ترجمات عبرية

معاريف: رهان استراتيجي: لابيد يعرض نفسه زعيماً لمعسكر الوسط – اليسار

معاريف 2022-09-24، بقلم: آنا برسكي

حدثان سياسيان مهمان وقعا بفارق 5 ساعات، الأربعاء الماضي. كلاهما – ظاهراً وسطحياً – عُنيا بمجالات ليست انتخابات، كتلاً ومقاعد. كلاهما – عملياً وبالنوايا من خلف الأفعال – استهدفا أهدافاً سياسية، حزبية، واضحة جدا. الأول ساهم مساهمة لا بأس بها في نتائج الانتخابات، والثاني استثمر في اليوم التالي، في مرحلة ألعاب التوصيات لدى الرئيس.

ها هو تسلسل الأحداث وفقا للترتيب الزمني. في ساعات الصباح حسب توقيت نيويورك، فيما كانت هذه في إسرائيل ساعات مساء مبكرة نسبيا (بالضبط وقت اطلاع محرري نشرات الأخبار بأن لديهم عنوانا ليبدؤوا به البرنامج في الثامنة مساء)، اجتمع المراسلون السياسيون للإحاطة التقليدية التي يقدمها رئيس الوزراء قبيل خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. كان التقدير الجارف، الذي دخل معه الصحافيون إلى الغرفة: الكثير جدا من إيران، السلام الإقليمي؛ ثمرة اتفاقات إبراهيم، وفي مكان ما هناك، بين هذا وذاك اليد الإسرائيلية الممدودة للجار الفلسطيني.

وعندها جاء يائير لابيد وحطم المبنى. تبين أن لابيد لا يعتزم على الإطلاق الاكتفاء بالحدود الضيقة التي يضعها له منصبه رئيساً لحكومة انتقالية بل أن يقتحم إلى الأمام. “غدا في الخطاب على منصة الجمعية سيعلن رئيس الوزراء ان على دولة إسرائيل أن تسير إلى حل الدولتين للشعبين”، قيل للصحافيين. شقت الأنباء الصاخبة طريقها من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، وفي غضون دقائق قليلة أثارت جلبة عظيمة في المعسكرين.

بالنسبة لأحزاب اليسار، يشكل قرار لابيد أن يلقي إلى البحر كل الاستراتيجيات الرقيقة للمناورة التي لا تنتهي بين القطرات، إشارة واضحة جدا إلى أن رئيس “يوجد مستقبل” اتخذ قرارا سياسيا استراتيجيا. وهذه أنباء سيئة جدا لميراف ميخائيلي وزهافا غلئون.

بعد أن فشل في محاولة إقناع زعيمتي اليسار التنافس في قائمة موحدة، انتقل لابيد إلى الخطة ب. بالنسبة له، الإعلان السياسي من منصة الأمم المتحدة عن تطلعه لإقامة دولة فلسطينية سيادية، وهو بالذات القادر على الإعلان السياسي عن تطلعه للوقوف على رأس حزب الوسط – اليسار الأكبر والأقوى في الكتلة، ولو كان على حساب خراب تلك الكتلة الهشة، بما في ذلك على حساب الذهاب المحتمل إلى المعارضة، وبما في ذلك بثمن تحطم احد حزبي الكتلة الصغيرين. يبني لابيد نفسه زعيم وسط – يسار على الملأ، حتى لو كان الثمن انتقاله من رئاسة الوزراء إلى رئاسة المعارضة.

النظرية، التي اعتبرت حتى الأربعاء مساء، مؤامرة ضعيفة على حدود الهذيان، أصبحت في لحظة نظرة متصدر. يفضل لابيد السير إلى المعارضة بصفته زعيما بديلا يقف على رأس الحزب الثاني في حجمه في الدولة على ألعاب التوصيات التي يفترض أن تأتي بعد الانتخابات.

ادعت بعض الشخصيات السياسية القديمة على مسمع كل من كان مستعدا لأن يسمع (دون أن يأتي بالبراهين)، بأن الاستطلاعات الداخلية التي رفعت للابيد في الأسبوع الأخير تظهر بالقطع انه في الأول من تشرين الثاني يوشك بنيامين نتنياهو على الحصول على 61 مقعدا، وربما اكثر بقليل. “عندما يكون الحسم واضحا بما يكفي، من الأفضل الاستثمار في المستقبل وليس في التخمينات المعلقة في الهواء”، ادعى أولئك الذين يؤمنون أن رئيس “يوجد مستقبل” تخلى عن نية محاولة تشكيل حكومة بعد الانتخابات.

يدعي لابيد نفسه، كما هو معروف، خلاف ذلك. كل الكثيرين والطيبين الذين سألوه “كيف ستشكل حكومة بعد الانتخابات إذا لم يكن ثمة حسم واضح؟”، سمعوا منه الإجابة إياها بالضبط: “لا تحاولوا إقناعي بأن ليس لي حكومة. إذا ما وعندما نصل إلى هذا، سنعرف كيف نقيمها”.

إن الإعلان عن الولاء لحل الدولتين قد يصمم لابيد زعيم وسط – يسار بلا جدال، ويشطب عن جدول الأعمال المفهوم السابق ثلاثي الرأس للمعسكر الرسمي، لكنه لا يساهم على الإطلاق في ترسيم حدود حكومة لابيد التالية. نظرية أخرى تدعي بأن الأمور معاكسة بالذات، وان رسالة الدولتين هي جزء من جهد لابيد الهائل لإيقاظ الوسط العربي الذي حتى اليوم سأل نفسه “ما الفرق بين نتنياهو ولابيد في منصب رئيس الوزراء؟”.

يحاول لابيد، كما زعم، أن يأتي بالحد الأقصى من المقاعد لـ”المشتركة” و”الموحدة”، وعندها يحاول إقامة حكومة أقلية بدعم من “المشتركة” من الخارج. بعد هذا، مع الحكومة في اليد، سيتوجه لابيد إلى الحريديين والى رجال “الليكود” ويقول: “في أيديكم إقامة حكومة واسعة ليست متعلقة بأحمد الطيبي وايمن عودة – تعالوا”.

يشار إلى انه في “الليكود” وفي باقي أحزاب اليمين أثارت الأنباء من نيويورك انفجارات هائلة من الفرح، لم يسجل مثلها منذ فترة بعيدة. فما الذي لم يفعله رجال “الليكود” كي يجلبوا المصوتين الذين بقوا في البيت في الانتخابات السابقة؟ في الوقت الذي حطموا فيه رأسهم بحثا عن المحفز المظفر الذي سيدفعهم إلى الاستيقاظ، جاء رئيس الوزراء وقدم لليمين هذا المحفز على طبق من فضة.

ما نجح مع نتنياهو في 1996، قبل الذرى المخيفة للانتفاضة الثانية، بالتأكيد سينجح له في العام 2022 مع كل الخلفية ومع الذاكرة الجماعية. بينما أجرى لابيد مراجعات أخيرة قبيل خطابه، كانوا في “الليكود” يعملون بكل قوة على الصيغة المحدثة لحملة “بيريس سيقسم القدس” موديل 2022، هذه المرة بنجومية لابيد.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى