ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  عاموس جلبوع – ربيع في الشتاء

معاريف – بقلم  عاموس جلبوع – 5/12/2019

دعونا نترك للحظة الـ 333 شاهد ونوجه نظرة الى ما يجري في منطقتنا. توجد مظاهرات واضطرابات دموية في لبنان، العراق وايران. في اثناء السنة الماضية شهدنا مظاهرات في مصر، السودان، والجزائر. وتتواصل المظاهرات الحالية منذ اسابيع عديدة وفيها شيء ما خاص يميزها عن المظاهرات والهزة التي شهدها العالم العربي منذ 2011، في ما وصف بالربيع العربي. القاسم المشترك في كل المظاهرات التي شهدها العالم العربي منذ 2011 وحتى الان، هو الوضع الاقتصادي السيء، البطالة العالية، وبالاساس للشباب، غلاء المعيشة وربما فوق كل ذلك الفساد والعفن للانظمة. ولكن في مظاهرات الماضي، الى جانب الاحتجاج الاقتصادي، برزت الدعوات الايديولوجية: المطالبة بديمقراطية النظام في الدولة وحقوق الانسان او بالذات الدعوة بان “الاسلام هو الحل”. وبالفعل، فان الهزة التي بدأت في 2011، جلبت الى الحكم في مصر، بطريقة ديمقراطية ظاهرا، “الاخوان المسلمين” واخرجت الى هواء العالم الاسلام المتطرف في صورة داعش. 

وليس هذا فقط، بل ان الهزة التي بدأت في 2011 ادت الى تفكيك الدول العربية: ليبيا تفككت الى دولتين، ومثلها اليمن، في حرب تستمر حتى هذه اللحظة. كما أن سوريا هي دولة مفككة. رغم انه لا يزال يوجد فيها ظاهرا حكم مركزي، الا ان شمال سوريا اخذ منها والحكام في الدولة هم الروس والايرانيون. 

ان الاضطرابات الجارية اليوم في لبنان وفي العراق، وبقدر ما في ايران ايضا، تختلف عن اضطرابات الماضي، في موضوعين مركزيين: الاول، لا يسمع فيها المطلب للديمقراطية وحقوق الانسان النابعة منها. ليس فيها ايديولوجيا ليبرالية او اسلامية، بل معارضة ورغبة في اسقاط النظام الفاسد، دون الخروج في خطة مرتبة بالنسبة للمستقبل. في ايران يخرجون ضد نظام رجال الدين، ولكن لا يقولون ماذا يريدون بدلا من نظامهم القمعي. ما تريده الجماهير الان، في كل الدول الثلاثة، هو تحسين الوضع الان، شيئا ما جديد.

الثاني، وهو صحيح فقط بالنسبة للعراق ولبنان: تطرح لدى المتظاهرين المطالبة بالحفاظ على سيادة الدولة وتعزيزها، في ظل انتقاد ايران (وفروعها) وتدخلها في ما يجري في الدولة. في العراق الظاهرة الابرز هي ان الشيعة في الجنوب والوسط هم الذين يخرجون ضد ايران الشيعية. بمعنى أن الهوية الوطنية العربية – العراقية لمعظم الشيعة اقوى من هويتهم الدينية الشيعية. في لبنان، الذي هو “ام” الطائفية، فان مطلب المتظاهرين ليس التفوق الطائفي بل شيء ما فوق طائفي، حكومة تكنوقراط. حكومة كهذه تمس، بحكم طبيعتها، بمكانة حزب الله الشيعي المسيطرة، والذي يقاتل رجاله في صالح ايران في كل ارجاء الشرق الاوسط. 

بكلمات اخرى، العراق هو بوابة الهيمنة الايرانية في الهلال الخصيب، لبنان هو القاعدة لحرب فتاكة ضد اسرائيل. في المكانين الحرجين هذين توجد معارضة محلية للرعاية الايرانية، اسرائيل وروسيا على حد سواء تمنعان ايران، حاليا، من التموضع العسكري بشكل مكثف وفتاك. 

في هذه الاثناء هذه لعبة في صالح اسرائيل، ولكن من الصعب التصديق بان ايران سترفع اليدين. بل العكس. العقل يقول انها ستعمل بوحشية في العراق كي تسيطر على البوابة لمواصلة تموضعها في سوريا.

وفي هذه الاثناء، لا ينبغي أن ننسى جارنا الاردني، الذي يفصل بريا بيننا وبين العراق. فقد نجا من الهزة التي بدأت في 2011، ولكنه يقف على سند متهالك، كلما تحرك هزل أكثر، وهكذا يصبح مناهضا لاسرائيل أكثر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى