ترجمات عبرية

معاريف: في انتظار بايدن

زلمان شوفال

معاريف – زلمان شوفال – 18/5/2022

الموعد الدقيق لزيارة بايدن إلى القدس لم يتقرر – ربما نهاية حزيران، ربما بعد ذلك. ويحتمل أن يتأثر الموعد أيضاً بتطورات سياسية في الطرفين، لكن في إسرائيل العد التنازلي لولاية حكومة بينيت لابيد بدأ منذ الآن، ولا يمكن لأي مناورة برلمانية أن تغير ذلك، إلا إذا سلم قادة الائتلاف بأن مستقبل حكومتهم سيكون متعلقاً بالقائمة المشتركة التي تمثل الحركة الوطنية الفلسطينية بل وأحياناً منظمات الإرهاب. وهذا حتى دون الحديث عن الشراكة الإشكالية مع الموحدة برئاسة النائب منصور عباس الذي يحاول، حالياً بنجاح، السير بين القطرات دون أن يبتل.
صحيح أنه مضمون للرئيس بايدن أن يواصل ولايته حتى نهايتها في 2024، ولكن ضمن أمور أخرى بسبب التضخم المالي المتواصل، فإن حزبه الديمقراطي قريب من أن يفقد أغلبيته في المجلسين أو في أحدهما على الأقل، في الانتخابات الوسطى في تشرين الثاني القريب القادم، ما سيجعله من نواح عديدة إوزة عرجاء قبل سنتين على الأقل قبل نهاية ولايته. من غير المستبعد بالفعل أن يتغير هذا التوقع المتشائم من ناحيته في أعقاب القرار الفضائحي وغير الشعبي المرتقب للمحكمة العليا الأميركية في موضوع الإجهاض ولكن حتى عندها فإن الانقسام العملي بين الأغلبية في الحزب الديمقراطي والجناح اليساري المتطرف فيه سيجعل من الصعب عليه أن يحكم، وأن يقر مخططاته.
في ضوء هذا الوضع، فإن للطرفين – بينيت، لابيد من جهة وبايدن من جهة أخرى – توجد مصلحة في زيارة بايدن المخطط لها إلى إسرائيل: بينيت ولابيد يمكنهما أن ينالا ما هو كفيل بأن يفسر كتصويت ثقة علني من جهة زعيم للحليف الأهم، والرئيس بايدن يمكنه أن ينعش مكانته المهزوزة سواء على المستوى السياسي الداخلي أم على المستوى الدولي. ومع أنه نال الثناء على الموقف الحازم الذي اتخذه تجاه الغزو الروسي لأوكرانيا غير أنه تسمع مؤخراً تحفظات، من اليمين ومن اليسار، تجاه هذا الخط المتطرف خشية أن يؤدي إلى مواجهة عنيفة مع روسيا. إذا ما شكلت الزيارة مجالاً للقاء إقليمي للزعماء، فستكون هذه أيضاً فرصة لإصلاح العلاقات المهزوزة بين إدارته والحليف التقليدي لأميركا في المنطقة. سيرغب الرئيس بايدن في أن يقنع محادثيه بأنه رغم أن الولايات المتحدة قلصت تواجدها في المنطقة، إلا أنها لا تهجرها وهي لا يزال لها فيها مصالح حيوية.
منذ زيارة بايدن السابقة في إسرائيل عام 2016، حين شغل منصب نائب الرئيس أوباما، تغيرت أمور كثيرة في الشرق الأوسط سلباً ولكن إيجاباً أيضاً، والتطوير الأهم كان اتفاقات إبراهيم لنتنياهو والرئيس ترامب. من ناحية إسرائيل، فإن إحدى النتائج هي أنها لم تعد منعزلة كما كانت. وإذا كانت هذه العزلة في الماضي وسيلة لدى واشنطن لانتزاع تنازلات سياسية من إسرائيل، تسمح الآن، مكانة إسرائيل المتعززة لها أن ترد على مثل هذه الخطوات بموضوعية. ينبغي الافتراض أن الرئيس بايدن سيطرح في الزيارة مواضيع معينة في المسألة الفلسطينية بما في ذلك قرار إسرائيل المتعلق ببناء إضافي خلف الخط الأخضر، العنف في القدس وربما أيضاً موضوع القنصلية الأميركية في شرق القدس. من هذه الناحية، فإن خطة الرئيس لزيارة مستشفى فلسطيني في القدس الشرقية، دون مرافقة إسرائيلية، لا تبشر بالخير، غير أنه بالذات هذا «النقيض على النقيض» بين ضعف الحكومة الداخلية والمكانة الخارجية الأكثر مناعة لإسرائيل – يمكن أن يسمح للحكومة، إذا ما عرفت كيف تضبط خطواتها أن تستخلص الحد الأقصى من اللقاء المخطط له.
كما أن على إسرائيل أن تطرح مواضيع خاصة بها في الزيارة، خاصة ملاحظاتها على الاتفاق النووي الخطير مع إيران والذي لا تزال أميركا تعتزم على ما يبدو العمل عليه رغم نواقصه ومساوئه.
على إسرائيل أن تعمل على ضمان حرية عملها في هذا الشأن في كل المجالات. فالاتفاق الذي تبلور في المحادثات حتى الآن يتضمن تنازلات لإيران إضافة إلى تلك التي سبق أن اندرجت في الاتفاق الأصلي في 2015. وهو سيسمح لإيران بأن تصل إلى درجة دولة حافة نووية وإلى قنبلة في غضون وقت غير طويل، ما سيشكل ليس فقط خطراً على إسرائيل والدول الأخرى في الشرق الأوسط، بل من شأنه أن يرجح الكفة في صالح المعسكر برئاسة الصين وروسيا، والذي إيران أيضاً هي جزء منه، والذي يرفض التفوق الأميركي في النظام العالمي ويعمل على تغييره. زيارة الرئيس بايدن يمكنها إذاً أن تستخدم لتعزيز التفاهمات بين إسرائيل والولايات المتحدة في كل هذه المسائل أو، لا سمح الله، لإبراز الفوارق بينهما. الأيام ستقول.

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى