ترجمات عبرية

معاريف: فلنلتصق بمعسكر الاستقرار

معاريف 8/9/2025، د. عيران ليرمنفلنلتصق بمعسكر الاستقرار

بمرور خمس سنوات على التوقيع على اتفاقات إبراهيم يمكن التساؤل في دقة “شعب وحده يسكن”. فالدوامة العاصفة لنزع الشرعية والتحريض المناهض لإسرائيل (وأحيانا، وليس دوما، اللاسامي أيضا) تعزز لدى الكثيرين منا الميل لتجاهل ما تقوله أو تفعله “أمم العالم”. لكن في إطار ذلك قد تختفي عن العيان نظرة هامة جدا للواقع الذي نعيشه في السنتين الأخيرتين. عمليا، كان يمكن التوقع بانه في اثناء حرب مكثفة ومتعددة الجبهات – يرافقها تدمير واسع وغير مسبوق في غزة وجنوب لبنان الى جانب خسائر في الأرواح بين الفلسطينيين تبقي في الظل حتى “نكبة” 1948 – ستصل العلاقات القائمة بين إسرائيل والدول العربية الى الانهيار. لكن هذا لم يحصل وثمة لذلك معان بعيدة الأثر. لإسرائيل توجد علاقات دبلوماسية كاملة مع خمس دول عربية، يعيش فيها قسم كبير جدا من سكان العالم العربي: شريكتا السلام القديمتان مصر والأردن، والثلاثة التي وقعت على اتفاقات إبراهيم – اتحاد الامارات، البحرين والمغرب. هذا ليس امرا لا يؤبه به ان أيضا منها لم تقطع علاقاتها مع إسرائيل: رغم المشاهد القاسية، رغم “حملة التجويع”، رغم العطف الشعبي الواسع تجاه الفلسطينيين (والكراهية لإسرائيل). الشريك الرابع للاتفاقات، السودان، تفكك من الداخل حتى قبل نشوب الحرب ولم ينفذها ابدا.

فضلا عن هذا، فانه حتى عندما تمتنع شركات أمريكية عن الوصول الى إسرائيل، فان تلك من الامارات تواصل الهبوط في مطار بن غوريون. المغرب عمقت علاقاتها الأمنية مع إسرائيل في ذروة الحرب. ومؤخرا كانت على جدول الاعمال – وان كان موقف رئيس الوزراء قد يجمدها – صفقة كبرى لبيع الغاز لمصر. واهم من هذا، في احداث نيسان واكتوبر 2024 لعبت الدول العربية دورا هاما في احباط الهجمات الإيرانية – بما فيها السعودية التي بقيت علاقاتها مع إسرائيل “من تحت الطاولة”.

كي نفهم الحصانة المفاجئة للواقع الجديد يجب فحصه في السياق الواسع. الهزة القوية – سياسيا وفكريا – التي تعصف في المنطقة كلها منذ بداية العقد السابق أدت الى تبلور معركات أيديولوجية: ايران وملحقاتها التي تحركها رؤيا ثورة إسلامية شيعية بروح عقيدة الخميني؛ معسكر الاخوان المسلمين، الذي تدعم تركيا وقطر مركباته (بما في ذلك حماس)؛ الجهادية المتطرفة على نمط داعش، التي ضربت بشدة لكنها لم تختفي تماما. ومقابل كل هؤلاء – “معسكر الاستقرار”، الذي إسرائيل هي جزء هام، نشط بل واحيانا رائد في صفوفه، لكنها تستمد منفعة بعيدة الأثر في الانتماء اليه، بحيث ان من الأهمية بمكان الحفاظ عليه قدر الإمكان.

حيال قوة المعسكر الإيراني – الخابية لكنها لا تزال الأخطر – من المهم توثيق التعاون مع الشركاء في المعسكر (بمن فيهم السعوديون أيضا) والذين يمكن لرافعات نفوذهم ان تساعد في تصميم واقع آخر في سوريا، في لبنان وربما حتى في اليمن. حيال الارتفاع في قوة واتساع تطلعات العثمانيين الجدد لتركيا بقيادة اردوغان، وحيال التآمر القطري من الأفضل الا نواجه وحدنا في الساحات الإقليمية وكذا في واشنطن. في مستوى المبدأ فان دول معسكر الاستقرار تتشارك أيضا في التطلع الى حكم آخر في غزة ونزع سلاح حماس.

وعليه، حتى وان كان الامر يستوجب سلوكا اكثر حذرا في المسالة الفلسطينية – لا “دولة الان” لكن ليس أيضا طرق باب في وجه جملة إمكانيات في المستقبل – على إسرائيل أن تحدد مكانها التأسيسي في اطار ائتلاف إقليمي واسع في مكان عال جدا في سلم أولوياتها. فحفظ وتعزيز علاقات السلام مع مصر والأردن حيوي لامن إسرائيل؛ العلاقات مع شركاء اتفاقات إبراهيم هي مدماك هام في الاستراتيجية الوطنية؛ واختراق في التعاون مع السعودية يجب ان يبقى هدفا جديرا لحكومة اسرائيل والإدارة الامريكية على حد سواء .

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى