ترجمات عبرية

معاريف: لنجرّب طريقاً ثالثاً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

معاريف 2023-05-19، بقلم: مئير غولانلنجرّب طريقاً ثالثاً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

محبطة هي تجربة التنقل بين الأستديوهات لشرح القاعدة البسيطة، الأولية: “لا توجد حرب، بل استمرار السياسة بوسائل أخرى”؛ ولا توجد لدينا سياسة تجاه “حماس”، ولا توجد سياسة تجاه السلطة الفلسطينية، ومنذ 15 سنة، منذ أن خبت مبادرة أنابوليس في عهد أولمرت ونحن عالقون في الموجة ذاتها التي لا تنتهي، والتي يقود فيها إسرائيل والفلسطينيون اشد المتطرفين الى مصيبة سياسية هي بمثابة مأساة يونانية شرق أوسطية عديمة الأمن.

ليس قدراً أن يكون الأمر على هذا النحو. فالدولة الأقوى في الشرق الأوسط، تلك المزودة بالوسائل القتالية الأكثر تطوراً، مع منظومة الدفاع الجوي الأفضل، ومع جودة القوة البشرية الأعلى، يمكنها أن تأخذ المخاطرة الفظيعة، وبالذات من مكان القوة، وان تحاول كسر الجمود السياسي – الامني الذي من شأنه أن يحكم عليها بالفناء. إسرائيل ملزمة بان تحسم الى اين تتجه: الضم أم الانفصال عن الفلسطينيين. ترسيم حدود واضحة ومعترف بها للدولة اليهودية، أم ضم ملايين الفلسطينيين، وانطواء مؤكد في تحول إسرائيل الى دولة أبرتهايد منبوذة وضعيفة ام الى دولة كل مواطنيها – نصفهم عرب ونصفهم يهود، وباحتمال عال ستعلق في حرب اهلية.

يوجد الكثير مما يمكن عمله من طرف واحد، طرفين، أو عدة اطراف. يمكن البدء ببناء خط الحدود المستقبلي لإسرائيل في ظل تقليص دراماتيكي في مستوى الاحتكاك المدني، وتهدئة التوتر الامني، وحفظ حرية العمل العملياتية للجيش و”الشاباك”. يمكن البدء بسلسلة مشاريع اقتصادية وبنى تحتية لصالح تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، ورفع مستوى المعيشة، ورفع ثمن الخسارة، وتعزيز قدرة الانفصال بين السكان. يمكن الربط بين كل المشاريع في خطة اقليمية للمساعدة الاقتصادية يشارك فيها الاردن، مصر، ودول الخليج. تصوروا ما الذي سيحصل في اليوم التالي لاعلان إسرائيل ان وجهتها هي نحو تحقيق رؤيا الدولتين، وبان خطة عملية للعمل على تحقيقها ستعرض قريبا وان التنفيذ سيبدأ بسلسلة خطوات من طرف واحد، لكن دون أن يتضرر أمن مواطني إسرائيل. هذه خطوة عديمة المخاطر الأمنية، كثيرة المخاطر السياسية والقومية، وهي تعبر عن إرادة أغلبية مواطني إسرائيل – التحرر من عبء السيطرة على ملايين الأشخاص ممن لا يريدون سيطرتنا، وضمان طابع إسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي – دولة حرة، متساوية وديمقراطية.

ستكون مبادئ هذه الخطة على النحو التالي: ضم نسب قليلة من اراضي الضفة، بما فيها معظم السكان الإسرائيليين، في ظل تعويض السلطة الفلسطينية بمناطق بمساحة مشابهة، وستحاط كل المستوطنات التي ستضم بعائق ارضي يضمن أمنها يضمن، وتقسيم القدس في ظل التنازل عن معظم الاحياء العربية في المدينة (ولمن نسي، نذكر بان القدس اليوم هي المدينة العربية الكبرى في إسرائيل)، لتصبح الأحياء العربية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية، ويكون غور الأردن بسيادة فلسطينية، لكن يسود فيه نظام أمني خاص في ظل حفظ سيطرة إسرائيل على معابر الأردن وفي خط المياه. تحفظ حرية العمل العملياتية للجيش و”الشاباك” في كل المنطقة ووفقا للواقع الأمني الذي ينشأ.

يمكن الانتقال الى تفاصيل اخرى، لكن يخيل أن لا حاجة في هذه المرحلة. يكفي أن تحقق إسرائيل البندين الأولين، وعلى الفور سنشهد آثار الإيجابية على الخطاب الداخلي، وحدة الصف القومية، المكانة الدولية، والوضع الإقليمي تجاه إيران وبشكل عام.

ان الصهيونية في نموذج 2023 تستوجب أخذ المبادرة والمسؤولية عن مستقبلنا؛ مستقبل يجب أن تقوده الأغلبية الديمقراطية المعتدلة وليس العصبة القومية المتطرفة. لاشهر طويلة نهتف “الديمقراطية او التمرد”، لكننا ننسى مبدأ بسيطاً: لن تكون ديمقراطية بدون الانفصال عن الفلسطينيين، وبدون احياء الرؤيا الصهيونية الحقيقية من قبل القوى التي حملتها حتى الآن – الجمهور المنتج، الديمقراطي، الليبرالي والمعتدل، الذي هو اغلبية السكان الفلسطينيين دون فرق في الدين، العرق، أو الجنس.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى