ترجمات عبرية

معاريف: مسافة خطوة الى الدكتاتورية

معاريف 24/12/2025، أفرايم غانورمسافة خطوة الى الدكتاتورية

كل يوم يمر ويقربنا من موعد الانتخابات يرفع درجة الحرارة السياسية والاجتماعية الى مستوى لم نشهد مثيلا له، فيما أن من جلب علينا هذا الكرب هي هذه الحكومة. حكومة غيرت بشكل متطرف ومقلق المناخ في دولة إسرائيل في غضون ثلاث سنوات، وتدوس بقدم فظة كل قطعة طيبة في الدولة اليهودية – الديمقراطية – الصهيونية التي قامت على اساسات وثيقة الاستقلال.

من ينظر بعيون مفتوحة الى ما يجري هنا في السنوات الثلاثة الأخيرة لن يصعب عليه ان يلاحظ ان دولة إسرائيل المتنورة توجد على مسافة خطوة عن دكتاتورية بشعة ومقلقة. المحكمة العليا أصبحت القلعة الأخيرة للديمقراطية، خط الدفاع الأخير. وهي تقف في هذه الساعات كالسور المنيع كي تحمي الدولة من قرارات وقوانين هاذية تعمل هذه الحكومة على تمريرها بكل ثمن، واساسا من اجل بقائها وحوكمتها المشكوك فيها التي تقوم على أساس القوة، المال والكبرياء.

ان قائمة المبادرات التشريعية المدوية طويلة: قانون الاعفاء من التجنيد للحريديم، لجنة تحقيق سياسية لـ 7 أكتوبر. محاولة اقالة المستشارة القانونية وتقسيم منصبها، التشريع ضد وسائل الاعلام الحرة وغيرها وغيرها.

واكثر من كل شيء، تتميز هذه الحكومة بقدرتها على القاء المسؤولية عن الإخفاقات على كل شيء، ان تتنكر بشكل مطلق لاي مسؤولية وان تجد بسهولة المسؤولين عن كل مشاكل شعب إسرائيل. وغير مرة يترافق هذا ووابل من الأكاذيب والادعاءات المتهالكة. من شاهد المقابلة الصحفية المشوقة لعمري اسنهايم، مع الناطق بلسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ايلي فيلدشتاين تعرف على فصل إضافي وبشع لسلوك هذه الحكومة واساسا من يقوم على رأسها. واضح تماما انه في كل دولة سوية العقل، كانت مثل هذه الحكومة ستنهي طريقها منذ زمن بعيد.

في هذه الأيام، فيما أن الانقلاب النظامي الذي اعلن عنه يريف لفين يتلقى طابعا واضحا من الدكتاتورية التي لا تتوقف، اخترت أن افحص كيف نشأت الدكتاتوريات والأنظمة الظلامية على مدى السنين. ولاسفي، وجدت غير قليل من الخطوط المتلاصقة بين تلك الأنظمة وسلوك حكومة إسرائيل اليوم. هكذا مثلا النظام في الاتحاد السوفياتي في عهد ستالين – لينين: الانقلاب بدأ باسم المساواة والعدل، مع وعد بحكم الشعب، وعلى الفور تحول الى سيطرة كاملة على وسائل الاعلام مع شرطة سرية (كي.جي.بي)، محاكمات استعراضية، تطهيرات ومعسكرات عمل.

مثال آخر هو النظام الظلامي لموسوليني في إيطاليا الفاشية. فقد ولد على خلفية فوضى سياسية واقتصادية خلقت خوفا من الشيوعية، التي اقلقت جمهورا واسعا. السياق كان الغاء برلمان فاعل، ملاحقة خصوم سياسيين، عبادة الزعيم وتشريع تدريجي مناهض للديمقراطية.

هكذا أيضا النظام الظلامي في فنزويلا، الذي بدأ في شافيز وانتقل الى مدورو. صحيح أن هذا بدأ بانتخابات ديمقراطية مع وعد بالعدالة الاجتماعية، لكن سرعان ما تدهور الى اضعاف المحاكم، تركيز القوة في يد الرئاسة وملاحقة المعارضة – ما دهور فنزويلا الى العنف والانهيار الاقتصادي.

وعليه، فان الاستناج هو ان الخطر على الديمقراطية لا يعني بالضرورة دبابات في الشوارع، بل قوانين وقرارات تمس باستقلالية جهاز القضاء، تشريع يردع وسائل الاعلام النقدية والدفع قدما بقنوات دعاية تخدم الحكومة.

وبالطبع، عبادة الزعيم، إذ انه في الدكتاتورية يعد النقد كخيانة.

كل واحد يمكنه أن يشخص المؤشرات المقلقة هذه في دولة إسرائيل هذه الأيام. ويجدر التشديد على ان الديمقراطيات لا تسقط عندما يسكت الجمهور – بل تسقط عندما يعتاد الجمهور.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى