ترجمات أجنبية

معهد واشنطن-“يمن ريفيو”- إلينا ديلوجر–أحب جارك : المملكة العربية السعودية بحاجة إلى مساعدة إقليمية لإنهاء الحرب

معهد واشنطن – “يمن ريفيو” – إلينا ديلوجر – 31/3/2020

قد يتغير الكثير في خمسة أعوام. ففي بداية الحرب، كان «مجلس التعاون الخليجي» سليماً ظاهرياً، حتى عندما أظهر الشقاق الأول مع قطر في عام 2014 وجود تصدعات في وحدته. ونتيجة لذلك، عندما قررت المملكة العربية السعودية التدخل في اليمن، حذت الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر حذوها. في غضون ذلك، وضعت الكويت نفسها كوسيط وبقيت عُمان على الهامش. واليوم، بعد خمس سنوات، وباستثناء وحدات بحرينية وإماراتية صغيرة، ترك «مجلس التعاون الخليجي» الحرب في اليمن إلى السعودية.

المملكة العربية السعودية

منذ البداية، لم يكن بوسع السعودية أن تتصور سوى انتصار عسكري في اليمن، مع إصرارها على تحقيق هذا الهدف إلى أبعد حدود، عندما تصوّر معظم المحللين العسكريين أن السعوديين يستطيعون تحقيق ذلك. وفي تحوّل مفاجئ في خريف عام 2019 في أعقاب الهجوم على منشآت “أرامكو”، دخلت السعودية في محادثات مباشرة مع الحوثيين. وكانت تلك المحادثات بطيئة حيث أن لكل طرف نقاط نفوذ مختلفة على الطرف الآخر. وأعطت الرغبة السعودية في مخرج يحفظ لها ماء الوجه، نفوذاً للحوثيين الذين قد لا يرغبون في منح مثل هذا الخروج دون الحصول على شيء رئيسي في المقابل. وعلى العكس من ذلك، يتمتع السعوديون بنفوذ اقتصادي، مع القدرة على توفير إعادة الإعمار، وفرص عمل لليمنيين من شمال البلاد وفرص التجارة الحدودية بالقرب من صعدة، القاعدة الرئيسية لحركة الحوثيين. وتعزز الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي يعاني منها الحوثيون من قيمة هذا النفوذ. وأخيراً، يدرك السعوديون والحوثيون على حد سواء أن هذا الأخير سيتعرض لضغوط شديدة لحمله على اكتساب الشرعية الدولية كجزء من حكومة يمنية مقبلة دون مشاركة الرياض.

ومع ذلك، فقد يصبح موقف المساومة السعودي غير مستقر. فحرب [أسعار] النفط التي حرضت عليها السعودية مع روسيا، وفيروس الكورونا والآفاق الاقتصادية القاتمة بشكل عام قد تؤدي إلى تقويض قدرة الرياض على تحقيق التنمية الاقتصادية ما لم يتم التوصل إلى اتفاق قريب. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الحوثيين يضغطون بقوة على الخطوط الأمامية في اليمن مع بعض النجاح، مما يقوض قدرة الرياض على دفع الأمور نحو حل سياسي ويزيد من احتمال ألا تؤدي نهاية الحرب إلى قيام حكومة انتقالية في النهاية.

وبالإضافة إلى المحادثات مع الحوثيين، تولّت السعودية المسؤولية على جنوب اليمن المضطرب بعد أن سحبت الإمارات قواتها إلى حد كبير في العام الماضي. وعلى الرغم من توسّط المملكة في اتفاقية الرياض بين حكومة هادي و”المجلس الانتقالي الجنوبي”، إلا أنها لم تتمكن من إقناع الطرفين بتنفيذها. وكانت كل الأنظار تتجه إلى السعودية في نهاية عام 2019 لاستخدام المحادثات مع الحوثيين والجنوبيين كبوابة لمحادثات سلام شاملة بوساطة الأمم المتحدة؛ ومع عجزها عن إظهار حتى انتصارات صغيرة، تتضاءل قدرة السعودية على المناورة السياسية بشكل مطرد.

الإمارات العربية المتحدة

اختلفت تجربة أبو ظبي اختلافاً كبيراً عن تجربة السعودية. فمن خلال إدارتها العمليات البرية في الجنوب بشكل مستقل عن السعوديين، تمكنت دولة الإمارات من إثبات تفوقها العسكري. والأهم من ذلك، ينسب الإماراتيون الفضل لأنفسهم في المساعدة على إخراج كل من الحوثيين من عدن وتنظيم «القاعدة في شبه الجزيرة العربية» من المكلا. كما أنشأوا مركزاً لوجستياً وتدريبياً في عصب، إريتريا، لتطوير ما أُطلق عليه “قوات النخبة” الجنوبية، وذلك وفقاً للنهج الأمريكي “بواسطة- مع- من خلال” (“من خلال مع”) الذي يتلخص في تمكين القوات المحلية من تحمل وطأة القتال. وكانت اليمن، من بعض النواحي، دليلاً على المفهوم؛ فقد أمضت القوات الإماراتية عقدين من الزمن في التدريب إلى جانب القوات الأمريكية في العديد من عمليات الانتشار الدولية الكبرى. ومع ذلك، جاءت الحرب بتكلفة باهظة أيضاً. ففي غضون ستة أشهر، عانت الإمارات من صدمة مقتل ما يقرب من 60 جندياً إماراتياً في حادثة واحدة – وهي خسائر فادحة لم تدفعها الدولة من قبل. بالإضافة إلى ذلك، شُوِّهت سمعة الإمارات في واشنطن بسبب دورها في اليمن، حيث أسفرت الغارات الجوية للتحالف في كثير من الأحيان عن وقوع خسائر كبيرة في صفوف المدنيين كان يمكن تجنبها. وحفزت هذه العوامل – إلى جانب قرار التحالف بعدم الدخول إلى مدينة الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون في عام 2018 – قرار الإمارات بخفض عدد قواتها في اليمن العام الماضي، تاركة القليل من الفوضى للسعوديين لإيجاد حل للسياسات القائمة في جنوب اليمن.

سلطنة عُمان

من ناحية أخرى، لعبت عُمان دوراً مختلفاً جوهرياً – دور الميسّر ومضيفة الفصائل المتحاربة. فتمشياً مع سياستها الخارجية التقليدية المحايدة، بقيت عُمان خارج الحرب وفتحت حدودها أمام أي يمني يلتمس اللجوء السياسي. وهذا المسار يضع عُمان على خلاف مع جيرانها. فالجماعات التي قبلت العرض تميل إلى معتقد معادٍ للسعودية أو الإمارات؛ أمّا أولئك الموالون لدولة الإمارات أو المؤيدون للسعودية، فيميلون إلى العيش في بلادهم الراعية.

أما فريق التفاوض الحوثي، فحيث لا يتمكن من الدخول والخروج بسهولة من صنعاء بسبب قيود المجال الجوي، فقد استقر في مسقط. ويتيح ذلك للفريق الاجتماع بصورة أكثر انتظاماً مع الدبلوماسيين ومبعوث الأمم المتحدة الخاص والأطراف الدولية الأخرى. وغالباً ما تُسهّل عُمان عقد هذه الاجتماعات، كما ساعد العُمانيون في الأيام الأولى من الحرب في تحليل أساليب المجتمع الدولي الغريبة آنذاك للحوثيين. أما أعضاء “الإصلاح”، الحزب السياسي الإسلامي المُفتّت في اليمن، فمقرهم أيضاً في مسقط كما هو الحال مع عدد قليل من الأعضاء الرئيسيين في “حزب المؤتمر الشعبي العام” الذي كان يهيمن في السابق. كما تستضيف عُمان المتظاهرين الذين يعارضون الوجود السعودي في المهرة، المحافظة الشرقية في اليمن التي تشترك في حدود برية طويلة مع السُلطنة.

وتدّعي السعودية، التي تشعر بالإحباط منذ فترة طويلة بسبب استضافة عُمان للحوثيين وعلاقاتها الودية مع إيران، أن طهران كانت ترسل أسلحة للحوثيين – والتي شملت مكوّنات للصواريخ المتقدمة – عبر الحدود العُمانية التي تم استخدامها بعد ذلك لمهاجمة الأراضي السعودية. ونفت عُمان بشدة هذه المزاعم، لكن بغض النظر عن ذلك، أرسل السعوديون قوة كبيرة لمكافحة التهريب إلى المهرة في عام 2017، حيث توسعت باستمرار في المحافظة.

المرحلة القادمة

بعد مرور خمس سنوات، تبدو توترات النزاع على العديد من العلاقات الخليجية واضحة. فالصراع اليمني وحده لم يفرّق دول الخليج عن بعضها البعض، ولكنه كان العدسة التي تتجلى من خلالها الانقسامات بوضوح. وبداية، أدّى الصدع مع قطر عام 2017 إلى طرد الجنود القطريين من اليمن. وفي حين أن الجهد المشترك أدى في البداية إلى تقريب السعوديين والإماراتيين من بعضهم البعض، إلا أن الصراع في اليمن أوضح بمرور الوقت أن الاثنين لم يكونا على الإطلاق في توافق كلّي. فلم يعملا جنباً إلى جنب من الناحية العسكرية، ومنحا الأولوية لتهديدات إيران و «الإخوان المسلمين» بشكل مختلف، حيث ركزت السعودية على الحوثيين المدعومين من إيران، بينما ركز الإماراتيون على دعم الجماعات التي عارضت «الإخوان المسلمين». وتم تخفيض التواجد العسكري الإماراتي في اليمن عام 2019 بتنسيق قليل مع الرياض، الأمر الذي ترك السعوديين مسؤولين عن إيجاد حل للتهديد الذي يشكله الحوثيون في شمال البلاد وفرز العلاقة بين الحكومة و”المجلس الانتقالي الجنوبي” في جنوب اليمن. وفي غضون ذلك، أثارت البعثات السعودية والإماراتية في المهرة القلق في عُمان من دون شك.

ولإنهاء حرب اليمن، سوف يكون لزاماً على دول الخليج أن تتعاون معاً كما فعلت في عام 2011، عندما عملت جنباً إلى جنب مع المجتمع الدولي من أجل تفعيل كل من استقالة علي عبد الله صالح والمرحلة الانتقالية في اليمن. وبالفعل، يبدو أنه يجري تحضير صيغة مماثلة، حيث اجتمعت كبار الشخصيات السعودية والعُمانية عدة مرات مؤخراً. يجب على الولايات المتحدة والمملكة المتحدة دعم هذه الجهود، كما يبدو أنهما تفعلان مع زياراتهما الأخيرة إلى عُمان والسعودية. يجب إحضار دولة الإمارات عند الضرورة. وقد يكون هناك دور وسيط للكويت تستطيع القيام به. وبعد مرور خمس سنوات على اندلاع الحرب، قد تُترك السعودية لوحدها إلى حد كبير للتعامل مع الصراع في اليمن، ولكن من شبه المؤكد أنها ستحتاج إلى مساعدة جيرانها لوضع حد له.

*إلينا ديلوجر، هي زميلة أبحاث في “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن. وقد نُشرت هذه المقالة في الأصل على موقع “مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى