ترجمات عبرية

معاريف– بقلم زلمان شوفال  – مخادعات من امريكا

معاريف– بقلم زلمان شوفال  – 9/11/2021

” رغم الابتسامات المتبادلة، فان السعودية والامارات الاخرى يقظة مثل اسرائيل للمخاطر من ايران متحولة نوويا، ارهابية وساعية الى الهيمنة الشرق اوسطية”.  

“ليس هناك من أمر دائم اكثر من المؤقت”، يقول مثل فرنسي شهير، وسيكون هذا صحيحا ايضا  اذا ما تغير ترتيب الكلمات بمعنى ان الدائم المزعوم هو ايضا ليس محصنا من التغييرات، ولا سيما عندما يدور الحديث عن الشرق الاوسط. واحيانا يكون هذا اقل من ذلك الوضع الذي تغير واكثر منه التقديرات والتفسيرات حوله – سواء للمصلحة أم لعدم الفهم. مثال بارز هو التفسيرات حول علاقات العالم العربي السُني، او قسم منه، مع ايران. 

توماس فريدمان، المحلل السياسي في “نيويورك تايمز” يعتقد مثلا بان انسحاب الولايات المتحدة من افغانستان غير ترتيب الاحجارة على لوحة الشطرنج الشرق اوسطية المجمدة وانه نتيجة لذلك ينشأ واقع من علاقات تقارب بين السعودية ودول الخليج الاخرى مع طهران. دعك من أنه عندما يتحدث فريدمان عن لوحة الشطرنج المجمدة فانه يتجاهل تماما التحسن الكبير للغاية الذي طرأ في المنطقة اي اتفاقات السلام والتطبيع بين امارات النفط والبحرين وبين اسرائيل؛ ولكن منح الانسحاب الامريكي من افغانستان، على الفوضى التي ميزته، الحظوة على تطور مبارك ما في المنطقة،  فان هذا يثير الدهشة في نظري. فما بالك ان معظم المحللين، وقبل وقت طويل من ذلك فريدمان نفسه ايضا، لم يوفروا النقد على ما حدث وعلى خطوات الرئيس بايدن. ولكن فريدمان يواصل، ويحتمل انه يعكس من هذه الناحية، وليس صدفة، موقف الادارة: “بايدن كان محقا مئة في المئة، إذ ان تواجد امريكا في افغانستان والضمانات الامنية الرسمية او الضمنية لجهات مختلفة في المنطقة ادت ايضا الى سلوك مرفوض وضار – مقاطعات، احتلال، مغامرات منفلتة العقال وما شابه”. وهو يذكر “توسيع المستوطنات الاسرائيلية في عمق الضفة الغربية” كاحد الامثلة على هذه النظرية. ولكن هنا يصل الى الموضوع الاساس من ناحيته، اي انه بسبب الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من الشرق الاوسط، نشأت ارضية واسعة لتبديد التوترات بين العالم العربي السني وايران. وهو يذكر في هذا السياق تصريحات ايجابية لزعماء ودبلوماسيين من الطرفين. بتعبير آخر، برأيه التهديد الايراني مرة اخرى ليس خطيرا مثلما كان من قبل. 

على اي حال، فان الزعماء العرب على ما يبدو اكثر وعيا من فريدمان، واكثر بكثير من زعماء اسرائيل الحاليين، وهم لا يتأثرون  بالتغييرات الايجابية التي طرأت، زعما، في نوايا طهران. العكس هو الصحيح. فهم يستخلصون استنتاجات صحيحة من التحولات التي طرأت على السياسة الخارجية الامريكية في عهد بايدن، وليس اقل من ذلك من التحولات في السياسة الامريكية الداخلية، حين تكون الادارة المتعثرة تحتجز تقريبا في كل موضوع كرهينة في ايدي اليسار المتطرف في الحزب الديمقراطي في الكونغرس، الذي لا يخفي معارضته للعلاقات السابقة التي بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين في الشرق الاوسط. السياسيون العرب لا يستخفون باهمية العلاقات مع الولايات المتحدة ولكنهم يفهمون أنه في الوضع الحالي توجد لذلك قيود. بادرات طيبة كهذه او تلك وحتى خطوات رمزية تجاه الايرانيين هي جزء من اللعبة الدبلوماسية، ولكن الحقائق الاساس لم تتغير: ايران وفروعها هم في نظرهم مثلما هم في الماضي التهديد الحقيقي. والدليل، السعودية اعلنت قبل بضعة ايام عن المؤسسة المالية لحزب الله، “صندوق الحسن” كجسم ارهابي. ليس للسعودية اوهام حول نوايا ايران، سواء مباشرة، ام من خلال فروعها مثل حزب الله، مصممة على مواصلة السياسة التي هدفها عزل ايران قدر الامكان. رغم الابتسامات المتبادلة، فان  السعودية والامارات الاخرى يقظة مثل اسرائيل للمخاطر من ايران متحولة نوويا، ارهابية وساعية الى الهيمنة الشرق اوسطية. لكن فريدمان، في نظر نفسه على الاقل ليس فقط صحافيا بل وايضا باحث ومتوقع لما سيأتي، واضافة الى التحليلات السياسية، النظرية الاساس لرؤياه عن الشرق الاوسط المتغير تنبع من التحولات الطبيعية التي ستملي ظاهرا على الدول المختلفة التعاون بينها. لكن حاليا لا يوجد اي مؤشر على ان ايران مثلا ستخفف من ميولها العدوانية بسبب اعتبارات بيئية – وبالتأكيد ليس ضد اسرائيل. كما اسلفنا حتى لو كانت محتملة تغييرات مؤقتة معينة فانها لا تشهد على  تغيير في الميول الدائمة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى