ترجمات أجنبية

معهد واشنطن – تحذير للمتمردين في اليمن، حلفاء الولايات المتحدة وأعدائها

معهد واشنطن –  “ذي هيل” – بقلم دينس روس – 25/1/2022

مقالات وشهادة

إن إظهار الإدارة الأمريكية أنها ستقف إلى جانب أي دولة صديقة رداً على هجوم يطالها قد يؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، بمن فيهم أمريكيون، يكتسي اليوم أهمية قصوى أكثر من أي وقت مضى.

تسيطر جماعة الحوثي اليمنية، «أنصار الله»، على العاصمة صنعاء وعلى جزء كبير من القسم الشمالي من البلاد، بعد أن أطاحت عسكرياً بحكومة اليمن المعترف بها. وبالتالي، فإن الجهود التي تقودها السعودية لإعادة الحكومة السابقة تندرج ضمن إطار حرب مكلفة ومسدودة الأفق في اليمن، حيث يدفع مواطنو ذلك البلد الفقير ثمناً باهظاً.  

وفي حين يمكن النقاش حول ما إذا كان الحوثيون أحد وكلاء إيران، إلا أن ما لا جدال فيه هو أنهم يحصلون على صواريخهم وطائراتهم المسيرة وتدريبهم والمساعدة في إنتاج المركبات الجوية غير المأهولة وغيرها من الأسلحة من «فيلق القدس» الإيراني و «حزب الله». ويعتبر الإيرانيون هذه المعدات أداة مفيدة لممارسة ضغوط حقيقية على السعودية، لا سيما عندما تضرب هذه الأسلحة أهدافاً مدنية سعودية، بما في ذلك في العاصمة الرياض والمنشآت النفطية في جميع أنحاء المملكة. وللحوثيين أسبابهم الخاصة لاستهداف السعودية، لا سيما بالنظر إلى القصف السعودي لأهداف في اليمن، وهذا لا يغير الواقع بأن إيران تفعل كل ما في وسعها لتأجيج هذا النزاع وليس الحد منه.

وتمّ تذكيرنا مجدداً بهذا الواقع الأسبوع الماضي عندما اختار الحوثيون مهاجمة الإمارات العربية المتحدة. وفي هذا السياق، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع أنه انتقاماً من التدخل الإماراتي في حرب اليمن، استهدفت الجماعة مطار دبي الدولي ومطار أبوظبي. بدوره، أكّد سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة يوسف العتيبة أن الحوثيين أطلقوا صواريخ باليستية وجوالة وطائرات بدون طيار في الهجمات، وأنه تمّ اعتراض الكثير منها وتدميرها ولكن ليس جميعها – حيث تمّ ضرب مصفّح، وهي منطقة صناعية في أبوظبي، بالإضافةً إلى موقع بناء في مطار أبوظبي، مما تسبّب بإشعال النيران في عدد من صهاريج الوقود، الأمر الذي أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين وإصابة ستة آخرين بجروح. ولو تمّ ضرب مطار دبي المزدحم للغاية، لكان العديد من المدنيين، بمن فيهم الكثير من الأمريكيين، قد لقوا حتفهم. ولولا الإيرانيين لما كان مثل هذا الهجوم ممكناً.

إن ذلك يُظهر لواشنطن أنه بغض النظر عن نتيجة المحادثات في فيينا حول البرنامج النووي الإيراني، يجب مواجهة السلوك الإيراني في المنطقة، إذا تعذّر ردعه. وكان القادة الإيرانيون، بدءاً من المرشد الأعلى علي خامنئي، يصرّون على عدم التفاوض بشأن برنامجهم الصاروخي أو أنشطتهم في المنطقة، معتبرين أساساً أن المحادثات النووية تختلف تماماً عن موضوع المنطقة والصواريخ. وبالنظر إلى الموقف الإيراني، على إدارة بايدن أن توضح أن ما يناسبكم يناسبنا أيضاً – بمعنى أنه إذا توصلت الولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي في فيينا، فلن يؤثر ذلك على ما تقوم به لرفع التكاليف التي تتكبدها إيران في المنطقة.

ولم يكن هذا هو الحال في عام 2015، عندما توصلت إدارة أوباما والدول الأخرى الأعضاء في “مجموعة الخمس زائد واحد” إلى «خطة العمل الشاملة المشتركة» مع إيران. ففي ذلك الحين، كان هناك خوف من أنه في حال السعي إلى فرض ثمن على الإيرانيين بسبب أفعالهم المزعزعة للاستقرار في المنطقة، فلن ينفذوا شروط الاتفاق النووي. وكانت الرغبة الإيرانية في تخفيف العقوبات تعني دائماً أنها ستنفذ بنود «خطة العمل الشاملةالمشتركة». ولكن الولايات المتحدة فعلت القليل جداً رداً على زيادة وتيرة أعمالهم العدوانية في جميع أنحاء المنطقة. والآن، من الضروري أن تستخلص واشنطن العِبر من الماضي وتجعل الإيرانيين ووكلائهم يدفعون ثمن أفعالهم. ويجب أن تبدأ بالحوثيين.

في بداية ولاية إدارة بايدن، كان هناك جهد مفهوم لمحاولة دعم نتيجة دبلوماسية للحرب. وبصرف النظر عن تعيين مبعوث يحظى باحترام كبير، وهو تيموثي ليندركينغ، اتخذت الإدارة الأمريكية خطوتين لكي تبيّن للحوثيين إنها انطلاقة جديدة: فأزالت الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وأعلنت أنها لن تقدّم بعد الآن الدعم للعمليات الهجومية التي تنفذها السعودية في اليمن. وإذا كان الهدف هو خلق بيئة للدبلوماسية الناجحة، فإن الحوثيين ضمنوا ببساطة حصولهم على هاتين الخطوتين وصعّدوا هجماتهم على السعودية.    

وكانت العديد من المنظمات غير الحكومية التي تُعنى بالتعامل مع الظروف الكارثية للجوع والمرض في اليمن قد عارضت قرار إدارة ترامب تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى زيادة صعوبة إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن. وبغض النظر عن واقع قيام الحوثيين بتصعيب إيصال المساعدات الإنسانية – مثل مهاجمتهم في كثير من الأحيان المستودعات أو سرقتهم الإمدادات أو ببساطة تغييرهم وجهتها – فإن حركة الحوثيين هي منظمة إرهابية. وتمثل هجماتها على مطارين دوليين تذكيراً واضحاً بهذا الواقع. ومن الصعب الاعتقاد بأنه من غير الممكن فصل المشاكل الناشئة عن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عن إيصال المساعدات الإنسانية.

وعلى أي حال، يجب أن يدرك الحوثيون أنهم سيدفعون ثمن هذا الهجوم وأنهم معزولون وأن الولايات المتحدة ستعمل على تعزيز دفاعات أولئك الذين يهاجمونهم.

ومع وضع ذلك في الاعتبار، على إدارة بايدن أن تبدأ بتقديم قرار إلى مجلس الأمن الدولي، يدين الحوثيين على الهجمات ويوضح أنه سيتمّ النظر في اتخاذ إجراءات عقابية في حال تنفيذ أي هجمات أخرى. تجدر الملاحظة أن الصينيين أو الروس لن يحجبوا مثل هذا القرار، نظراً إلى الروابط التي تجمعهم بالإماراتيين. ثانياً، يجب تزويد الإماراتيين على الفور بمعلومات استخباراتية للإنذار المبكر بشأن جميع عمليات إطلاق الصواريخ – وهو أمر سبق أن قامت به الولايات المتحدة وبإمكانها تكراره. ثالثاً، على واشنطن أن توفر بسرعة وسائل إضافية لتحديث الدفاعات الجوية والصاروخية في الإمارات؛ وقد أخبرني مسؤولون إماراتيون أنهم كانوا يسعون للحصول على مثل هذا الدعم المادي من الإدارة الأمريكية منذ بعض الوقت ولكن استجابتها كانت بطيئة؛ لقد حان الوقت للقيام بذلك. رابعاً، يجدر بالإدارة الأمريكية توفير ذخائر دقيقة التوجيه لجعل عمليات الرد الإماراتية المحتملة أكثر فاعلية وأقلّ احتمالية للتسبب بوقوع ضحايا في صفوف المدنيين – ويكتسي ذلك أهمية كبرى لأن الحوثيين يطلقون صواريخهم من مناطق مدنية، وهو أمر تعرفه الإدارة الأمريكية ويجب أن تنشره علناً. خامساً، على الولايات المتحدة المشاركة في تدريبات -على مستوى ثنائي وعبر القيادة المركزية على حد سواء – مع الإماراتيين وغيرهم لمحاكاة الردود على إطلاق الصواريخ، بما في ذلك القيام بضربات انتقامية تهدف إلى تدمير الصواريخ على الأرض قبل أن يتم إطلاقها.

إن إظهار الإدارة الأمريكية أنها ستقف إلى جانب أي دولة صديقة رداً على هجوم يطالها قد يؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا المدنيين، بمن فيهم أمريكيون، يكتسي اليوم أهمية قصوى أكثر من أي وقت مضى. فأصدقاء الولايات المتحدة ليسوا الوحيديين الذين يجب أن يدركوا هذا الأمر، بل أيضاً أولئك العازمين على تحدي الولايات المتحدة ورغبتها في رسم معالم نظام دولي. فمن فلاديمير بوتين مروراً بشي جين بينغ ووصولاً إلى علي خامنئي، من الضروري مواجهة تصوّرهم بأن واشنطن تعزف عن المخاطرة وتظهر لهم أن أفعالهم تجعل الولايات المتحدة أكثر استعداداً لمواجهة هذا الخطر. وهذا ما يتطلبه الردع.

* السفير دينس روس هو مستشار وزميل “وليام ديفيدسون” المميز في معهد واشنطن والمساعد الخاص السابق للرئيس أوباما.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى