ترجمات عبرية

معهد دراسات الأمن – بقلم كوبي ميشيل ويوحانان تزوريف – هذه رسائل حماس من المناورة العسكرية الاستثنائية

معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي- بقلم كوبي ميشيل ويوحانان تزوريف –  10/1/2021

في 28 ديسمبر/كانون الأول 2020، جرت مناورة عسكرية في قطاع غزة كانت الأكبر من حيث النطاق منذ سيطرة حماس على غزة، كما أنها غير مسبوقة من حيث التعاون بين المنظمات الناشطة في المنطقة. وقد اشتملت المناورة، التي حظيت بتغطية واسعة في وسائل الإعلام الفلسطينية والعربية وشبكات التواصل الاجتماعي، على مشاركة وحدات عسكرية من 13 منظمة فلسطينية، بما في ذلك مجموعات مكونة من أعضاء سابقين في فتح وحتى منظمات ذات قوة عسكرية صغيرة للغاية.

وبالطبع كان لحماس والجهاد الإسلامي أهم المساهمات العسكرية. وشاركت في التمرين القوات البحرية والجوية والصاروخية ووحدات حماس الأخرى التي وجهتها من غرفة حرب مشتركة مع المنظمات الأخرى. وعملت التقارير الإعلامية والتعليقات على تضخيم القدرات التي أظهرتها المنظمات المشاركة مع تعزيز صورة المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس.

وجرت المناورة على خلفية أزمة فلسطينية داخلية وخارجية عميقة. فمن جهة، نجد أن إسرائيل تهدد وتجري تدريبات بالقرب من غزة وتحذر من زيادة التوتر في المنطقة فضلا عن أن الجهود المبذولة للتوصل إلى تسوية مع إسرائيل بوساطة مصرية لم تتقدم، فيما تلوم القاهرة حماس على فشل هذه الجهود.

ومن جهة أخرى، توقفت جهود المصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية بعد أن اختارت السلطة تجديد التنسيق الأمني ​​والمدني مع إسرائيل وقبول أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل. كما تأتي المناورات بعد اتفاقات التطبيع مع إسرائيل وتراجع القضية الفلسطينية على جدول الأولويات في المنطقة. فضلا عن تفاقم الوضع الإنساني الخطير بالفعل في غزة بسبب جائحة “كورونا”.

وسبق التمرين رسائل خطابية ركزت على تهديد إسرائيل، بالرغم أن الرسائل لم تكن شديدة الصراحة، وكان بعضها ضمنيًا. وقد أكد المتحدثون باسم حماس على التعاون التنظيمي وتحسين القوة العسكرية للمقاومة المسلحة، من أجل إرسال رسالة ردع لإسرائيل. أما الرسالة الثانية الموازية فقد وجهت للجمهور الفلسطيني حول أهمية الوحدة واستمرار المقاومة لإسرائيل كواجهة للنضال الوطني.

وبالقرب من مكان المناورة رفعت صور “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس الإيراني بمناسبة الذكرى الأولى لقتله على يد القوات الأمريكية. وكانت الصور تمجده وتمجد مساهمته في المقاومة الفلسطينية. وقد أشاد متحدثون كبار باسم حماس والجهاد الإسلامي بالمساعدة الكبيرة التي قدمها “سليماني” لمنظمات المقاومة الفلسطينية.

بالإضافة إلى ذلك، كانت هناك تقارير تفيد بأن المناورة جرت عبر تنسيق بشكل ما مع إيران. ومما يعزز مصداقية هذه التقارير، هو التقارب بين حماس و”محور المقاومة” بعد التعثر المستمر لجهود المصالحة الفلسطينية الداخلية. وحتى لو لم تعمل طهران خلف الكواليس لتنظيم استعراض القوة، فإن المناورة تخدم معادلة الردع التي تحاول خلقها وترسيخها في مواجهة إسرائيل.

إلى جانب فهمها على أنها محاولة لبث القوة والردع، يمكن تفسير المناورة على أنها تعبير عن ضعف، أو محاولة من قبل حماس لتعويض هذا الضعف تجاه إسرائيل والسكان المحليين، الذين يئنون تحت وطأة الحرب وعبء الأزمة الإنسانية ووباء “كورونا”، دون توقعات بتحسن كبير في أوضاعهم في المستقبل المنظور.

وبالتالي، ينبغي اعتبار المناورة إجراءً ينقل رسائل علنية وواضحة إلى جهات مستهدفة محددة، إلى جانب الرسائل الضمنية الموجهة إلى الجهات المستهدفة الأخرى. تواجه حماس معضلة في مساعيها لعدم فقدان أهميتها، بعد أن انخرطت في السنوات القليلة الماضية في منع القوات النشطة في غزة من إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل من أجل منع تصعيد جديد. وتعتبر قيادة حماس مجبرة على تفسير سبب تعليق المقاومة فعليًا منذ الصراع واسع النطاق مع إسرائيل في صيف 2014، وما هو البديل المقترح للصراع المباشر ضد إسرائيل.

تحافظ إسرائيل على قوة الردع بينما يشتد الضعف الفلسطيني، ويتطلب أي عمل من المقاومة مراعاة المخاطر التي ينطوي عليها بما في ذلك الرد الإسرائيلي. وهكذا، من بين أمور أخرى، هدفت التدريبات العسكرية إلى إرسال رسالة إلى الجمهور مفادها: لا تشعروا بالعجز، فالمقاومة لم تمت، بل إنها تزداد قوة وتكتسب قدرات ستظهر عندما يحين الوقت.

علاوة على ذلك، بعثت المناورة برسالة مفادها أن حماس نجحت في توحيد الفصائل المختلفة تحت راية واحدة، وبالتالي يجب التعبير عن الوحدة في ساحة المعركة عبر المصالحة على المستوى الوطني. ويمكن تفسير هذه الرسالة على أنها تحدٍ للسلطة الفلسطينية و”أبومازن” الذي يُلقى عليه باللوم (وإن بلغة أضعف مما كان عليه في الماضي) على إحباط محاولة المصالحة الأخيرة بموجب قرار تجديد التنسيق الأمني ​​والمدني مع إسرائيل – وهي خطوة اعتبرتها حماس خنوع وضعف وخروجا عن مبادئ النضال الوطني.

فيما يتعلق بإسرائيل، كان الهدف من المناورة تعزيز الشعور بالردع -استكمالًا لإطلاق الصواريخ المتقطع باتجاه الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل- مع لفت الانتباه إلى نقاط القوة ونطاق القدرات العسكرية لحركة حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى، التي تعمل بتعاون وبشكل موحد. ويمس ذلك نوايا إسرائيل فيما يتعلق بقطاع غزة، كما يفهم من التدريبات التي أجراها الجيش الإسرائيلي مؤخرًا ومن تصريحات قادة وكبار القادة الإسرائيليين.

ومن الممكن أيضا أن تكون المناورة تهدف إلى تقوية صفوف حماس نفسها وتشجيع عناصر في الجناح العسكري للتنظيم الذي يشعر بالإحباط لأن قيادته لا تنتهج سياسة أكثر تشددا. في السنوات الأخيرة، جادل القيادي في حماس في غزة “يحيى السنوار” بأن طبيعة النضال يجب أن تتكيف مع ظروف الزمان والمكان، وفي الوقت الحالي، وفقًا لمقاربته، فإنه يطالب بإعطاء الأولوية للنضال الشعبي وليس للكفاح المسلح.

وكانت الجهة المستهدفة الأخرى هي مصر، الوسيط الرئيسي لجهود الوساطة في تسوية بين حماس وإسرائيل. وقد طلب وفد مصري زار غزة قبل يومين من المناورة توضيحات بشأنها. وأعربت القاهرة عن غضبها من حماس، لما يُنظر إليه في مصر على أنه يعرقل جهود التوصل إلى تسوية وأنه عمل بتشجيع وتوجيه من إيران وتركيا وقطر. من جانبها، سعت قيادة حماس إلى التأكيد، من خلال المناورة المدعومة بقوة عسكرية، على أن التنظيم يتمتع بسيطرة فعلية داخل أراضي غزة وعلى السكان، وكذلك على التنظيمات المسلحة الأخرى العاملة هناك، و أن لديها رد على القوة العسكرية الإسرائيلية.

في الواقع، تسعى حماس إلى إخبار القاهرة بضرورة تخفيف الضغط عليها للاقتراب أكثر من شروط إسرائيل للتسوية، التي يُنظر إليها على أن مصر تفضلها. ويعتبر إزالة مكاتب البعثة الدبلوماسية المصرية من غزة مؤخرًا (والتي كانت مغلقة منذ سيطرة حماس على غزة في عام 2007) إشارة تعزز هذا الانطباع.

في الوقت نفسه، يمكن النظر إلى استعراض القوة العسكري لحماس على أنه محاولة للتعويض عن الضعف تجاه السكان المحليين والفصائل في غزة. يمكن أن تؤدي المحنة الإنسانية الخطيرة في قطاع غزة إلى تأجيج نيران الاحتجاج الشعبي، والتي إذا خرجت عن السيطرة، يمكن أن تخلق ظروفًا مناسبة لإسرائيل والسلطة الفلسطينية، بدعم من إسرائيل لاستعادة السيطرة على قطاع غزة وتفكيك البنية التحتية العسكرية لحماس.

قد يؤدي فقدان الأصول الرئيسية لحماس، المتمثلة في السيطرة على غزة، إلى إعادتها سنوات إلى الوراء. كما يمكن أن يلحق ضرراً خطيراً بمكانة حماس كقائد للمقاومة، فضلاً عن مساعيها للاندماج داخل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية والعمل كبديل لفتح. وتعتبر هذه هي خلفية حقيقة استمرار حماس في إظهار الرغبة في المصالحة والاستعداد لتقديم التنازلات.

من وجهة نظر إسرائيل، ليس للمناورة العسكرية التي جرت في قطاع غزة آثار عسكرية أو أمنية بعيدة المدى. كما أنها لا تشير إلى نوايا التصعيد من جانب حماس، حيث يدرك المنظمون الاهتمام الذي يجتذبه أي استعراض للقوة ويرون التغطية الإعلامية الواسعة والتعليقات المصاحبة لها على أنها إنجاز.

في الوقت نفسه، يمكن خلق مجال جديد من الفرص لتسريع الجهود ودفعها نحو تسوية طويلة الأجل مع حماس في ظل ضعف الحركة وخوفها من فقدان السيطرة بسبب الظروف القاسية في غزة، وقدرة إسرائيل على الردع وتقديم المساعدات الطبية وتعزيز جهود المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى إمكانية جمع التبرعات لغزة من الدول العربية بموجب اتفاقيات التطبيع.

ويعتبر تحقيق مثل هذا الترتيب مصلحة إسرائيلية أساسية نحو تحسين الوضع الأمني في الجنوب وتقويض التهديد الإيراني، لأنه في ظل التصعيد في الساحة الشمالية، ستنضم حماس إلى الجهد الإيراني في أي صراع متزامن مع إسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى