ترجمات أجنبية

معهد واشنطن: أسعار مرتفعة وحرب في أوكرانيا وشتاء قارس والآن خفض أوبك + للإنتاج، أحداث آخذة في التراكم

معهد واشنطن 4-10-2022م، بقلم سايمون هندرسون 

فد تؤدي خطة اتحاد النفط إلى خفض الإنتاج إلى حدوث اضطراب في الأسواق العالمية، وفي العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الخليج العربي، وفي معنويات الناخبين الأمريكيين.

في مسعى للظهور بمظهر المتنبئين، أمضى العديد من الخبراء السياسيين الأسابيع القليلة الماضية وهم يعدّلون (أو يتحفظون في) توقعاتهم على المدى المتوسط، بينما كانوا ينظرون مؤخراً فيما إذا كان “أثر إعصار إيان” في الولايات المتحدة سينعكس أيضاً على نسبة المشاركين في الانتخابات النصفية الأمريكية. ثم جاءت “الضربة القاضية”. ففي الوقت الذي لم يكن ينتظرها البيت الأبيض، أتخذت مجموعة “أوبك بلس” قراراً بخفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً.

وفي هذا السياق كانت صحيفة “نيويورك تايمز” قد نشرت العنوان الواقعي، “’أوبك بلس‘ تتطلع إلى خفض كبير في الإنتاج من أجل دعم أسعار النفط”، لكنها أغفلت عن ذكر الكمية. وسبق لصحيفة “فاينانشال تايمز” أن نشرت عنواناً رئيسياً – “خطط الدول المنتجة للنفط لخفض الإنتاج تهدد بتعميق أزمة الطاقة” – ترافق مع عنوان فرعي قوي وصحيح تماماً: “الخلاف مع الولايات المتحدة يلوح في الأفق”.

لكن الناخب الأمريكي العادي قد لا يكون ميالاً إلى التحليل وقد يكتفي بمعرفة أن خفض الإنتاج من قبل “أوبك بلس” (وهي اختصار للاتحاد القديم الذي تقوده السعودية، بالإضافة إلى الدول المصدرة للنفط بقيادة روسيا) يعني ارتفاع الأسعار في المحطات. وفي العديد من الأماكن في أرجاء الولايات المتحدة، سارت الأسعار بمنحى تراجعي، مما يعكس انخفاض أسعار التداول بالنفط الخام من نحو 120 دولاراً إلى 85 دولاراً للبرميل الواحد من خام “برنت” المرجعي. لكن التأثير غالباً ما يكون غير متساوٍ. فخلال نهاية الأسبوع الماضي، بلغ الفرق بين ما يدفعه كاتب هذه السطور لقاء البنزين في واشنطن العاصمة وما كان يمكن أن يدفعه على بعد بضعة أميال في ولاية فرجينيا 1.25 دولار للغالون الواحد. واستناداً إلى التقارير، ترغب منظمة “أوبك بلس” في عودة الأسعار العالمية إلى 90 دولاراً على الأقل.

وكما لو أن هذا التضخم المدعوم بارتفاع أسعار النفط ليس سيئاً بما فيه الكفاية، فإن مجرد التلميح إلى النظر في احتمال خفض الإنتاج يمكن تفسيره على أنه ضربة أخرى للنجاح المشكوك فيه أساساً لرحلة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السعودية في وقت سابق من فصل الصيف. فقد كان يؤمل في البداية أن تُوصف المصافحة بقبضة اليد بين الرئيس وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أنها أقل ودّاً من المصافحة باليد ولكن تم تفسيرها بدلاً من ذلك على أنها علامة ودّ وتقارب. غير أن هذا المشهد عاد بالفائدة على الرياض، وأخفى قليلاً واقع أن ولي العهد لم يستجب لمطلب بايدن الرئيسي ألا وهو زيادة ملحوظة في إنتاج النفط، مما قد يؤدي إلى إنخفاض الأسعار.

وقد عكس هبوط الأسعار الذي حصل أساساً على أي حال تباطؤ الاقتصاد العالمي. ومنذ ذلك الحين، ازدادت التوقعات العامة سوءاً. ومن هنا الخطوة التي تم توقعها من قبل “أوبك بلس” في الخامس من تشرين الأول/أكتوبر عندما اجتمع وزراء النفط في فيينا.

أما بالنسبة إلى “الخلاف مع الولايات المتحدة” الذي تكهنته “فاينانشال تايمز”، فهو مشكلة متعددة الأبعاد يكمن في صلبها غزو روسيا لأوكرانيا الذي قد يؤدي إلى ما يُتوقع أن يكون شتاءً بارداً وغير مريح للعديد من الأوروبيين. وهناك شعور شبه ملموس في أروقة واشنطن بأن إدارة بايدن تشعر بخيبة أمل إزاء السعودية بسبب تحالفها المفترض القائم على النفط مع فلاديمير بوتين.

فضلاً عن ذلك وبشكل متزامن، صادف يوم الأحد 2 تشرين الأول/أكتوبر الذكرى السنوية الرابعة لمقتل الصحفي السعودي وكاتب مقالات الرأي في “واشنطن بوست” جمال خاشقجي في القنصلية العامة السعودية في إسطنبول. وفي الثالث من تشرين الأول/أكتوبر، تقدّم محامي محمد بن سلمان في واشنطن بطلب “حصانة قائمة على المكانة” لوكيله الذي يواجه دعوى مدنية رفعها ضده منشقون سعوديون. وكانت هذه المكانة النتيجة التي ترافقت مع ترقية بن سلمان الأسبوع الماضي إلى منصب رئيس الوزراء، مما يمنحه بموجب الأعراف الدبلوماسية “حصانة سيادية” ضد الإجراءات القانونية التي تُتخذ بحقه في الخارج.

وفي مقابل الانتقاد الذي طال الرياض، تنظر المملكة إلى موضوع النفط على أنه ملف منفصل بحدّ ذاته، مما يعكس وقائع اقتصادية أكثر منها دبلوماسية. وبالفعل، هناك بعض التفاصيل الدقيقة والأسباب الاقتصادية الجديرة بالملاحظة. وكما هو الحال، فإن خفض الإنتاج بواقع مليوني برميل في اليوم يعكس أرقام الميزانية الإجمالية وليس أرقام الصادرات. كما أن العديد من الدول الأعضاء في “أوبك بلس” لم تعد قادرة على الإنتاج بالكميات والأحجام المخولة إنتاجها. ولكن لا بدّ من تعديل الآمال بأن يكون خفض الإنتاج أقلّ مما تشير إليه العناوين، بما يتماشى مع التقارير التي تفيد بأن بعض المنتجين قد يلجأون إلى خفض أكبر في الإنتاج. كذلك، يشير السعوديون إلى أنهم بحاجة إلى الحفاظ على الطاقة الإنتاجية الفائضة، بل وزيادتها، تحسباً لأزمة الإمدادات في الأشهر المقبلة في ظل محاولة العديد من الدول تجنب شراء النفط الروسي.

ويمكن لمس التأثير المحتمل لخطوة “أوبك بلس” في يوم الاقتراع في الولايات المتحدة. وبحلول ذلك الوقت، ربما نكون قد مررنا بـ”لحظة انزلاق نحو حرب نووية” (كما في رواية توم كلانسي) نظراً لتهديد بوتين الواضح بإدخال البعد النووي إلى الحرب الأوكرانية. وقد تنتظرنا أسابيع قليلة صعبة.

* سايمون هندرسون هو “زميل بيكر” ومدير “برنامج برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة” في معهد واشنطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى