أقلام وأراء

مفتاح شعيب يكتب – آن للمنطقة أن تهدأ

مفتاح شعيب 2/5/2020

إذا صحت التصريحات المنسوبة إلى أحد قيادات الحرس الثوري الإيراني حول خطة لتوطين سكان في جزر بالخليج العربي، منها جزر الإمارات المحتلة، بحجة تأهيلها وإعمارها، فهي ليست من الحكمة بمكان وترسل إشارات سيئة إلى المستقبل الذي يفترض أن يشهد صفحة جديدة في العلاقات الإقليمية تتجاوز كل منغصات الماضي وتسعى إلى حل الخلافات العالقة «بالتي هي أحسن».

منطقة الخليج التي كانت على مدار السنوات الماضية بؤرة للتوتر والصراع ووقفت أياماً وأسابيع على شفا حرب مدمرة بين إيران والولايات المتحدة، آن لها أن تهدأ وتخطط لضمان عيش شعوبها بكرامة وعزة، بعيداً عن المزايدات اللفظية أو التفاخر العقيم. فهذه الشعوب، من عرب وفرس، أصبحت أمة واحدة بفعل الإسلام والانصهار الحضاري والتكامل بين هؤلاء وأولئك. ولكن مع الأسف هناك من يتعامى عن الحقيقة ولا يريد أن يرى إلا وجهاً واحداً من الصورة ويقصي الوجوه الأخرى. والتصريحات الإذاعية المنسوبة إلى الجنرال علي رضا تنجسيري، قائد القوات البحرية في الحرس الثوري، تمثل هذه الفئة التي تنظر من زاوية واحدة فقط، ولكنها لا تمثل كل القيادات في إيران، وهو حين يزعم أن «تأهيل الجزر يخدم أمن المنطقة» فقد جانبه الصواب لأن أمن المنطقة لا يكون بالتعدي على حقوق الآخرين، بل بالاعتراف بها والعمل على تسوية الخلافات وفق أسس العلاقات الدولية ومبادئ حسن الجوار.

دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تأسست على قيم عربية أصيلة، ويمثل البعد الانساني محرك سياستها الخارجية، تترفع عن الخلافات والصغائر حين يستدعي الأمر التضامن مع الآخرين، وهو ما انتهجته مؤخراً عندما داهمت جائحة كورونا العالم بأسره، وكانت إيران من الوجهات الأولى التي وصلتها في مارس الماضي طائرات المساعدات الإماراتية المحملة بعشرات الأطنان من المستلزمات الطبية لمساعدتها في هذه الجائحة. وتم التعبير عن هذا الموقف الأصيل في اتصال هاتفي أجراه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وجاء ذلك الاتصال لتأكيد العلاقات التي تجمع بين شعبي البلدين الجارين، لا سيما في هذه المرحلة التي تتطلب تضافر الجهود بين الجميع من أجل التغلب على التحديات العالمية التي تفرضها المستجدات.

المؤشرات القادمة من إيران عن تطور كورونا المستجد تشير إلى تراجع الوباء وتمكن السلطات الصحية من السيطرة نسبياً على الوضع، وهذه الأخبار الايجابية تسعد أي إنسان في الإمارات لأنها تتعلق بشعب جار وشقيق، أما ما يسوؤنا كثيراً هو أن نسمع أخباراً أخرى مثل تلك المنسوبة إلى الجنرال تنجسيري لأنها لا تتواءم مع التغيرات المنتظرة بشأن الأوضاع. ومازلنا نأمل ألا تكون تلك التصريحات دقيقة وألا تعبر عن موقف إيران الرسمي، لا سيما أن هناك أطرافاً كثيرة تعمل على الصيد في المياه العكرة وتريد تسميم الأجواء بأي ثمن، بينما الخيرون يعملون كي تبقى المنطقة آمنة ومياه الخليج نقية من الشوائب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى