ترجمات عبرية

معهد القدس للإستراتيجية والأمن: إحالة موضوع الاحتلال إلى محكمة العدل الدولية: ماذا يجب أن تفعل إسرائيل؟

معهد القدس للإستراتيجية والأمن 2022-12-09، المحامية يعفا سيغل*: إحالة موضوع الاحتلال إلى محكمة العدل الدولية: ماذا يجب أن تفعل إسرائيل؟

في 6 تشرين الثاني اتخذت لجنة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بإنهاء الاستعمار قراراً طلبت فيه من محكمة العدل الدولية إبداء الرأي بالنواحي المتعلقة بالاحتلال الإسرائيلي. وقد اتُخذ القرار بأغلبية 98 دولة، ومعارضة 17، وامتناع 52 دولة عن التصويت.

وسيدخل قرار اللجنة حيز التنفيذ فقط عندما تقره الجمعية العمومية للأمم المتحدة. وبالاستناد إلى تجربة الماضي هناك احتمال كبير بأن تجري الموافقة على رأي محكمة العدل الدولية.

ويوجه طلب إبداء الرأي إلى محكمة العدل الدولية التي تعمل على مناقشة النزاعات بين الدول بعد موافقتها (يجب التفريق بين محكمة العدل الدولية وبين المحكمة الجنائية الدولية، إذ إن مهمة الأخيرة البحث في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية). بالإضافة إلى ذلك يتم اللجوء إلى محكمة العدل الدولية من أجل إبداء الرأي في مسائل قانونية توجهها إليها الجمعية العمومية للأمم المتحدة.

واجهت إسرائيل في الماضي رأي محكمة العدل الدولية في سنة 2004، عندما طُلب من المحكمة إبداء رأيها في موضوع الجدار الأمني الذي شيدته إسرائيل في أعقاب الهجمات التي وقعت خلال الانتفاضة الثانية. وفي حينه قررت إسرائيل عدم التعاون مع المحكمة. وقد أثبتت نتائج هذه الخطوة صحة الفرضية الأساسية الإسرائيلية بأن هذا الإجراء لن ينفذ بصورة موضوعية ومهنية. ورأت محكمة العدل الدولية أن «جدار الفصل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية هو نوع من الضم وهو غير قانوني». وطلب القضاة من إسرائيل «الوقف الفوري لأعمال بناء الجدار في «المناطق» الفلسطينية المحتلة وأيضاً في القدس الشرقية، وتعويض كل المتضررين»، بعكس الموقف الإسرائيلي من الموضوع.

صحيح أن محكمة العدل الدولية كالمحكمة الجنائية الدولية هي ظاهرياً كيان قانوني وليس سياسياً، لكن تعيين القضاة هو عملية سياسية نموذجية في الأمم المتحدة. لذلك تختار دولة إسرائيل بصورة منهجية عدم المشاركة في الإجراءات المنحازة المتخذة ضدها في إطار المؤسسات الدولية. وهذه المرة أيضاً ليس هناك شك في أن المحكمة ستحكم في الموضوع بصورة غير موضوعية، ويجب ألا نوهم أنفسنا بأن دولة إسرائيل ستحظى بمحاكمة عادلة. كما أن فحص لهجة السؤال وطريقة صوغ السؤال القانوني يدل على الانحياز ضد إسرائيل:

ما التداعيات القانونية الناجمة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولاحتلالها الطويل واستيطانها وضمها للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، بما في ذلك الإجراءات التي تهدف إلى تغيير التكوين الديموغرافي وطابع مدينة القدس واتخاذها قوانين وإجراءات تمييزيه ذات صلة؟

هذه المسائل التي هي في جوهر النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني تعرض هنا وفقاً للصيغة الفلسطينية. وهي ليست المرة الأولى التي تتبنى فيها محكمة دولية موقفاً معادياً لإسرائيل يحاول نزع الشرعية القانونية عن المواقف الإسرائيلية مثل الرأي بشأن الجدار، أو قرار المحكمة الجنائية الدولية بأن لديها صلاحيات محاكمة إسرائيل في الشأن الفلسطيني.

تجدر الإشارة إلى أنه بعكس الإجراءات القانونية التي تتخذها المحكمة الجنائية الدولية، فإن إجراءات محكمة العدل الدولية ليست ملزمة قانونياً ولها صفة توصيات أو إبداء رأي فقط.

ومع ذلك، فإن هذه الآراء تسيء إلى إسرائيل بسبب الهالة التي تحيط بالمحكمة ومكانتها. وللرأي القانوني وزن كبير في الساحة الدولية. وفعلاً، فإن إبداء الرأي بشأن إقامة جدار الفصل مذكور في عدد كبير من التقارير والإدانات من جانب منظمات المجتمع المدني في شتى أنحاء العالم، وفي قرار مجلس الأمن الرقم 2334، وفي قرارات مجلس حقوق الإنسان، وفي منظمة اليونيسكو ولدى جهات دولية أُخرى، كما أنه موجود في برلمانات دول عديدة. فمثلاً في دول مثل إيرلندا وتشيلي جرى تقديم اقتراحات قوانين تطالب بالإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية كل نشاط اقتصادي يجري وراء الخط الأخضر. وقد حظيت هذه القوانين بتأييد سياسي واسع النطاق في الدولتين، وجرى توقيفها بفضل إجراءات قانونية ودبلوماسية قامت بها إسرائيل. يبرز هنا جيل شاب وصل إلى مواقع التأثير في السياسة وفي الأمن والإعلام، ونشأ وترعرع على وعي كاذب بأن إسرائيل دولة إجرامية. ويشكل الرأي القانوني ظاهرياً مصدراً أكثر أهمية من القرارات السياسية التي تتخذها الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، وهو يعزز الموقف الأيديولوجي المعادي لإسرائيل. ولا تجري الجهود الرامية إلى نزع الشرعية عن إسرائيل على المستوى السياسي الدولي فحسب، بل تظهر أيضاً من خلال مبادرات المقاطعة الاقتصادية والثقافية والأكاديمية. وكل هذه المبادرات ستلقى جرعة تشجيع من الرأي القانوني لمحكمة العدل الدولية.

وعلى الرغم من الرأي غير الملزم لمحكمة العدل الدولية، فإنه يمكن استخدامه في مؤسسات أُخرى للإساءة إلى إسرائيل. على سبيل المثال يمكن لهذا الرأي أن يؤثر في قرارات المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيقات ضد زعماء إسرائيليين يمكن أن تؤدي إلى صدور أوامر اعتقال أو عقوبات دولية.

إن اتخاذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات ضد إسرائيل يشكل تهديداً لها، ويطرح تحديات كبيرة على منظومة علاقات إسرائيل مع دول العالم وحتى مع الدول الصديقة المقربة. ومن الصعب في هذه المرحلة تقدير حجم الضرر الناتج من القرار الجديد والرأي القانوني لمحكمة العدل الدولية الذي سيأتي من بعده.

لكن، وعلى الرغم من الموقف الإشكالي لإسرائيل في المؤسسات الدولية، فإنها تواصل تحسين علاقاتها الثنائية مع دول كثيرة: التوقيع على اتفاقات سلام جديدة، والاستمرار في ترسيخ نفسها كدولة عظمى تكنولوجياً وعلمياً وعسكرياً. ومع ذلك، من المهم الاعتراف بمخاطر التحركات القانونية ضد إسرائيل.

يتعين على إسرائيل الاستمرار في عدم التعاون مع محكمة العدل الدولية. صحيح أن عدم وجود مثل هذا التعاون لن يدفع قدماً بقرارات أفضل حيال إسرائيل، لكنه على الأقل يعبّر عن موقف حازم يرفض الاعتراف بشرعية الإجراءات المتخذة ضد إسرائيل، ويتيح لها مهاجمة الإجراءات والمحكمة بسبب موقفها السياسي المعادي لها.

كما تحتاج دولة إسرائيل إلى تعزيز موقفها على المستوى الثنائي من أجل تغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة. وينطبق هذا على الدول الصديقة في شتى أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا وفي أماكن أُخرى. وعلى إسرائيل إعطاء الأولوية للمطالبة بتغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة من جانب الدول المستفيدة من التعاون الاستخباراتي والتكنولوجي والعسكري ومن الابتكارات التكنولوجية.

* خبيرة في القانون الدولي والعلاقات الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى