ترجمات عبرية

معاريف: خطة لفين ستغير النظام الإسرائيلي جذرياً

معاريف 2023-01-20، بقلم: يوسي هدار*: خطة لفين ستغير النظام الإسرائيلي جذرياً

على مدى نحو ثلاثين سنة، منذ الثورة الدستورية، وجه جهاز القضاء السفينة باتجاهه رويدا رويدا. بدءاً من قرار همزراحي، الذي سوغ شطب القوانين دون أن يكون تقرر ذلك صراحة في القانون، عبر توسيع علة المعقولية، وحتى سلوك محكمة العدل العليا، التي ضيقت أحيانا على خطى الحكومة المنتخبة لغير حاجة، مثلما حصل في التماس المتسللين وغيرهم. كما نبع الرفض القاطع لإقامة هيئة تراقب النيابة العامة من دوافع حفظ القوة. واصطدمت المحاولات التي تمت لأجل إعادة التوازن بين السلطات بسور منيع، ولم يتكبد اليسار من جهته عناء محاولة التوازن بين السلطات.

معروفة أيضا حجة البروفيسور ميني ماوتنر بأنه ما ان فقد اليسار قوته في الكنيست حتى نقل الصراع إلى محكمة العدل العليا كرافعة قوة أخرى ضد الحكومة. وعليه فإن الكثيرين يعتقدون اليوم من اليمين ومن اليسار أنه بالفعل لا مناص من تغييرات وتعديلات في جهاز القضاء الإسرائيلي.

غير أن خطة لفين ليست إصلاحا جاء لإحداث التوازن، بل خطة تعسفية ووحشية، وعملية اعتداء كما وصفها المستشار القانوني الأسبق، يهودا فينشتاين، إذا ما تحققت – لا سمح الله – ستغير جذريا النظام في إسرائيل. فتحديد فقرة التغلب بأغلبية 61 نائبا فقط، والإلغاء التام لعلة المعقولية، وإيداع اختيار القضاة فقط في أيدي السياسيين، وإلغاء الاستشارة القانونية لصالح وظائف ثقة، ستبقي مواطني إسرائيل بلا حماية في وجه طغيان الحكم.

هذا الأسبوع، في مقابلة أجريتها في الإذاعة مع مدير عام منتدى “كهيلت”، مئير روبين، قال مستشار نتنياهو، لفين وروتمان روبين: بما أن جهاز القضاء تصرف بعدوانية فإن على الحكومة هي الأخرى أن تتصرف بعدوانية، وأنه يمكن إلغاء محكمة العدل العليا. ولئن كان هؤلاء الأشخاص هم الذين يقفون خلف صياغة الإصلاح، فإن التخوف يأخذ فقط في التعاظم. كما أن حجج المنتدى بأنه في كل ديمقراطية في العالم ينتخب القضاة من منتخبي الجمهور هي ادعاءات مضللة، سواء لأن المعطيات لا تظهر ذلك بشكل مطلق، أم لأنه لم يؤخذ بالحسبان الواقع الإسرائيلي الذي لا يوجد فيه مجلسان نيابيان ولا يوجد دستور ثابت وغيره. وهكذا فان الإصلاح المقترح سيحولنا إلى دكتاتورية في التشكل، ويشرخ عمليا التوازن المقدس بين السلطات الثلاث – التشريعية، التنفيذية والقضائية. هكذا نحصل على سلطة واحدة فقط، سلطة فرد.

هناك حاجة لأطنان من الوقاحة، وانعدام المسؤولية، والتسيب لأجل طرح خطة شوهاء كهذه، والإصلاح الذي يقوده نتنياهو يؤدي بالدولة إلى الانشقاق والانقسام الذي لم يشهد له مثيل، وإلى أزمة دستورية ووجودية لـ “البيت الثالث”. إن إصلاح هذا الانقلاب على النظام يؤكد أيضا أكثر فأكثر التغيير الذي طرأ على اليمين في السنوات الأخيرة. فالمزيد والمزيد من الناس في المعسكر القومي الليبرالي المعارضين للمزاج الشعبوي في اليمين يعارضون أيضا هذه الثورة القضائية ويبحثون عن بيت آخر لهم. بيت يشبه ولو قليلا قيم زعيم اليمين الحقيقي، الذي كان هنا، مناحم بيغن، الذي ثبت عبارة “يوجد قضاة في القدس”.

على خلفية عدم فهم أجزاء من الجمهور لما هي الديمقراطية الليبرالية، وعلى خلفية الفكر الضيق والكاذب لأن الديمقراطية هي فقط انتخابات وحكم الأغلبية، يجب التشديد على أن الانتخابات تستهدف قرار من يحكم وينفذ سياسته، لكن كل هذا في إطار قواعد النظام القائم، في إطار قواعد اللعب الديمقراطية. ليس هكذا يجري الإصلاح، وإذا ما غيرنا القواعد فسنفقد دولتنا العزيزة التي حلمنا وقاتلنا في سبيلها ألفي سنة.

 

*محامٍ ومقدم برنامج إخباري راديو 90 ومراسل قانوني في الشبكة الإذاعية الثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى