ترجمات عبرية

معاريف – بقلم زلمان شوفال – عودة الى خدعة ميونخ

معاريف – بقلم  زلمان شوفال – 15/12/2020

هل الرئيس المنتخب بايدن تعلم من التاريخ ام سيقع الان في فخ ايران؟ في هذه الاثناء  يتحدد تجاه الاستفزاز الايراني بصياغات قد يشجعهم فقط على الاستمرار “.

تقف أمام ادارة بايدن المتشكلة سلسلة مواضيع حرجة في مجال السياسة الخارجية، ولكن الموضوع الذي يلوح كتحد وموضع الخلاف الاكبر هو الاتفاق النووي مع ايران.  فالتاريخ لا يكرر نفسه ولكن من المجدي التعلم منه. فقد قرر ادولف هتلر في حينه احتلال بولندا وتصفيتها كدولة منذ المراحل الاولية لحكمه، ولكن في الفترة الانتقالية لعب لعبة دبلوماسية بل ووقع معها على اتفاق عدم اعتداء – الى ما بعد اتفاق مينونخ، حين تركت بريطانيا وفرنسا تشيكوسلوفاكيا لمصيرها، فغير فكرته الاساسية وعرض على البولنديين سلسلة من المطالب الانذارية. يكرر الايرانيون اليوم على نحو شبه دقيق اساليب الخداع النازية ويضعون الولايات المتحدة واوروبا امام نوع من الانذار: أولا الغوا العقوبات علينا وبعد ذلك قد نوافق، والتشديد هنا على “قد”، على البحث في مواضيع اخرى.

في 1939 لم تقع بريطانيا وفرنسا، اللتان تعلمتا من خدعة ميونخ، في الفخ الذي اعدته لهما المانيا النازية واعلنا الحرب عليها، ولكن هل تعلم بايدن من التاريخ أم سيقع الان في الفخ الايراني؟ في هذه الاثناء يتحدث عن الاستفزاز الايراني بصياغات من شأنها فقط أن تشجعهم على الاستمرار.

كتبت “الايكونومست” البريطانية في عددها الاخيرة بنبرة نقدية: “السيد بايدن يرفض فكرة طرح شروط على عودة الولايات المتحدة الى الاتفاق النووي”. ومن المقابلة مع المحلل السياسي لـ “نيويورك تايمز” توم فريدمان، نتعرف على أن آنف الذكر يتحدث بالفعل باسلوب يظهر بان درس ميونخ لم يستوعب. وبرأي فريدمان على الولايات المتحدة ان تعود أولا الى الاتفاق النووي السابق، مثلما تطالب تطهران، ان تلغي العقوبات التي فرضها ترامب، وبعد ذلك تجرى مفاوضات “فورية” لادخال تغييرات مرغوب فيها على الاتفاق ولمعالجة النشاطات التآمرية لايران في الشرق الاوسط. وحسب الصحيفة، قال بايدن: “توجد احاديث كثيرة عن صواريخ بعيدة المدى وكل انواع الامور الاخرى التي تمس باستقرار المنطقة، ولكن السبيل الافضل لمعالجة ذلك هو  في مسار الموضوع النووي”، اي استئناف الاتفاق السابق بكامله؛ او مثلما قال الرئيس الايراني روحاني لشدة وقاحته: “لا حاجة الا الى اخذ ورقة والتوقيع عليها”، وسار وزير الخارجية الايراني جواد ظريف خلفه وقال: “لن نجري ابدا مفاوضات جديدة على الاتفاق”. فريدمان، في صالحه، يقال انه اكثر وعيا من الرئيس الجديد وهو يقول: “سيكون من الخطأ اذا ما تخلت الولايات المتحدة عن التفوق الذي لديها حول عقوبات النفط التي فرضها ترامب. ينبغي استغلال هذا التفوق ايضا لاجل منع توريد صواريخ ايرانية الى فروعها في لبنان، سوريا، اليمن والعراق، والتي تهدد اسرائيل وبعض الدول العربية”. وهو يصرف نوايا ايران تجاه اسرائيل “بالاجرامية”.

ويشير فريدمان الى أن بايدن ورجال فريقه (ممن ادى بعضهم دورا هاما في المفاوضات على الاتفاق النووي) وان كانوا على وعي للحجة آنفة الذكر، ولكن من ناحيتهم ليس فيها ما يقلل من اهمية اعادة الاعتبار للاتفاق الاصلي، “وبما تبقى نهتم بعد ذلك”. صحيح ان ايران ليست المانيا النازية من ناحية قدراتها العسكرية، ولكن لم يكن للالمان سلاح نووي، ولايران، اذا لم توقف، سيكون.

الشرق الاوسط ليس ذاك الذي كان في زمن التوقيع على الاتفاق النووي في 2015. فشراكة المصالح بين اسرائيل والدول العربية السنية تجاه التهديد الايراني ادت الى خلق جبهة براغماتية موحدة ذات آثار واسعة على مستقبل المنطقة. وتؤشر هذه الجبهة الان الى ادارة بايدن وليس فقط بالكلمات بانه سيتعين عليها ان يراعي مصالحها الاساس والوجودية. ولاسرائيل دور مركزي من هذه الناحية. ليس فقط لانه اكثر من أي دولة اخرى يشكل التطلع الايراني للهيمنة الاقليمية وبرامجها العسكرية والتآمرية تهديدا وجوديا عليها، وليس فقط بفضل تفوقاتها العسكرية بل وايضا بسبب المسارات التي توجد لها (والتي ينبغي تعزيزها) الى مراكز التأثير السياسية والجماهيرية في امريكا.

تعين اسرائيل في السنوات الاخيرة في حرب وقائية متعددة الجبهات ضد ايران، ونجاحاتها في هذه المواجهة تقوم على اساس رؤيا سياسية صحيحة، علاقاتها الوثيقة مع ادارة ترامب والدبلوماسية الابداعية تجاه العامل الهام الاخر في المنطقة، روسيا. ينبغي الامل في ان يوجد الطريق لتفاهمات عملية  من هذه الناحية مع ادارة بايدن ايضا, فالولايات المتحدة منذ ادارة اوباما تسعى لان تقطع الصلة بالتدريج عن الوزن الزائد الذي كان لمصالحها في الشرق الاوسط، ولكن مثلما يدعي خبراء كثيرون، ستكون للشرق الاوسط اهمية استراتيجية كبيرة في ا لمستقبل ايضا – سواء في مجال الطاقة، ام بسبب التهديد العالمي من التطلعات النووية الايرانية، فما بالك عن المنطقة  كمربض لنشاط ارهابي عالمي. لكل هذه الاهداف ستكون الولايات المتحدة بحاجة للتعاون مع حلفائها الطبيعيين في المنطقة. اما تجاهل التهديد الايراني عليهم، فسيمس ليس فقط بهم بل وايضا باهداف الولايات المتحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى