ترجمات عبرية

معاريف: شرك نتنياهو

معاريف 10/12/2025، آنا برسكي: شرك نتنياهو

العريف أول ران غوئيلي الراحل، مقاتل وحدة “يسم” الخاصة في لواء الجنوب، الضحية المخطوف الأخير الذي لا يزال في غزة، كف منذ زمن عن أن يكون “ملف آخر” في المنظومة، “صورة أخرى” في مواقع الاخبار. لم تعد قصته فقط موضوع لعائلة واحدة بل رمز مشحون بالمسألة الأكثر ايلاما في اسرائيل منذ 7 أكتوبر: هل هذه الدولة تفعل حقا كل شيء كي لا تبقي أحدا في الخلف؟

حقيقة أن جثته لم تعد بعد هي جرح مفتوح – أخلاقي، جماهيري، حزبي وسياسي. وبهذه المفاهيم، فان هذا هو أيضا الاختبار الأخير لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: في الداخل وفي الساحة الدولية.

من ناحية الوعي الجماهيري لا يمكن الفرار من الإحساس بان قصة المخطوفين لم تغلق. فلا يوجد “اغلاق دائرة”، لا يوجد احتفال رسمي يمكن فيه الوقوف منتصبي القامة والاعلان: أعدنا الجميع، احياء واموات. هنا يدخل المعنى الحزبي المباشر بالنسبة لنتنياهو. في سنة انتخابات، مع ثقة جماهيرية متصدعة واحساس عام بالتآكل فان إعادة جثة غوئيلي هي اكثر بكثير من “مهمة امنية” أخرى. هذه فرصة نادرة لخلق لحظة تأسيسية، يمكن ان تبنى عليها رواية كاملة. اذا نجح في انهاء المهمة، فانه يمكنه ان يعرض على الجمهور صورة بسيطة وقوية. انهيت فصل المخطوفين والضحايا.

على هذه الصورة يمكن “الباس” حملة كاملة – ونتنياهو يعرف ذلك. رئيس وزراء يصمد امام الضغوط، لا يتراجع امام النقد، يستعيد “الأبناء” الى الديار – حتى لو لم يكونوا على قيد الحياة. زعيم ينجح في المكان الذي شكك فيه كثيرون، يعيد للمواطنين إحساس العدل الأساس، الأصلي. في اللحظة التي يجتاز فيها التابوت الأخير الحدود، سيكون بوسع نتنياهو أن يقف امام الكاميرات وان يقول الجملة التي يريد جدا قولها: “وعدت – واوفيت”.

بالنسبة لجزء كبير من الجمهور – وبخاصة في اليمين، لكن في الوسط الرسمي أيضا – هذه رسالة قوية اكثر بكثير من كل استعراضات الردع او الرسوم البيانية عن كمية الصواريخ او الانفاق التي دمرت.

لكن الى ان يحصل هذا – الصورة معاكسة. كل يوم تأخير، كل تقرير عن تردد بالنسبة للخطوة التالية في الخطة، كل تسريب عن “اعتبارات واسعة” – تصبح مادة اشتعال حزبية. يمكن للمعارضة أن تعرض نتنياهو كزعيم يفضل “إدارة زمن حزبي” على القيمة الأكثر نقدية -أعادة الضحايا. عائلات المخطوفين سابقا يمكنها – مرة أخرى – ان يسألوا علنا السؤال جد غير المريح: “اذا كان هذا ابنك فهل كنت مستعدا لان تنتظر اكثر؟”.

في المستوى السياسي أيضا، هذه القصة اكبر بكثير من شخص واحد. على الورق، احد بنود المرحلة الأولى في خطة ترامب تقضي بان إعادة جثث كل المخطوفين هي جزء من انهاء المرحلة الأولى. عمليا، في الأسابيع الأخيرة نشأت فجوة بين ما هو مكتوب وبين الواقع: جزء من الحلفاء المركزيين لواشنطن وعلى رأسهم قطر ودول عربية أخرى – يلمحون بانهم غير مستعدين لان يروا كل المسيرة عالقة بسبب ضحية مخطوف اسرائيلي واحد.

من زاوية نظر تلك الدول وكذا موظفي الإدارة الامريكية، فان الإنجاز الحقيقي هو الانتقال الى المرحلة الثانية: اخراج الجيش الإسرائيلي من معظم القطاع، منع عودة حماس الى الحكم وبداية الاعمال ما يسمح بعرض صورة افق للعالم وليس فقط وقف نار هش. من ناحيتهم اذا ما أغلقت إسرائيل نفسها على شرط “لن نتحرك الى ان يعود غوئيلي” فمن شأنها أن تتخذ صورة من يرهن كل الخطوة الإقليمية بحساسية داخلية واحدة. حساسية مفهومة لكن لا يشارك فيها باقي اللاعبين.

هنا بالضبط يبدأ الشرك السياسي لنتنياهو. من جانب، عرض هو علنا المعادلة: “المرحلة التالية – فقط بعد عودة الأخير”. هو يعرف أن كل تراجعا عن هذه الصيغة ستعتبر في إسرائيل كخيانة القيمة الجوهرية المتمثلة بـ “لا نبقي أحدا في الخلف” ومن شأنه ان يمس به حزبيا. من الجانب الاخر، هو يدخل الان الى جولة لقاءات يتوقع منه فيها، ترامب، قطر، مصر وسلسلة دول أخرى الا يعرقل مسيرة غزة بسبب ضحية واحدة – بالضبط في الوقت الذي يحاولون فيه ان يخلقوا لانفسهم من الخطة إنجازات إقليمية، اقتصادية وإعلامية.

في معادلة نتنياهو، إعادة غوئيلي تفتح بوابتين في نفس الوقت؛ داخليا، الى داخل المجتمع الإسرائيلي، مع قصة اغلاق دائرة وترميم ثقة أساسي بين الدولة وبين من يبعث بابنائه الى الجيش؛ خارجيا – الى واشنطن والى عواصم عربية مع دليل على أنه يعرف كيف “يغلق الأطراف”، لا يبقي جوانب أخلاقية مفتوحة ويدخل الى المرحلة الثانية انطلاقا من إصرار كامل على شرط المرحلة الأولى.

اذا ما وقف عند رأيه وعرقل المسيرة حتى عرض المخطوف الأخير – فانه يخاطر بعرض نفسه كمن يعرقل مبادرة دولة واسعة. اذا تنازل وسمح بالانتقال الى المرحلة الثانية حتى قبل عودة غوئيلي – فانه يخاطر بفقدان ثقة عميق في الداخل.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى