معاريف: تتصدى الاردن لسلسلة من التحديات والتهديدات، من الداخل والخارج

معاريف 23/4/2025، ميخائيل هراري: تتصدى الاردن لسلسلة من التحديات والتهديدات، من الداخل والخارج
الحرب في غزة والتطورات الدراماتيكية في المنطقة تطرح على الأردن جملة من التحديات تقض مضاجعه. فامتداد الحرب والازمة الإنسانية الحادة في القطاع صعبة جدا على المملكة التي دعت سفيرها في إسرائيل للعودة الى عمان منذ مرحلة مبكرة من الحرب. إضافة الى ذلك، عليها أن تواجه فكرة “الريفييرا في غزة” لترامب، محاولات الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية، الجهود الإيرانية لتسخين الجبهة الداخلية في الأردن وغيرها. الى جانب كل هذا يوجد الوضع الاقتصادي الذي يتحدى المملكة بشكل شبه دائم. لم يستقبل سقوط نظام الأسد في دمشق بحزن في الأردن، لكن البديل الإسلامي في شكل أحمد الشرع يقلق القصر الملكي اكثر في ضوء تداعياتها المحتملة على التيار الإسلامي في المملكة وفي المنطقة. انجاز “جبهة العمل الإسلامي” التي تمثل الاخوان المسلمين في الأردن، في الانتخابات الأخيرة للبرلمان في أيلول 2024 كان محاولة من النظام للسماح للمعارضة “بالتنفيس” على أمل التحكم قدر الإمكان بالساحة الداخلية المعتملة.
تحليل الساحة الأردنية كفيل بان يضلل. فالمملكة الهاشمية تتصدى لسلسلة تحديات، اقتصادية وسياسية، وكانت قادرة عليها حتى الان، كثيرا بفضل التقاء المصالح الاستراتيجي مع إسرائيل والاعتماد على الولايات المتحدة. التعلق الأردني باستيراد الغاز من إسرائيل مثلما هو أيضا على المساعدات الامريكية، هام، لكن اذا ما وعندما تتآكل الثقة مع هؤلاء اللاعبين مثلما يحصل الان، فان التعلق يغذي النقد الداخلي الحاد.
هل توجد للاردن بدائل في شكل دول كروسيا أو الصين؟ يبدو ان لا، على الأقل في المدى المنظور للعيان، لكن خطابا إعلاميا أكاديميا يجري منذ الان في هذا الاتجاه. هل يقف الأردن امام “تهديد وجودي”؟ اردنيون غير قليلين سيجيبون بالإيجاب. واسرائيليون سيدعون بان هذا مرة أخرى هو “إحساس عادي” تكثر المملكة من استخدامه.
إذن ما الذي تغير؟ أولا، يدور الحديث عن بضعة تطورات، وعلى رأسها التهديد بترحيل الفلسطينيين من القطاع الى الأردن، ولاحقا ربما أيضا من الضفة الى الأردن. ثانيا، يدور الحديث عن ساحة إسرائيلية مختلفة بشكل جوهري عما في الماضي. الخطاب الاسرائيلي عن الضم الذي هو اليوم جزء من اجندة لوزراء مركزيين في الحكومة، يخلق تهديدا ملموسا. التخوف في الأردن، سواء كان مبالغا فيه أم لا، هو ان إسرائيل الحالية لا تخشى من حل المشكلة الفلسطينية على حساب الأردن. الكثيرون سيعتقدون بأن مصر يمكنها أن تبقى اذا ما أجبرت على أن تستضيف في سيناء فلسطينيين من القطاع. ليس هكذا هو الحال في الأردن. واضافة الى ذلك، كما اسلفنا، يتصدى الأردن الان لجبهتين حيويتين تشكلان سنده الاستراتيجي، إسرائيل والولايات المتحدة.
هل مخاوف المملكة الهامشية مبالغ فيها؟ هل حيويتها بالنسبة لإسرائيل ستبقى لها، رغم المذهب السياسي لحكومة إسرائيل الحالية؟ يحتمل. لكن، كما اسلفنا يدور الحديث عن جملة إشكالية واستثنائية تتصدى لها المملكة. يجدر بإسرائيل العقلانية أن تفتح عيونها وتفحص جيدا مصالحها الاستراتيجية مع الأردن.