#ترجمات عبرية

معهد الامن القومي الاسرائيلي (INSS): العلاقات بين السعودية وحركة حماس تواجه منعطفاً؟

معهد الامن القومي الاسرائيلي (INSS) 8-5-2023، يوحنان تسوريف ويوئيل غوزانسكي: العلاقات بين السعودية وحركة حماس تواجه منعطفاً؟

في إطار زخم الاتفاقات والترتيبات بين أطراف ودول في الشرق الأوسط ، هناك تقارب في العلاقات بين السعودية وحركة حماس ، وهو ما انعكس في زيارة قيادة حماس للمملكة وإطلاق سراح رئيس الوزراء. سجناء من التنظيم كانوا مسجونين هناك. من حيث المبدأ ، يجب ألا يضر التقارب بين السعودية وحماس بعملية التطبيع بين دول المنطقة وإسرائيل ، طالما يُنظر إلى إسرائيل على أنها لاعب ديمقراطي مستقر يساهم في الاستقرار الإقليمي.

يوحنان تسوريف
يوحنان تسوريف

قيادة حماس، بما فيها رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية، زارت السعودية في نيسان 2023. رافق هنية خالد مشعل وموسى أبو مرزوق، رئيسا المنظمة السابقين، اللذان يواصلان تولي مناصب رفيعة، وكذا خليل الحية، نائب يحيى السنوار ورئيس مكتب الإعلام في المنظمة.

أثارت الزيارة اهتماماً شديداً بسبب القطيعة منذ 2007 بين المملكة السعودية وحماس، والتوتر الذي رافق شبكة العلاقات بينهما على مدى السنين المنقضية. كانت حماس تعتبر فصيلاً كفاحياً للإخوان المسلمين يبقي على علاقات مع إيران، الخصم المركزي للمملكة. وكان “الإخوان المسلمون” قد أُدخلوا عام 2014 في قائمة منظمات الإرهاب في السعودية، وأُدخل نشطاؤهم، بمن فيهم حماس، السجون. في 2021 فرضت الرياض عقوبات جسيمة بالسجن بلغت حتى 22 سنة على 64 من كبار رجالات المنظمة وناشطيها بتهمة تبييض الأموال ودعم الذراع العسكري للمنظمة. بين المحكوم عليهم بالسجن الطويل (15 سنة) رئيس بعثة حماس إلى المملكة د. محمد الخضري، الذي أطلق سراحه في تشرين الأول 2022 وتوفي. وألمح خالد مشعل في إحدى لحظات الإحباط من السعودية، بأن الاعتقالات كانت تستهدف إرضاء إسرائيل، على خلفية تقربها من المملكة.

يوئيل غوزانسكي
يوئيل غوزانسكي

جرت الزيارة الأخيرة لوفد حماس إلى السعودية في 2015، ورسمياً كانت بهدف العمرة، لكنها تضمن لقاءات مع ولي العهد محمد بن سلمان، وزير الدفاع ورئيس المخابرات السعودية. لم ترض نتائجها رجال حماس، الذين أملوا بتغيير السياسة تجاه المنظمة وأساساً في مسألة السجناء. أما الزيارة الحالية فكانت تستهدف هي الأخرى، حسب ما قاله الضيوف، العمرة أيضاً. لكن بقدر ما هو معروف، قبل عودة وفد حماس إلى الدوحة، لم تعقد في أثناء الزيارة لقاءات بينه وبين محافل سعودية رسمية (أو عقدت ولكن لم يعلن عنها). جاءت كل المعلومات في هذا الشأن من مصادر مقربة من حماس.

الاهتمام الذي تثيره الزيارة ينخرط في ميل التحسن الواسع، الواضح مؤخراً، في شبكة العلاقات بين الدول العربية وبينها وبين تركيا وإيران وسوريا والمنظمات المقربة منهم. بالتوازي، مع زيارة وفد حماس، وأغلب الظن لبث نهج متوازن مع السلطة الفلسطينية دعي محمود عباس رئيس السلطة أيضاً إلى وليمة إفطار في الرياض في أثناء زيارة وفد حماس للمملكة. يوجد في هذا التقرب إلى السلطة الفلسطينية، ما هو من قبيل التغيير؛ إذ إن السعودية أظهرت بروداً تجاه عباس في السنوات الأخيرة، بل وجمدت بين الحين والآخر مساعدتها للسلطة عقب عدم رضاها من موقف عباس المتصلب برأيها تجاه خطة ترامب وانطلاقاً من الاهتمام بالتأثير على هوية من سيحل محله. موعد الزيارتين القريب أثار التفكير باحتمال أن تعزز الرياض نفوذها في قطاع غزة، وربما تحقيق مصالحة بين حماس والسلطة الفلسطينية، وقد يكون هذا على أساس اتفاق المصالحة بين حماس وفتح في 2007 “اتفاق مكة” الذي لم ينفذ. على أي حال، كان أعلن عن زيارة عباس إلى الرياض.

في 2021 بدأت حماس تنفذ استراتيجية جديدة هدفها انهيار السلطة الفلسطينية من الداخل وتعزيز مكانة المنظمة كجهة مركزية سواء في المعادلة الإسرائيلية – الفلسطينية أم كلاعب سياسي ذي صلة في المنطقة. والهدف إجبار إسرائيل وعموم الجهات ذات الصلة على الاعتراف بحماس كجهة جديرة بأن تكون عنواناً فلسطينياً عاماً. بعد حملة “حارس الأسوار” في أيار 2021 أعرب قادة المنظمة عن شكر علني لإيران على مساعدتها الواسعة لحماس نفسها ولـ “المقاومة” الفلسطينية – تمويل الأعمال وتوفير العلم والكثير والعتاد. خطاب الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي بث في قطاع غزة في “يوم القدس” في نيسان 2023، وكذا خطاب قائد “فيلق القدس” الذي بث في اليوم إياه في السنة السابقة، عبرا عن شكر حماس لإيران.

زيارة قادة حماس إلى السعودية وتحرير سجناء حماس الذين احتجزتهم المملكة في الأشهر التي سبقت الزيارة وما تلاها من تحريرات، يجب أن ترى في سياق تطورات إقليمية تقودها المملكة في معظمها. موسى أبو مرزوق، المسؤول عن العلاقات الخارجية لحماس، حاول عشية الزيارة إلى الرياض إصلاح الانطباع الذي نشأ عقب إطلاق الصواريخ إلى الأراضي الإسرائيلية في نيسان من قبل المنظمة من لبنان ومن قطاع غزة، والتصعيد الناجم جراء التوتر الإسرائيلي – الفلسطيني حول المسجد الأقصى في رمضان، بأن حماس أصبحت جزءاً من محور “المقاومة” الذي تقوده إيران، فأوضح بأن حماس كانت ولا تزال منظمة مستقلة لا تنتمي لهذا المحور أو ذاك. واستهدفت الرسالة إطفاء حساسية سعودية معروفة في هذا السياق.

هل تتطور سياسة سعودية جديدة تكون حماس هي الكاسبة منها؟ وإذا كان كذلك، كيف ينبغي فهم الزيارة الموازية لعباس إلى الرياض، حيث استقبل بتشريفات محظوظة لرؤساء الدول؟ يبدو أن زيارة وفد حماس كانت مدماكاً إضافياً في السياسة الجديدة التي تتخذها السعودية، وغايتها تقليص التوترات والعداء بينها وبين دول في المنطقة في صالح الدفع قدماً بالمشاريع الكبرى وزخم التنمية التي بدأت فيها. أحد تعابير هذه السياسة هو تخفيف حدة العداء تجاه الإسلام السياسي. إن العلاقات مع حماس التي هي جزء من هذا التيار ومقربة جداً من إيران، هي جزء من هذا الميل.

في الوقت نفسه، استهدفت دعوة عباس لزيارة موازية، الإشارة لكل الجهات ذات الصلة، بما فيها إسرائيل، بأن هذه ليست انعطافة سياسية، بل سعي إلى التوازن على خلفية الجهد لتقليص الأضرار في ضوء سلم أولويات إقليمية ودولية متغيرة. السعودية، التي دعت سوريا للمشاركة في القمة العربية التي ستنعقد في 19 أيار بالرياض، بعد أن عملت على إعادتها إلى الجامعة العربية، تسعى للعودة إلى أخذ أدوار قيادية إقليمية مركزية وجمع العالم العربي حولها في ظل استخدام أدواتها التقليدية للنفوذ – التمويل والوساطة – وهجر المحاولات العقيمة لتغيير الواقع الإقليمي بوسائل عسكرية.

من ناحية إسرائيل، وبقدر كبير أيضاً من ناحية الولايات المتحدة، فإن الرسالة التي تنشأ عن هذه التطورات هي أنه على خلفية نشوء آلية وموازين قوة جديدة في المنطقة تبعث توقعات لاتخاذ موقف بل ودور من جانب لاعبين في المنطقة ستثور مصاعب كبيرة للحفاظ على الجمود المتواصل بالنسبة للمسألة الفلسطينية. فضلاً عن ذلك، فإن التقرب بين السعودية وحماس كفيل بأن تكون له آثار إيجابية أيضاً؛ إذ إنه من المحتمل أن يكون هناك تأثير متزايد ولاجم من المملكة على المنظمة – ربما على حساب العلاقات بينها وبين إيران.

ومع ذلك، فإنه وإن كانت خطوات المصالحة الإقليمية التي اتخذتها السعودية مؤخراً لا تستهدف وقف ميل التطبيع بينها وبين إسرائيل، فإنه قد تم إبطاؤه بشكل واضح؛ فتشكيلة حكومة إسرائيل الحالية تثير تساؤلات في المنطقة (مثلما في الساحة الدولية أيضاً) عقب التآكل في صورة إسرائيل كديمقراطية مستقرة وكحليف مركزي للولايات المتحدة في المنطقة، وكذا عقب ضعف صورة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كزعيم قوي. يصعب على السعودية في مثل هذا الواقع أن ترى في العلاقات مع إسرائيل بديلاً عن محاولات تهدئة التوترات مع خصوصها في المنطقة، وأساساً مع إيران. فالاستقرار السلطوي كان في نظر جيران إسرائيل أحد مصادر قوتها وأحد الأسباب التي حركتهم للتقرب إليها.

https://www.inss.org.il/he/person/guzanskyyoel/

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى