ترجمات عبرية

معاريف: قرار مجلس الامن عن غزة، وبيع F35 للسعودية، مؤشران على نظام إقليمي جديد

معاريف 19/11/2025، آنا برسكي: قرار مجلس الامن عن غزة، وبيع F35 للسعودية، مؤشران على نظام إقليمي جديد

تصريح الرئيس دونالد ترامب بان الولايات المتحدة ستبيع للسعودية طائرات الشبح المتطورة من طراز F35 وقع على إسرائيل كرعد في يوم صاف. ليس لانه لم تكن مؤشرات مسبقة بل لان إسرائيل – مثلما يحصل لها بتواتر متزايد – مرة أخرى تجد نفسها في رد فعل على الواقع بدلا من أن تصممه.

تنظر إسرائيل الى الشرق الأوسط مثلما كان، بينما واشنطن والرياض تعملان منذ الان وفقا لقواعد لعب في الشرق الأوسط الجديد. في صيغة محدثة لولاية ترامب الثانية. وبينما يتجادلون عندنا فيما اذا كان “كله الامر ذاته” وهل “في النهاية لن يتخذ الامريكيون خطوة دون أن يسألوننا”، عمليا ترتسم هذه الأيام خريطة جديدة للمنطقة والكثيرون يجلسون منذ الان حولها. وإسرائيل؟ لا تزال تقف على العتبة، مع ملف من التحفظات.

أمام ناظرينا يتحقق ميل واسع ومتواصل: الدول العربية المعتدلة تعمق علاقاتها مع الولايات المتحدة وتكيف نفسها مع مبنى امني إقليمي جديد. وفي الوقت الذي تغرق فيه إسرائيل في أزمات سياسية لا تنتهي وفي جدالات داخلية تركز واشنطن على خططها. ودول مثل السعودية واتحاد الامارات تفهم بان المنطق الإقليمي يتغير- وتموضع نفسها على اقرب ما يكون من مركز النفوذ.

ان بيع طائرات F35 للسعودية ليس صفقة شراء أخرى. هذه خطوة تتسلل الى منطقة كانت محفوظة حتى اليوم لدولة واحدة في المنطقة – إسرائيل. صحيح، ستواصل الولايات المتحدة القسم بانها ستحمي من كل ضر “التفوق العسكري النوعي”، لكن كل خبير أمني يعرف بان هذا التفوق هو مسألة نسبية، لا بوليصة تأمين دون قيد زمني. من اللحظة التي تكون فيها لدولة مجاورة قدرة وصول الى الجيل الخامس من الطائرات القتالية (حتى وان كانت في صيغة ملجومة، كما يحاولون تهدئة الروع في محيط رئيس الوزراء)، فان التفوق الجوي لإسرائيل لم يعد مضمونا منذ الان.

ان حقيقة أن ترامب مستعد لان يتخذ خطوة كهذه تستدعي سؤالا غير مريح: هل لا تزال إسرائيل تعد في واشنطن كذخر استراتيجي لا بديل له، ام كدولة هامة – لكنها ليست بعد اليوم مركز ثقل السياسة الامريكية في المنطقة؟ يحتمل ان في نظر الإدارة الامريكية الحالية، يعد استقرار السعودية، التعاون معها وكبح أي نفوذ إقليمي آخر هام اليوم بقدر لا يقل عن الحماسة المتشددة للحصرية الإسرائيلية في سماء الشرق الأوسط.

تعمل الولايات المتحدة انطلاقا من رؤية استراتيجية شاملة للشرق الأوسط، وليس انطلاقا من زاوية النظر الإسرائيلية فقط – وخسارة الا يكون احد ما في القدس يشخص الفرق. هي تسأل ما هو الربح الحقيقي لها من التدخل في المنطقة، وتجد أجوبة ليس فقط في إسرائيل بل أيضا – وربما حتى بالأساس – في الرياض. بالنسبة لواشنطن فان تسوية طويلة المدى مع السعودية تتضمن سلاحا متطورا، ضمانات امنية وترتيبات اقتصادية وإقليمية كفيلة بان تبدو كعنصر مركزي اكثر من التفضيل التقليدي للحساسيات الإسرائيلية. هكذا يتبين ان قصة الـ F35 ليست فقط قصة طائرات. هذه قصة نظام إقليمي يوجد في مسيرة تغيير سريعة وقصة إسرائيل التي لا تموضع نفسها في مركزها. بدلا من أن تتصدر إسرائيل خطوة تستغل الدينامية الإقليمية الجديدة، تجدها تنجر، تحذر، تنبه – لكنها لا تقرر قواعد اللعب. وبينما يدير آخرون استراتيجية، عندنا يختصون بالتكتيك.

الوضع لا يزال بعيدا عن ان يكون ضائعا. فلا يزال يمكن لإسرائيل أن تؤثر. لكن لهذا الغرض عليها أن تعترف بالواقع المتغير – وان تبدأ بالعمل بما يتناسب مع ذلك. الا تستمر في خوض المفاوضات مع الماضي الذي لم يعد موجودا.

 

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى