ترجمات عبرية

معاريف: سيقف العالم كلّه ضدنا إذا استمرّ الاحتلال

معاريف 2023-01-13، بقلم: نداف تامير*: سيقف العالم كلّه ضدنا إذا استمرّ الاحتلال

أثار تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة في إقراره مشروع القرار الفلسطيني لطلب فتوى من المحكمة الدولية في لاهاي حول الاحتلال الإسرائيلي، مرة أخرى، الادعاءات في اليمين الإسرائيلي حول عدم النزاهة تجاه إسرائيل في الساحة الدولية. الادعاء الدارج هو انه توجد أغلبية تلقائية لدول موقفها مؤيد للحقوق الفلسطينية، وعليه فان ساحة الأمم المتحدة تميز ضدنا. في المناقشات في برنامج “القيادة المركزية” في القناة 13، والتي شاركت فيها، ادعى المحامي تسيون أمير بأن المحكمة الدولية في لاهاي سياسية، ولا تحاكم وفق قانون العدل، بل تعبر عن موقف أغلبية دول الأمم المتحدة التي تعادي إسرائيل.

تحظى المحكمة الدولية في لاهاي منذ عشرات السنين بمكانة اعتبارية عالية في أسرة القانون الدولي، وقراراتها ذات وزن كبير. هذه المكانة ما كانت لتكتسب لو كانت المحكمة سياسية ومتحيزة في قراراتها. على أي حال، فان كل هذه الادعاءات عن تسييس القانون الدولي غريبة، حين تأتي من تلك الجهات التي تشرح لنا لماذا ينبغي للمحكمة العليا في إسرائيل ان تكون سياسية، وان تنتخب من السياسيين، وفقا لفكر سياسي، وتعبر في قراراتها عن موقف الأغلبية وإلا فان هذه الأغلبية نفسها سيكون بوسعها أن تلغيها بفقرة التغلب بهذه الصيغة او تلك.

وبمناسبة قرارات الأغلبية يجدر التذكير بأنه في الساحة السياسية تعمل إسرائيل منذ عقود استناداً الى الولايات المتحدة كي تحبط قرارات الأغلبية في الأمم المتحدة. على مدى سنين امتنعت الأمم المتحدة عن فرض عقوبات ضدنا بسبب الفيتو الأميركي في مجلس الأمن. هكذا مثلاً، بدون الفيتو الأميركي كان يمكن لفلسطين منذ زمن بعيد ان تصبح عضواً في الأمم المتحدة، وكانت ستفرض علينا عقوبات بسبب الاحتلال المتواصل.

ان العقوبات التي تفرضها حكومتنا على الفلسطينيين عندما يطلبون مساعدة من المؤسسات الدولية ليست اقل من وقاحة، وتسمية هذا العمل بانه “إرهاب سياسي” هو السخف بعينه. ان الكفاح السياسي والقانوني الفلسطيني هو النقيض التام لـ “الإرهاب”. جاءت الساحة السياسية والقانونية بطبيعتها لتحل الخلافات دون سفك دماء. والمعارضة الإسرائيلية لكل استيضاح في هذه الساحات تلقي بظلالها على الادعاءات المعللة ضد الإرهاب الذي هو استخدام العنف تجاه المدنيين. بذات القدر، فان اتهام الأسرة الدولية باللاسامية بسبب موقفها الى جانب حقوق الفلسطينيين هو تقليل من قيمة الموضوع، ما يجعل مفهوم اللاسامية فارغاً من محتواه، ويمس بالكفاح العادل ضد العنصرية وكراهية الأجانب مثلما هو ضد اليهود.

يجب أن نتذكر بان إسرائيل تلقت شرعية دولية لأن تصبح دولة بفضل الأمم المتحدة، وأن المحاكم في لاهاي أقيمت كجزء من دروس الحرب العالمية الثانية؛ كي تسمح لمحفل دولي معترف به بتسوية النزاعات ومنع جرائم الحرب وانتهاك حقوق الإنسان ومعاقبة مرتكبيها. ثمة خط مباشر يمر بين المعارضة الإسرائيلية للهيئات القضائية الدولية وبين سياسة الحكومة الحالية للمس باستقلالية محاكمنا والذي معناه، ضمن امور اخرى، المس بحماية الأقليات عندنا. ان المس بجهاز القضاء سيمنع ايضا حمايتنا في مؤسسات الأمم المتحدة، إذ إن الولايات المتحدة وفي أحيان كثيرة ايضا دول اوروبا واساسا المانيا تحمينا في المؤسسات الدولية بدعوى أننا ديمقراطية ويوجد لنا جهاز قضاء مستقل. وبدون محكمة مستقلة يمكنها ان تحمي حقوق الأقلية من تعسف الأغلبية، لن تكون حماية لإسرائيل في المؤسسات الدولية.

لا يمكن مواصلة الادعاء باننا الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وان موقف أغلبية الدول ضدنا غير أخلاقي كونها ليست ديمقراطية، وفي الوقت نفسه سحق الديمقراطية في إسرائيل. الادعاء بأن العالم كله ضدنا قد يصبح نبوءة تجسد نفسها إذا ما واصلنا الاحتلال وانتهاك حقوق الأقليات والمس بالمؤسسات التي تسمح لنا بان نكون جزءاً من الأسرة الدولية للديمقراطيات الليبرالية التي تحترم القانون الدولي.

*مدير عام “جي ستريت” في إسرائيل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى