ترجمات عبرية

معاريف: مثلما في سويسرا

معاريف 19/9/2025، ران أدليستمثلما في سويسرا

لنفترض انه كان يمكن تقدير مستوى الفجوة، الاختلاف والكراهية بين قبائل إسرائيل. لا توجد اليوم استطلاعات او ارقام او مقاييس تحدد كميا شدة العداء والفجوات العقلية والأيديولوجية بين القبائل التي تعيش في الدولة.

هذا التقويم للوضع يفترض لكل واحد ان يجريه بينه وبين نفسه وفقا لفهمه وتجربته. بما في ذلك كما آمل اطلالة اعمق الى داخل نفسه. ولن تكون مبالغة منفلتة العقال الافتراض بان الرسم البياني الذي يصف الهوة بين القبائل التي نتدهور اليها يناطح السماء. ليس اسبرطة واثينا بل اسبرطة من جهة واثينا من جهة أخرى.

السؤال هو هل يدور الحديث عن شرخ عضال ام مجرد احتكاك جيران لا يطاق. ام ربما هذا على الاطلاق معا كلنا ننتصر بأسلوب شهادة مركز الليكود. الخريطة القبلية تتضمن اجمالي كل العلاقات بين اليهود والعرب، بين اليمين واليسار، بين المتدينين والعلمانيين، المستوطنين ومعارضي الاحتلال. مع خلافات ثانوية واضحة لليبرالين – الديمقراطيين مقابل مؤيدي التدين؛ حريدين يعارضون التجنيد مقابل علمانيين ملزمي التجنيد؛ مؤيدو نظام ديمقراطي مقابل معارضيه. بما في ذلك أقليات مثل الدروز والبدو.

القاسيم المشترك للجميع هو انه يوجد لهم مزايا واضحة مثل الايمان الديني او تقاليد سلوك قبلي لا يساوم، مثل الحريديم والليبراليين – الديمقراطيين. معظم مواطني القبائل يعيشون في مجالات محددة جغرافيا، فيما أن الميل الحالي هو ان كل قطاع قبلي ينطوي على نفسه، والتسلل القطاعي الى “تجمعاتنا” السكانية يعمل في الفترة الأخيرة كما لم يعمل من قبل ابدا.

الحريديم للحريديم، لانهم يمكنهم ان يسمحوا لانفسهم ان يسلبوا الصندوق العام؛ عرب الى تجمعات سكانية عربية هكذا يدافعون عن انفسهم في وجه التمييز العنيف؛ تل ابيبيون من كل البلاد في الطريق الى تل ابيب إذ هناك تحفظ الهوية الديمقراطية – الليبرالية؛ مستوطنون الى الضفة (هناك بالذات يوجد تراجع في الإسكان)؛ وفقط أناس الصهيونية الدينية – القومية – المسيحانية يحاولون أن يحشروا أنفسهم في كل ثقب كي “يؤثروا” على محيطهم.

سنتان من حكم اليمين المتطرف اوضحتا للقطاع الليبرالي – الديمقراطي بان حقوقه تسلب على نحو مثابر. بدءا بمستوى الميزانية وانتهاء بمستوى التمييز في كل مجالات الحياة – من التعليم حتى الصحة، ومن البنى التحتية حتى الحقوق الديمقراطية الأساسية مثل حرية التعبير وحرية التظاهر. والضرر المفرق الأخير والأخطر هو حرب بلا هدف محدد، يفهم الجميع بانها حرب الفريضة القتالية لاجل قتل عملاق وحماية المتهم رقم 1 من السجن.

حكومة تخرج الى حرب يفترض بها، بشكل طبيعي ومنطقي، ان تروي لشعبها على ماذا ولماذا هي تقتل عدو وتقتل جنودها. في إسرائيل اليوم الحكومة معفية من هذه الحاجة لانها تبث ان الحرب تفرض عليها. دوما. لشدة الصدمة والعار، تنجح حكومة نتنياهو في اقناع قسم كبير من الشعب بان الحرب الحالية في غزة هي على وجودنا. تنكشف هذه الخدعة في الأيام الأخيرة كمؤامرة سياسية وشخصية مغرضة وشيطانية. وهي تنال زخم غضب في أوساط جماهير آخذة في الاتساع، على أمل ان يلتقي الضغط الداخلي الضغط الخارجي ويطير الحكومة.

هذا لن يحصل بين ليلة وضحاها. فالائتلاف – الذي ينحشر في مطارح العار من السجن وحتى النبذ – سيطلق النار في كل الاتجاهات وبكل الترسانة التي لديه بما في ذلك السلاح غير التقليدي مثل فرض القانون بعنف من جانب الشرطة وفرض قانون ذهني بمعونة وسائل اعلام مردوعة.

دولة إسرائيل لن تخرج من الازمة الحالية مثلما دخلتها. هذه ستكون دولة أخرى ومجتمع آخر. الإسرائيليون والاسرائيليات الذين دخلوا قبل سنتين الى جملة حروب في كل العالم مقابل كل العالم وأبناء عمومنا، هم ليسوا الإسرائيليين والاسرائيليات الذين سيخرجون منها اذا ما وعندما. لا يهم يمين او يسار، عربي او يهودي، متدين او علماني. حتى الحريديم سيخرجون بندب قاسية عندما تعرضوا للنار من جهة المستوطنين، الليبراليين الديمقراطيين والواقع القاسي لحاجة نيل الرزق.

وبعامة، كل أطياف المجتمع الإسرائيلي، بما في ذلك الجيش الاسرائيل ستجتاز مخاضات قيود القوة في سياقات الوعي والشفاء وبشدة النوبة التي تأتي بعد حقنة مخدرات مجنونة. والمستوطنون فقط من طائفة الصهيونية القومجية – المسيحانية سيبقون في المستقبل كما هم. بأمل ان هذه المرة لا يكونوا بوزن سياسي. عندما تتحقق نتائج جولة الدماء المجنونة الحالية، عندما تبدأ سياقات الصحوة هم سيكونون قومجيين اكثر، ومسيحانيين وعنيفين اكثر. الصدام المرتقب معهم في فك الارتبا 3 سيكون عنيفا مسلحا بايمان مشتعل. ليس مثل فك الارتباط 1، الذي حقق السلام مع مصر، فهذا الأخير سيطلق حربا أهلية يرفضون فيه أن يكونوا اهلا. وعن حق.

علاقات جيرة طبيعية

لا يوجد اليوم سبيل في العالم لإنقاذ النفس من بطانية الرقع الداخلية لقبائل إسرائيل، تلك التي تتقطع خيوطها، الا بتقسيمها الى نوع من المناطق المحددة، نوع من الكانتونات، التي تفصل بين القبائل وتسمح لكل قبيل بان تحافظ على هويتها من خلال اغلبية محلية. بالتوازي تنتخب حكومة فيدرالية تمثل الأحزاب الأيديولوجية ومواطني كل الكانتونات. الحكومة الفيدرالية ستكون مسؤولة عن سلامة وامن الشعب والدولة وتحكم من خلال دستور وقوة فيدرالية في صالح دولة يهودية، ديمقراطية وليبرالية؛ وعلى أمن الدولة والشعب من خلال جيش مشترك.

فضلا عن كبح قوى الشر المحلي في إسرائيل وفي محيطها، فان الحل الحقيقي للمدى المنظور ينبع من استعراض واعٍ لوضعنا كشعب ومجتمع في اللجة الجغرافية الاستراتيجية بين النهر والبحر. فالقرب الجسدي بين تجمعات سكانية يهودية وفلسطينية، في خطوط 1967 وخارجها، يجب أن يؤدي الى استخدام مشترك لبنى تحتية مشتركة والى علاقات جيرة طبيعية.

كل هذا على افتراض أن أحدا لا يريد أن يخوض حربا أبدية بأسلوب فتيان التلال الذين يتسللون الى مفترقات سياقات اتخاذ القرارات. ولا استمرار الابرتهايد العنيف الذي أدى الى وضع لا تكون فيه دولة إسرائيل، بعد انتهاء جولة الدم الحالية في غزة وفي الضفة الدولة ذاتها.

هذا سيحصل أيضا في الحكومة التالية، التي ستكون اغلب الظن حكومة يمين. هذا هو الواقع، يا غبي، وفي المدى المنظور يوجد لدولة إسرائيل تفوق قوة حاسم يسمح بإدارة التطبيع بوتيرتها. الاستنتاج العملي هو انه بين النهر والبحر سينشأ كيان مختلط اقتصادي – تجاري (الذي هو الحياة الحقيقية)، يؤدي في المستقبل الى دولة ثنائية القومية. ما يلزم دولة إسرائيل اليوم بان تبني منظومة داخلية تحمي استقلالها، امنها ووحدتها كدولة يهودية – بشروط الانقسام الحالية التي من شأنها أن تؤدي الى حرب أهلية.

نعم، يا اخواني، يمكن أن ننسى الحرب الاهلية. لا للسلاح، لا للاقتصاد ولا لشهية الحياة المشتركة بعد الاغتصاب الجماعي الذي يجري اليوم في الجسم الليبرالي – الديمقراطي. هذا بفرض غير معقول بان ننتصر على حماس بمعونة الدول العربية والسلطة الفلسطينية، ونصل الى المفاوضات بيننا وبين الفلسطينيين.

اذا كنتم لا تفكرون بجدية بانه يمكن ان نواصل الانتصار على أبرتهايد عنيف، فانه لاجل الوصول الى المفاوضات إياها كوحدة قومية واحدة، فاننا ملزمون بان نبدأ بتعزيز حكومة الكانتونات الفيدرالية التي تحافظ على الهوية اليهودية، على امنها، تمنع حرب أهلية وتجري مفاوضات على حل الدولتين المقبول من العالم ومن قسم من مواطني إسرائيل. يفترض بالمفاوضات ان تستمر خمس سنوات زائد على نمط المفاوضات بين مجتمعات مصابة بالحروب، المخاوف وجنون الاضطهاد.

بضع سنوات هدوء في تجمعات سكانية مكتظة ستجعل المنطقة منظومة علاقات اقتصادية – اجتماعية واحدة، تصبح كيانا ثنائي القومية، بين النهر والبحر. سيكون مشوقا.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى