معهد بحوث الأمن القومي (INSS): الطريق من سيطرة حماس إلى قيام الدولة الفلسطينية

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 18/12/2025، اودي ديكل: الطريق من سيطرة حماس إلى قيام الدولة الفلسطينية
تُفصّل هذه المقالة “خارطة طريق” متكاملة – أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية – لإعادة تشكيل الواقع في قطاع غزة والساحة الفلسطينية عمومًا. تنطلق هذه الخارطة من إدراك استحالة العودة إلى الوضع الذي كان سائدًا قبل أكتوبر2023، وضرورة إرساء نظام جديد. وتجمع الفكرة المطروحة بين: (1) الاستجابة لمصالح إسرائيل الأمنية الأساسية، المتفق عليها دوليًا؛ (2) استجابة تدريجية لتطلعات الفلسطينيين إلى تعريف سياسي، المدعومة من المجتمع الدولي والمنظومة الإقليمية؛ (3) البناء على خطة الرئيس ترامب ذات النقاط العشرين وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803؛ (4) عملية انتقالية في غزة باستخدام نهج نزع السلاح والتسريح وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج (DDDR) كوسيلة لبناء كيان فلسطيني منزوع السلاح ومعتدل وفاعل، وفقًا لمبدأ “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”.
خطة لإعادة بناء النظام الفلسطيني
الخطة المعروضة هي عملية متكاملة وليست حلاً سحرياً أو إجراءً فوريً. تقوم على مبدأ “الأمن أولاً” – أي تفكيك القدرات الإرهابية، وإعادة التأهيل – المادي والمؤسسي والاجتماعي – المشروط بتسريح القوات الفلسطينية وإقامة حكم فلسطيني مسؤول، مع احتكار السلطة، وإصلاح مؤسسات السلطة الفلسطينية، والإزالة المنهجية للتنظيمات المسلحة من الساحة، فضلاً عن تنفيذ برامج مكافحة التطرف. سيتم تطبيق الخطة أولاً في قطاع غزة، ثم سيتم توسيع نطاقها لاحقاً، إذا كانت النتائج إيجابية، لتشمل أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
المبادئ:
أ. قطاع غزة منزوع السلاح وخالٍ من الإرهاب، على أن تكون إعادة تأهيله مشروطة بنزع سلاح المنطقة وحل جميع التنظيمات المسلحة.
ب. سيُدار قطاع غزة من قِبل إدارة انتقالية تكنوقراطية، تحت إشراف مجلس السلام الدولي، وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، مع وجود قوة شرطة فلسطينية خاصة بقطاع غزة، خالية من حماس، تعمل بتوجيه ودعم وإشراف قوة الاستقرار الدولية.
ج. ستُنفذ السلطة الفلسطينية إصلاحات شاملة تُمكّنها من استعادة السيطرة على قطاع غزة. ويتطلب ذلك حكماً فلسطينياً فعالاً ومعتدلاً، واحتكار السلطة الفلسطينية للسلطة وفقاً لرؤية الرئيس عباس: “قيادة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”، دون وجود ميليشيات ذات قدرات عسكرية.
د. نزع السلاح المالي: إنشاء نظام مالي رقمي خاضع للإشراف يمنع تسرب الأموال إلى حماس والمنظمات الإرهابية.
هـ. سيتم تقديم مجموعة من الشروط، يُمهد تحقيقها الطريق أمام إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح ذات سيادة محدودة. دولة فلسطينية منزوعة السلاح ذات سيادة محدودة.
هيكلية آليات التحكم في العملية
في الوقت الراهن، تتبلور هيكلية تتألف من عدة آليات تهدف إلى توجيه العملية والتحكم بها:
- مجلس السلام (BoP): بمشاركة قادة العالم (وربما برئاسة الرئيس ترامب)، يحدد الإطار السياسي العام، ومراحل التنفيذ، ومعايير الانتقال بين المراحل؛ ويدير أموال إعادة إعمار قطاع غزة؛ ويشرف، من خلال مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC)، على لجنة تكنوقراطية فلسطينية معنية بالسيطرة على قطاع غزة، وعلى قوة الاستقرار الدولية (ISF)، ويرفع تقاريره إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
- الإدارة التكنوقراطية الفلسطينية لغزة (مجلس شؤون غزة GAC): إدارة مدنية تكنوقراطية غير سياسية تُعنى بالسيطرة المدنية على قطاع غزة خلال فترة انتقالية، وترتبط بالسلطة الفلسطينية. ستكون هذه الإدارة مسؤولة عن تقديم الخدمات المدنية، وتنفيذ المكونات المدنية لخطة التعافي وإعادة الإعمار والتسريح وإعادة التأهيل، وتدابير التعافي والتأهيل الأولية، وإرساء النظام العام، كما ستتولى إدارة الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة.
- قوة الاستقرار الدولية (ISF) – قوة دولية مؤقتة بقيادة الولايات المتحدة وبالتعاون مع مصر، ومع دول عربية رائدة أيضًا. تهدف هذه القوة إلى فرض، أو على الأقل ضمان، تسريح القوات في قطاع غزة؛ ومساعدة الشرطة الفلسطينية في بناء قواتها وقدراتها لتنفيذ مهام نزع السلاح والحفاظ على النظام العام؛ وإجراء عمليات تفتيش أمنية وتفتيش على المعابر الحدودية لمنع تهريب الأسلحة؛ وضمان خلو المناطق التي ستنسحب منها قوات الجيش الإسرائيلي من حماس والإرهاب.
- مركز التنسيق المدني العسكري (CMCC) – المركز الوحيد النشط حاليًا. يتبع المركز القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM). وتتمثل مهمته في الإشراف على وقف إطلاق النار، ومراقبة الأوضاع في قطاع غزة، وتنسيق دخول المساعدات الإنسانية، ومتابعة التقدم المحرز في عمليات إعادة التأهيل الأولية.
- مركز التنسيق المدني العسكري يتعين على السلطة الفلسطينية، لكي تندمج كفاعلٍ فاعلٍ في عملية إعادة الإعمار، تنفيذ إصلاحاتٍ حكوميةٍ وأمنيةٍ وقانونيةٍ واقتصاديةٍ، وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2803 الصادر في تشرين الثاني 2025. والهدف هو سيطرة السلطة الفلسطينية المدنية والأمنية الحصرية على قطاع غزة، استنادًا إلى المبدأ الذي يقوده محمود عباس، رئيس السلطة الفلسطينية: “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”.
- الصندوق الدولي لإعادة الإعمار: صندوق استئماني لإعادة إعمار غزة، تابع للبنك الدولي وميزان المدفوعات، يتميز بشفافيةٍ عاليةٍ وآليات رقابةٍ فعّالة. ويشرف على الانتقال إلى الاقتصاد الرقمي، والمحافظ الرقمية، والعملات المستقرة، لمنع تسرب الأموال إلى حماس وغيرها من العناصر الإرهابية.
لضمان فعالية التنفيذ، لا بد من التنسيق بين عدة محاور عمل:
- المحور الأمني: نزع السلاح؛ حلّ الميليشيات؛ تسجيل الأسلحة ومراقبتها؛ إنشاء وحدات لتفكيك البنية التحتية الإرهابية، والأنفاق، ومجمعات الإنتاج، وتجميع الأسلحة وتخزينها؛ سنّ تشريعات فلسطينية تفرض عقوبات رادعة على من يحوز أسلحة دون ترخيص أو يقوّض إدارة اللجنة التكنوقراطية.
- المحور الإداري: في المرحلة الأولى، من خلال إدارة تكنوقراطية، ثم نقل السيطرة إلى سلطة فلسطينية مُصلحة بعد تنفيذ الإصلاحات. إجراء انتخابات محلية، ثم انتخابات لرئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي.
- محور إعادة التأهيل والتنمية الاقتصادية: إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية وتقديم المساعدة اللازمة لسكان قطاع غزة؛ التسريح المالي؛ تنمية القطاع الخاص؛ إنشاء منطقة تجارة حرة ووضع خطة للتنمية الاقتصادية.
- محور مكافحة التطرف وتعزيز الصمود الاجتماعي: الاستثمار في نظام تعليمي مُصلح يركز على قيم الاعتدال والتسامح. الإصلاح الديني – وقف التحريض والتحريض الديني؛ دعم ضحايا الصدمات النفسية؛ دمج النساء والشباب في سوق العمل والخدمة المدنية. يجمع هذا المحور بين “أربعة أركان” – نزع السلاح، ومكافحة التطرف، والديمقراطية، والتنمية الاقتصادية والشخصية.
- المحور السياسي الإقليمي – في حال إحراز تقدم حقيقي وملموس في هذه العملية الصعبة – تحقيق الاستقرار وخفض التصعيد الأمني، ونزع السلاح، والحكم الرشيد للسلطة الفلسطينية – سيتم توسيع نطاق هذا المحور ليشمل أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، ومن ثم إطلاق عملية سياسية لإقامة دولة فلسطينية بمشاركة الولايات المتحدة والدول العربية والاتحاد الأوروبي.
مراحل التنفيذ
المرحلة الأولى – الاستقرار الأمني
وقف كامل لإطلاق النار واستعادة آخر مساحة محتلة من قبل إسرائيل من قبضة حماس؛ التزام مبدئي من جميع الأطراف بنزع السلاح الكامل من غزة؛ إنشاء مجلس السلام كهيئة انتقالية دولية ذات ولاية واضحة لإعادة إعمار غزة ومواكبة الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، وإنشاء قوة الاستقرار التابعة لقوات الأمن الإسرائيلية، والشرطة الفلسطينية، وتشكيل حكومة تكنوقراطية كأساس لإنهاء الحرب (وفقًا للقرار 2803)؛ وتكثيف الجهود الإنسانية وتقديم مساعدات واسعة النطاق لإنعاش سكان غزة.
المرحلة الثانية – التركيز على نزع السلاح والتعافي
- الأمن: تفعيل عناصر خطة نزع السلاح وإعادة الإعمار والتعافي التي تركز على نزع السلاح – “الأسلحة مقابل مكافأة”؛ وبرنامج إعادة شراء الأسلحة – ممول من صندوق دولي تديره هيئة السلام، وبدء عمل الشرطة الفلسطينية بمساعدة قوات الأمن الإسرائيلية؛ والتركيز على جمع الأسلحة الثقيلة والهجومية، وهدم البنية التحتية للأنفاق ومنشآت إنتاج وتخزين الأسلحة في قطاع غزة.
- البنية التحتية: إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية: المياه، والكهرباء، والصرف الصحي، والمستشفيات، والمدارس المؤقتة.
- اقتصاديًا: إنشاء صندوق استئماني لقطاع غزة تديره البنك الدولي وبنك فلسطين كقناة واحدة خاضعة للإشراف لجميع أموال إعادة التأهيل. الانتقال التدريجي إلى المدفوعات الرقمية (المساعدات، والرواتب، والقسائم) عبر محافظ رقمية خاضعة للإشراف، والحد من التعامل النقدي، وقطع العلاقات مع البنوك ومكاتب الصرافة التي تسيطر عليها حماس.
- اجتماعيًا – مكافحة التطرف: إضفاء الطابع المؤسسي على علاج الصدمات النفسية، لا سيما للأطفال وذوي الإعاقة، كجزء من مفهوم إعادة التأهيل؛ إنشاء بنية تحتية للمدارس بمناهج دراسية تُعنى بالتسامح ومكافحة التطرف.
المرحلة الثالثة – مواصلة عملية الانتقال إلى نزع السلاح، والحكم الفلسطيني المعتدل والفعال، وبدء إعادة الإعمار.
- أمنيًا: الانتقال من جمع الأسلحة الثقيلة إلى جمع الأسلحة الخفيفة، وتفكيك ما تبقى من الأجنحة العسكرية لحماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى، ودمج آلية “التسليم الطوعي + الإنفاذ الموجه” من قبل الشرطة الفلسطينية وقوات الأمن الداخلي.
- إعادة الإدماج: “أسلحة من أجل مستقبل أفضل” – برامج توظيف لمن ينبذون الإرهاب، ويسلمون أسلحتهم، ويتعهدون بعدم الانخراط فيه (الإدماج في الأشغال العامة، وإعادة الإعمار، والهدم، والبناء)؛ التدريب المهني، ومسارات العفو المشروطة بعدم العودة إلى العنف.
- الاقتصاد وإعادة الإعمار: الانتقال من البقاء إلى النمو – بدء خطة التنمية الاقتصادية التي ستُصاغ في ميزان المدفوعات. تخطيط وبدء تنفيذ مشاريع بنية تحتية ضخمة (الإسكان، والنقل، والطاقة)؛ إنشاء منطقة تجارة حرة/منطقة اقتصادية خاصة؛ تطبيق نموذج التسريح المالي الكامل – المدفوعات الرقمية فقط لمشاريع إعادة التأهيل ومراقبة كل دولار.
- مكافحة التطرف والديمقراطية: منع التحريض والتحريض على شبكات الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي؛ الإشراف على أنشطة المساجد والخطابة؛ مشاركة السكان في العمل السياسي؛ دمج دولة الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ عمليات مكافحة التطرف في المجتمع الفلسطيني.
- الاقتصاد وإعادة الإعمار: منع التحريض والتحريض على شبكات الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعي؛ الإشراف على أنشطة المساجد والخطابة؛ مشاركة السكان في العمل السياسي؛ دمج دولة الإمارات العربية المتحدة في تنفيذ عمليات مكافحة التطرف في المجتمع الفلسطيني.
- الاقتصاد وإعادة الإعمار سياسياً: تقديم تحديثات دورية لمجلس الأمن بشأن التقدم المحرز في الإصلاحات وإعادة التأهيل، وذلك كأساس لدمج السلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، بل وتشجيعها على الوفاء بالتزاماتها من خلال التعهد بالانضمام إلى “اتفاقيات إبراهيم”.
المرحلة الرابعة: الانتقال التدريجي إلى سلطة فلسطينية مُصلحة وفتح المسار السياسي.
الشروط الأساسية: إنجاز جزء رئيسي من إصلاحات السلطة الفلسطينية (سيادة القانون، والشفافية، والأمن الداخلي، والتشريع الخاص بـ”سلاح واحد”)؛ حلّ الميليشيات والهيئات المسلحة باستثناء الشرطة الفلسطينية؛ إصلاح أجهزة الأمن الفلسطينية وتقليصها إلى جهاز استخبارات وقوة شرطة فلسطينية فعّالة في تنفيذ عمليات التسريح وفي إرساء القانون والنظام.
- على الصعيد المؤسسي: يدمج مجلس الشؤون العامة في السلطة الفلسطينية، التي أصبحت السلطة المدنية السيادية المباشرة في قطاع غزة. ويستمر مجلس السلام في الإشراف على تنفيذ عملية التسريح، وإدارة وتمويل عملية إعادة الإعمار.
- على الصعيد الأمني: تتقلّص قوات الأمن الإسرائيلية وجودها، وتنتقل بشكل رئيسي إلى مهمة مراقبة وتحقق، مع الحفاظ على قدرتها على التدخل السريع. وينسحب الجيش الإسرائيلي وفقًا لمراحل متفق عليها، مع الحفاظ على محيط أمني.
- على الصعيد الاقتصادي وإعادة الإعمار: الانتقال من إعادة الإعمار الأساسية إلى التنمية الاقتصادية – تمكين القطاع الخاص الفلسطيني؛ والربط بالأسواق الإقليمية؛ حيث يعمل ميناء العريش في شبه جزيرة سيناء كطريق إمداد مباشر إلى القطاع؛ وتعديل الاتفاقيات الاقتصادية مع إسرائيل (تعديل اتفاقية باريس) لزيادة الاستقلال الاقتصادي الفلسطيني.
- على الصعيد السياسي: بدءًا من دراسة نتائج وتداعيات تنفيذ الخطوط العريضة في قطاع غزة، وصولًا إلى وضع خطة لتنفيذها في أراضي السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، بقيادة الولايات المتحدة وبمشاركة إسرائيل والدول العربية – الأردن ومصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة.
المرحلة الخامسة – الاستقرار طويل الأمد
- الأمن: استكمال عملية التسريح – لا وجود لأي تنظيمات مسلحة في قطاع غزة، والأسلحة محصورة في أيدي قوات الشرطة الفلسطينية، مع وجود آلية فعّالة للمراقبة والتحقق.
- البنية التحتية وإعادة التأهيل الشامل: إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية (السكن، النقل، الطاقة، المياه) واستكمال المباني العامة. تتحول غزة من دولة تعتمد على المساعدات إلى دولة تنموية مانعة للصراع: توفير فرص العمل، وزيادة الصادرات، وتعزيز الابتكار.
- مكافحة التطرف بشكل جذري: بناء مجتمع مدني قوي، وتعزيز قيادات بديلة معتدلة، وتطهير النظام التعليمي وإصلاح المناهج الدراسية ومحتوى الكتب المدرسية، وترسيخ الشرعية الدينية في مواجهة التطرف، وتفكيك مخيمات اللاجئين، وبدء حوار مدني إسرائيلي فلسطيني.
- المسار السياسي: الولايات المتحدة تفتح رسمياً حواراً سياسياً إسرائيلياً فلسطينياً على “أفق سياسي”.
ملخص: الطريق إلى قيام الدولة الفلسطينية
تتضمن “خارطة الطريق” الموضحة في هذه المقالة خطوات واضحة، بدءًا من تحقيق الاستقرار الأمني الأولي، مرورًا بالتسريح العميق وإعادة تأهيل البنية التحتية، وصولًا إلى تشكيل كيان فلسطيني فاعل ومنزوع السلاح يتمتع بسيادة محدودة. وهي ترسم مسارًا تدريجيًا، لا خطوة واحدة، لمعالجة جميع المعضلات والتحديات المتعلقة بالوضع الراهن على الساحة الإسرائيلية الفلسطينية. في كل مرحلة، سيتم تحديد الأهداف وآليات الرقابة والشروط الأساسية للانتقال إلى المرحلة التالية، استنادًا إلى إثبات الأداء، دون تحديد جدول زمني مسبق.
علاوة على ذلك، لا تلتزم هذه الخارطة بنتيجة نهائية محددة مسبقًا، بل تُنشئ “مجموعة من الشروط” التي من شأنها تمهيد الطريق نحو قيام الدولة الفلسطينية. وتشمل هذه الشروط: التفكيك الكامل للمنظمات الإرهابية والفصائل المسلحة في الساحة الفلسطينية؛ وسحب معظم الأسلحة الثقيلة من قطاع غزة، ووضع معظم الأسلحة الخفيفة في أيدي الشرطة الفلسطينية؛ ووجود شرطة فلسطينية محترفة تعمل تحت حكم مدني فعال، مع احتكارها لاستخدام القوة. الإصلاحات المُطبقة في السلطة الفلسطينية: فصل السلطات، بما في ذلك قضاء مستقل، تشريعات لمكافحة الميليشيات والتحريض، انتخابات رئاسية وتشريعية حرة، حكومة فعّالة ومستقرة؛ نظام مالي رقمي شفاف، خالٍ من تمويل الإرهاب؛ نمو اقتصادي مستدام؛ خفض كبير في اعتماد إسرائيل على المساعدات الخارجية والرسوم الجمركية؛ صون حقوق الإنسان الأساسية، وحرية التعبير، ومجتمع مدني فاعل. إن استيفاء هذه الشروط سيمكن الولايات المتحدة من التوصية لمجلس الأمن بالاعتراف بكيان فلسطيني مستقل ذي سيادة محدودة.
* * *
يوصى بأن تقدم إسرائيل المخطط المقترح مع إبداء استعدادها لتنفيذه، شريطة استيفاء الشروط اللازمة لإتمامه ونجاحه. قد تنهار العملية بسبب الشروط الأساسية، ولا سيما القيود المفروضة على الجانب الفلسطيني والمتعلقة بمحدودية القدرة على تحييد قوة حماس التخريبية، وإقامة فضاء فلسطيني منزوع السلاح من القدرات العسكرية والإرهابية، مع حكم مستقر وفعّال ومعتدل وفقًا لرؤية “سلطة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد”. ومع ذلك، حتى في حالة انهيار العملية هذه، فإن مجرد وضع الخطوط العريضة على جدول الأعمال سيساعد إسرائيل على استعادة شرعيتها الإقليمية والدولية، وعلى هذا الأساس، المطالبة، بدعم من إدارة ترامب، بتوسيع وتعميق “اتفاقيات أبراهام” والتعاون الإقليمي متعدد التخصصات.



