ترجمات عبرية

معاريف: هجمات الدوحة هزيمة استراتيجية

معاريف 14/9/2025، أنا برسكي: هجمات الدوحة هزيمة استراتيجية

لقد اثبتت إسرائيل مرة أخرى بانها تعرف كيف تصل الى أي هدف، في كل مكان، حتى في قلب الدوحة. لكن بالتوازي اكتشفت أيضا ضعفها: عدم قدرتها على التفكير لبضع خطوات الى الامام.

لنضع جانب للحظة نتائج العملية، الأهداف التي حددت، والسؤال اذا كانت تحققت أم لا. الهجوم في عاصمة قطر فتح جبهة جديدة، سياسية واستراتيجية، أساسا حيال صديقتها الأقرب – الولايات المتحدة.

مجلس الامن في الأمم المتحدة، الهيئة التي يصعب عليها غير مرة الوصول الى توافقات، نجح هذه المرة في توحيد كل أعضائه الـ 15، بما فيها الولايات المتحدة، في شجب حاد لإسرائيل.

هذا حدث استثنائي: واشنطن، الحامية التقليدية لإسرائيل، اضطرت لان تنضم الى وثيقة تتحدث عن مس بسيادة قطر وتعرب عن “اسف عميق” على فقدان حياة مواطنين. لقد تلقت إسرائيل صفعة علنية، ليس من طهران او من موسكو بل من صديقتها الأكبر خلف البحر.

رئيس وزراء قطر، محمد آل ثاني ادعى بان إسرائيل تخلت عن المخطوفين وألقت قنابل في الوقت الذي يبحث فيه زعماء حماس مقترح وقف النار الأمريكي. “إسرائيل لا تراعي الرهائن”، قال. مع ذلك تعهد الا تتخلى قطر عن دورها كوسيط.

بالمقابل، سارعت حماس للإعلان بان الهجوم لن يغير مطالبها. بمعنى: لا إنجازا عسكريا واضحا، بل ضرر سياسي جسيم.

حتى الرئيس ترامب، الشريك شبه التلقائي لإسرائيل، بدا في الأيام الأخيرة كمحبط. “أنا جد غير راض”، هكذا وصف احساسه. مجرد حقيقة انه اضطر لان يتحفظ علنا ويضيف بانه يأمل في أن الخطوة “لن تضر بالمفاوضات على المخطوفين”، تدل على عمق الشرخ. التنسيق مع البيت الأبيض – كما يخيل، ضاع هباء بين السماء والبحر.

في دول عربية كثيرة يرون في الهجوم في الدوحة ليس فقط عملا عسكريا بل أيضا خطوة تضعضع الاستقرار. إسرائيل تتخذ صورة جهة مهددة، بل وأحيانا حتى اكثر من طهران. الإحساس في الخليج هو أن الردع الإسرائيلي يترجم الى مغامرة خطيرة – مغامرة يمكنها أن تؤدي الى ارتباطات جديدة بين قطر وايران بل وتعزيز تحالف إقليمي ضد إسرائيل.

في إسرائيل نفسها، من الصعب إيجاد خبير واحد يصور الهجوم كنجاح استراتيجي. ثمة من حذر من أن من شأن الخطوة ان تقرب قطر من ايران وتخلق تحالفا إقليميا معاديا. آخرون شددوا بان الخطوة تعرض للخطر صفقة المخطوفين في المدى القصير وتعمق العزلة السياسية لإسرائيل في المدى البعيد. وحتى أولئك الذين لا ينتمون حقا لمعارضي او متقدي الحكومة ورئيسها، بل العكس – قريبون ومقربون – يصفون العملية بانها “تفويت مزدوج”: نتيجة عملياتية جزئية وضرر للعلاقات مع الولايات المتحدة على حد سواء. الصورة التي تنشأ عن كل هذا جلية وواضحة: إسرائيل تعمل انطلاقا من مفهوم القوة العسكرية – “يمكن، إذن نفعل”، لكنها تدفع ثمنا متراكما في الساحة السياسية. بتعابير أخرى، خطوة تكتيكية، مشكوك أن يكون ممكنا وصفها كنصر تكتيكي، يصبح هزيمة استراتيجية. الهجوم لم يدفع قدما بإعادة المخطوفين، بل ابعد الولايات المتحدة، ومنح ايران وحماس هدايا في الوعي وفي الدبلوماسية.

لمجلس الامن لن تكون خطوات عقاب عملية، لكن مجرد الشجب الأمريكي – حتى وان كان رقيقا – هو ضوء تحذير خطير. قطر أعلنت منذ الان بانها ستواصل الجهد الدبلوماسي. لكن بالتوازي ستطرح الهجوم على بحث إضافي في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وستنظر في خطوات قانونية.

الرسالة واضحة: إسرائيل يمكنها ان تستخدم القوة العسكرية في كل نقطة على المعمورة، لكنها اذا واصلت التصرف هكذا، دون دمج لتفكير سياسي استراتيجي – سنجد أنفسنا معزولين، ضعفاء دبلوماسيا، مهددين بقدر لا يقل من خسارة حلفاء مما من اعدائنا الالداء.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى