لا تحصى، ولو كانت هناك عدالة وشرائع تؤمن بالمحاسبة والقصاص، لخضع نتنياهو وغيره من مجرمي الاحتلال إلى المحاكمة أمام القضاء الدولي.

كل أزمة في «إسرائيل» تكشف مزيداً عن هشاشة هذا الكيان واصطناعه، وطالما لا يوجد اعتراف بالشعب الفلسطيني، فكل أحزاب الاحتلال تنفذ سياسة واحدة. وسواء بقي نتنياهو أو جاء جانتس أو غيرهما، لا تبدو هناك مؤشرات فعلية على تغيير حقيقي، أو رغبة جادة في «السلام»، فالكل في «إسرائيل» متفقون على الاستفادة من الوضع الإقليمي والدولي والانحياز الأمريكي «التاريخي»؛ لذلك لم يستقبل الفلسطينيون بسرور نتائج انتخابات «الكنيست»؛ إذ طالما كان الرهان السياسي داخل «إسرائيل» على من ينكّل أكثر من غيره بالشعب الفلسطيني، ويمضي في التهويد والاستيطان والفصل العنصري، وليس من يعترف له بحقوق ويقر بظلم الاحتلال. وهذه السياسة هي أصل «إسرائيل» وجوهرها، ولم تتغير على مدى 72 عاماً، وليس من الوارد أن تتغير في المدى المنظور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى