ترجمات أجنبية

معهد واشنطن – ديفيد ماكوفسكي و دانييل شابيرو – هكذا يمكن للفلسطينيين الاستفادة من الاتفاق الدبلوماسي بين إسرائيل والإمارات

معهد واشنطن – ديفيد ماكوفسكي  و دانييل شابيرو *- 10/9/2020

تمت كتابة هذا المقال قبل الإعلان عن اتفاق تطبيع العلاقات بين إسرائيل والبحرين

يبدو أن بعض المراقبين يفترضون أن  الاتفاق الأخير لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة يعني نهاية مساعي التوصل إلى نتيجة معقولة تقوم على حل الدولتين للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وقد يأمل بعض الإسرائيليين في أن يؤدي تحسين العلاقات مع الدول العربية إلى تفادي الحاجة إلى مزيد من المفاوضات مع الفلسطينيين.

ومع ذلك، فإن الفلسطينيين لن يبارحوا مكانهم، والواقع هو عدم إمكان إحتفاظ إسرائيل بطابعها الأساسي كدولة يهودية وديمقراطية إذا تجاهلت القضية الفلسطينية. ولحسن الحظ، فإن أولئك الذين ما زالوا يسعون إلى حل الدولتين ليس لديهم سبب لليأس. فقد يكون الإنجاز الإماراتي-الإسرائيلي بمثابة جسر ضروري للتغلب على المأزق الحالي. ويمكن للدبلوماسية الماهرة أن تستخدم التطبيع كأساس لإحياء الزخم باتجاه التوصل إلى حل الدولتين.

ويُظهر التاريخ والفطرة السليمة أن الدول العربية التي تحافظ على علاقات دبلوماسية مع إسرائيل تلعب دوراً أكثر فعالية في دعم التطلعات الفلسطينية من تلك التي ترفض إقامة علاقات مع إسرائيل. فقد استغلت الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات، وتحديداً مصر والأردن، اتفاقات السلام التي وقّعتها مع إسرائيل للمساعدة في تسهيل الدبلوماسية الإسرائيلية – الفلسطينية وثني الطرفين عن اتخاذ خطوات غير حكيمة.

وتتعاون مصر وإسرائيل منذ عام ونصف بشكل وثيق وسري للحفاظ على الهدنة بين إسرائيل وغزة. وتَعاونت الأردن في الماضي مع الولايات المتحدة لرسم معالم المفاوضات الدبلوماسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي الآونة الأخيرة، لعب تحذير العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ضد ضم إسرائيل لأجزاء من الضفة الغربية دوراً مهماً في إبعاد هذا الخيار عن الطاولة. وكان لدى إسرائيل ما تخسره مع الأردن ولا تريد المخاطرة.

ويوفّر الاتفاق الإماراتي-الإسرائيلي فرصة أمام الإمارات للعب دور مماثل في تعزيز السلام الإسرائيلي-الفلسطيني. وقد بدأ ذلك أساساً بواسطة الاتفاق بحدّ ذاته، الذي اشترطت الإمارات لإبرامه عدم القيام بعملية الضمّ بدعم من إدارة ترامب. (وبالفعل، أعرب مرشح الرئاسة الديمقراطي الأمريكي جوزيف بايدن عن معارضته لفكرة الضم، مما يعني أن الفكرة ستكون خارج الطاولة خلال السنوات الأربع المقبلة بغض النظر عن نتيجة الانتخابات الرئاسية).

إن دفن فكرة الضم يحافظ على احتمالات قيام دولتين، وعلى المدى الأقصر، يُعد أمراً ضرورياً لاستعادة التعاون الأمني ​​الإسرائيلي الفلسطيني الذي كان عنصر استقرار رئيسي في الضفة الغربية لأكثر من عقد من الزمان.

وقد تكون الدول العربية الأخرى التي تجري محادثات مباشرة مع إسرائيل في موقع أفضل للتأثير على قادتها وشعبها من تلك التي تقاطعها. وفي المقابل، هناك القليل من الأدلة على أن قطع العلاقات بين العالم العربي وإسرائيل سوف ينجح في الحصول على تنازلات من إسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للدول العربية التي تمتلك موارد، مثل الإمارات، أن تقدم حوافز مهمة للسلطة الفلسطينية. وعلى وجه التحديد، قد يعني ذلك زيادة كبيرة في المساعدة الاقتصادية لتحقيق الاستقرار في المؤسسات التي يمكن أن تصبح، مع تقدم المفاوضات، اللبنات الأساسية لدولة فلسطينية مستقبلية. وقد قدمت الإمارات بسخاء للفلسطينيين في الماضي، ويمكن استئناف [مثل هذه] المساعدة بسرعة وزيادتها بغض النظر عن الخلاف الحالي.

قد يكون بإمكان الدول العربية الداعمة أيضاً أن تؤثر على القادة الفلسطينيين لكي يتبنوا مواقف أكثر واقعية بشأن بعض قضايا الوضع النهائي، مثل الاعتراف بعدم إمكان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل وفقاً لحدود ما قبل عام 1967 وأنه يجب الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية. كما يمكنهم إقناع الفلسطينيين بالرفض القاطع لاستخدام العنف.

يمكن للإدارة الأمريكية التي تُعيد إحياء دعمها لبلورة حل واقعي لدولتين أن تحاول تنظيم إنجاز الإمارات لتعزيز جهودها الدبلوماسية الخاصة. فلا يمكن تحقيق حل الدولتين على المدى القصير بسبب عوامل متنوعة، تتراوح من الخلافات بين القادة على كلا الجانبين إلى الانقسامات داخل المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي. كما أن مسألة الخلافة الفلسطينية التي تلوح في الأفق تشكل عامل تعقيد آخر.

ويكمن الحل الأساسي في استخدام الإنجاز لتوسيع دائرة السلام. وهذا يعني اتخاذ خطوات هامة وتدريجية على الأرض لإقناع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بأن الجانب الآخر جاد [فعلاً]، مع ضمان دولة نهائية تكفل قيام كيان دولة حقيقية (منزوعة السلاح) للفلسطينيين إلى جانب ضمان أمن إسرائيل.

وسيتطلب ذلك تعليق عدة جوانب من خطة ترامب. ففي شكلها الحالي تحرّم الفلسطينيين من دولة قابلة للحياة تتمتع بالحد الأدنى من السيادة. كما أنها تضر بأمن إسرائيل من خلال رسم حدود جديدة ملتوية، وزيادة احتمالية الاحتكاك، والفشل في فصل المجتمعات الإسرائيلية والفلسطينية، وخلق واقع الدولة الواحدة الذي يعرّض مستقبل إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية للخطر.

كذلك، إن العمل باتجاه حل الدولتين يعزز قوة العلاقة الأمريكية-الإسرائيلية أيضاً. فقد تعمقت العلاقة بينهما على مرّ العقود بناء على مصالح إقليمية وقيم ديمقراطية مشتركة. فالمصالح المشتركة تلزم الحكومات، أما القيم المشتركة فتلزم الشعوب. إن مساعدة الفلسطينيين على التقدم نحو حقهم في إقامة دولة وتحقيقها في نهاية المطاف من شأنه أن يعزز مصداقية إسرائيل بين منتقديها الأمريكيين.

إن الدعم الأمريكي والديناميكية الاقتصادية الإسرائيلية قد مكّن الدول العربية من إدراك أن إسرائيل – على حدّ تعبير مسؤول إماراتي بارز – هي “فرصة وليست عدواً”. ومع تزايد قبول إسرائيل في المنطقة، يمكن للدول العربية وإسرائيل والفلسطينيين، بقيادة أمريكية قوية، التعاون لحل إحدى المشاكل العالقة في الشرق الأوسط.

ديفيد ماكوفسكي هو زميل “زيغلر” المميز في معهد واشنطن، وعمل كمستشار بارز في وزارة الخارجية الأمريكية خلال إدارة أوباما حيث ركز على المفاوضات الإسرائيلية – الفلسطينية. دانييل ب. شابيرو هو زميل زائر متميز في “معهد دراسات الأمن القومي” في تل أبيب وشغل منصب سفير الولايات المتحدة في إسرائيل خلال إدارة أوباما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى