ترجمات عبرية

 معاريف – بقلم  زلمان  شوفال – منطقة سائبة ..!

معاريف – بقلم  زلمان  شوفال- 21/12/2021

” التصدي الحقيقي للوضع يجب أن يتضمن ايضا خطوات غير عادية – ايجابية تجاه تلك الاغلبية، ولكنها ايضا خطوات كل دولة ترى نفسها مسؤولة عن مواطنيها تمنحها لاذرع الامن لديها “.

في ايلول الماضي نشرت حكومة التغيير خطة وطنية متعددة السنين لمعالجة الجريمة والعنف في المجتمع العربي. عدد المغدورين في ذاك الوقت كان 90، ومنذئذ ارتفع العدد الى 126. توجد تفسيرات عديدة ولكن ايا منها ليس مقنعا بحد ذاته. وزير الامن الداخلي عومر بار-ليف علق للحظة ما حديثه “الدبلوماسي” مع مساعدة وزير الخارجية الامريكي فكتوريا نولند (ما للوزير الذي مجال عمله هو الشرطة والشؤون الداخلية ومسائل سياسية موضع خلاف؟)  كي يبشر بان “حكومة اسرائيل لم تفقد السيطرة، وهي تعمل لتقليص الجريمة في الشارع العربي، نحن في حملات غير مسبوقة ضد ذاك العنف”، وان يقول بنبرة من الرضى عن النفس: “لا يوجد رئيس مدينة او بلدة عربية او درزية انهم يشعرون بان الامور  تجري بشكل مختلف”. “مختلف” ربما عنف، لكن ليس افضل. الجريمة والعنف في المجتمع العربي وصلا الى حجوم  تذكر بذروة المافيات الايطالية، الايرلندية واليهودية في امريكا في العشرينيات والثلاثينيات في القرن الماضي – اعمال سطو وقتل، حروب بين عائلات الجريمة، عنف شخصي، ثأر دم، خاوة، مخدرات وتهديدات. والى  ذلك، حسب تفسيرات مختلفة، يضاف في اسرائيل سبب خاص: بالذات نجاح الشرطة في مكافحة الجريمة المنظمة في السكان اليهود اخلى الميدان للعصابات العربية. 

على طريقة اعضاء الحكومة بار-ليف لا ينسى، بالطبع، القاء الذنب عن موجة العنف المستشري على الحكومات السابقة “التي لم تشدد على ذلك”، ولكن مشكوك ان يكون الجمهور لا يزال يتأثر بهذا التعليل. وللحقيقة، فان الوزير  بار-ليف ليس من الوزراء السيئين في الحكومة. يوجد مرشحون ومرشحات آخرون – وهو بالفعل يقف امام مشكلة معقدة ومركبة ذات جذور تقليدية وجديدة تتضمن انعدام الحوكمة على مستوى عال من جهة وتطورات خاصة باسرائيل من جهة اخرى. انعدام الحوكمة بارز على نحو خاص في النقب الذي اصبح مثابة منطقة سائبة تسيطر فيها عصابات بدوية دون قيود وتعرض للخطر سواء المواطنين اليهود ام آخرين من بين قبائلهم انفسهم. حكومات اسرائيل على اجيالها اهملت بالفعل معالجة مسألة النقب والبدو، لكن الحكومة الحالية اضافت خطيئة على الجريمة حين اقرت مؤخرا لاسباب ائتلافية مكشوفة قانون الكهرباء. فاحدى نتائجه ستكون ربط بلدات بدوية غير قانونية بشبكة الكهرباء، اي شرعية رسمية للسيطرة الاجرامية على اراضي الدولة. 

رجل الاعلام يرون لندن أثار الغضب حين قال في برنامجه اقوالا موضع خلاف (وكاد يفقد مصدر رزقه جراء ذلك): “العرب هم متوحشون، فهم لا يكرهون اليهود فقط، بل يقتلون أنفسهم قبل كل شيء… (وفي كل مكان) عرب يذبحون عربا”. بعد ذلك اعتذر على اقواله. لعل هذه ليست صياغة اديبة او سياسة سليمة، ولكن نظرة قصيرة الى الحارة التي نعيش فيها تؤكد بان الاقوال ليست بلا اساس تماما. محظور، بالطبع التعميم، وينبغي الافتراض بان الحديث يدور عن أقلية. وكما شرحت مؤخرا د. رونيت مرزان، المؤرخة والخبيرة في العالم الاسلامي لقراء “هآرتس”: “في الدين الاسلامي توجد امور جد ليبرالية ورقيقة”. كما أنها تعتقد ان قتل النساء الكثيرات في الوسط العربي على سبيل “شرف العائلة” تنبع بقدر اقل من الواجب الديني وبقدر اكبر من البطرياركية في المجتمع العربي، التي يقف الرجال والذكور الكبار على رأسها. لكن التاريخ، وليس فقط تاريخ الشرق الاوسط، يفيد بان الاقلية المصممة والمتأثرة بالايديولوجيا وبالعقيدة الجامدة  يكون بوسعها احيانا ان تملي  على الاغلبية طريقها وعاداتها. 

ويوجد جانب مركزي آخر في العنف العربي لم يحظَ بعد بتعاطٍ كافٍ: النزعة القومية المتطرفة  المتصاعدة في قسم من الجمهور العربي. هذه ليست اساسا مسألة مساواة حقوق  او مكانة اقتصادية واجتماعية. العكس هو الصحيح، فقد سجل المجتمع العربي في السنوات الاخيرة تقدما مبهرا في مواضيع عديدة – من الطب والتعليم بشكل عام، وحتى القانون. وخصصت حكومة نتنياهو 15 مليار شيكل (على مراحل) كمساعدة للوسط وان كان يوجد الكثير  الذي لا يزال ينبغي عمله،  فهذا ليس السبب للظاهرة آنفة الذكر. ووصفت الايكونومست” البريطانية ذلك على النحو التالي: “كمواطنين اسرائيليين،  معظم  العرب  يريدون  ان يستمتعوا بشروط مشابهة لشروط اليهود، ولكن الكثيرين منهم يرون أنفسهم أولا وقبل كل  شيء فلسطينيين، والتعاون مع شرطة اسرائيل (ومؤسسات حكومية اخرى) سيكون من ناحيتهم خيانة لهذه الهوية”. وتوجد آثار:  حتى لو لم  تكن الجريمة والعنف معاملا مباشرا لتعاظم المشاعر القومية فانها لا تنقطع عنها. وبشكل عملي، توجد “ادوات مستطرقة” من ناحية السلاح الذي في  ايدي عصابات الجريمة في اسرائيل وعصابات ا لارهاب في المناطق، وفي الهوامش يوجد ايضا تماثل فكري وعملي. وما هو مهم بقدر لا يقل، من تحت السطح واحيانا من فوقه ايضا توجد روح وممارسة لعدم الاعتراف بصلاحية وإمرة دولة اسرائيل. يوجد من يرون أنفسهم كيانا منفصلا يأتمر بقوانين الدولة فقط حين تكون مريحة له وعندما لا  تتناقض مع هويته  الفلسطينية. ومرة اخرى ينبغي أن نضيف: هذا ليس من نصيب عموم الجمهور العربي، لكن الاقلية تقرر جدول الاعمال كما تبين ايضا في العنف العربي في حملة حارس الاسوار.

ثمة من  يقترح اعادة الحكم العسكري من عهد بن غوريون. ولكن هذا ليس عمليا بل وليس عادلا تجاه الاغلبية في الجمهور العربي  الذي ينفر من العنف. ولكن التصدي الحقيقي للوضع يجب أن يتضمن ايضا خطوات غير عادية – ايجابية تجاه تلك الاغلبية، ولكنها ايضا  خطوات كل دولة ترى نفسها مسؤولة عن مواطنيها تمنحها لاذرع الامن لديها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى