ترجمات عبرية

معاريف– بقلم زلمان شوفال – عندما اتصل بايدن

معاريف– بقلم  زلمان شوفال – 23/2/2021

مكالمة بايدن ونتنياهو بداية طيبة ومن الواجب رفع علاقات اسرائيل والامم المتحدة الى مسار ايجابي، ولكن ليست وصفة مضمونة لازالة كل الخلافات بينهما“.

لقد كانت أول مكالمة يقوم بها الرئيس جو بايدن مع زعيم شرق اوسطي هي مع رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو. لم تكن مكالمة مجاملة او مكالمة تعارف، فالرجلان صديقان قديمان، بل بحث سياسي جدي امتد لساعة بين زعيمين حليفين في مواضيع على جدول أعمال الدولتين. وعلى حد ما قاله البيت الابيض، تناولت المكالمة “تعزيز العلاقات والتعاون بين الدولتين مع التشديد على مواضيع أمنيةاقليمية بما في ذلك ايران”. كما بحثت ايضا “اتفاقات ابراهيم” بين اسرائيل والدول العربية وتأييد بايدن لها شكل ليس فقط تأكيدا على سياسة نتنياهو وترامب في هذا الشأن بل اشارة  الى طهران بان الحلف الاسرائيلي العربي الذي أحد اساساته الاولى هو المصلحة المشتركة في منع نواياها الهجومية، حي قيوم.

والموضوع الفلسطيني هو الاخر طرح في هوامش الحديث، ومع أن الادارة لجديدة تتمسك بصيغة الدولتين، يمكن أن نفهم بان ليس في نيتها ان تبادر في المستقبل القريب القادم الى خطوة نشطة من المفاوضات، بل وتركز على خطوات تخفف حدة بؤر الاحتكاك بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية. واعلن هادي عمرو،  رجل وزارة الخارجية الذي عمل في هذا الموضوع في الماضي ايضا، وعين لمعالجة هذا الشأن،  بان هدفه “تحسين الوضع في الضفة الغربية وفي غزة وبناء الثقة بين الطرفين  من تحت الى فوق”.

وكان الموضوع الاساس والعاجل، سواء في مكالمة بايدن ونتنياهو أم في الساحة السياسية الامريكية للعموم، هو  الاتفاق النووي مع ايران. ومع ان الحديث في هذا الموضوع دار هو الاخر بروح طيبة، مشكوك أن تكون ازيلت فيه معظم العوائق.

موقف اسرائيل واضح: الاتفاق الاصلي سيء وخطير سواء من ناحية ما كان فيه ام من ناحية ما هو ناقص فيه. فقد سمح لايران بالاندفاع نحو قنبلة نووية بعد بضع سنوات ومواصلة خرقه في اثنائه؛ ولم يكن فيه موقف من النشاط العدواني والتآمري لطهران في مواضيعه مثل الارهاب، تطلعات الهيمنة في الشرق الاوسط وتطوير الصواريخ الباليستية. لقد كانت اسرائيل محقة إذ اوضحت موقفها منذ الساعات الاولى  للادارة الجديدة وهكذا وضعت نفسها كجهة لا  يمكن لادارة بايدن ان تتجاهلها، بخلاف ادارة اوباما في حينه.

وكما علم، كان رئيس الوزراء سيعقد الاسبوع الماضي بحثا خاصا في المسألة الايرانية، لكنه الغاه في اعقاب مكالمته مع الرئيس بايدن. فهل ثمة في ذلك مؤشرا على انه في المكالمة يوجد اساس متفق عليه في المسألة الايرانية، ام ربما العكس، بان المواقف  بين اسرائيل والولايات المتحدة متصادمة لدرجة ان مثل هذا البحث كان من شأنه ان يفاقم الخلافات اكثر – وهذه نتيجة بالتأكيد غير مرغوب فيها من ناحية اسرائيل؟

تتفق محافل في اوساط الرئيس بايدن في التطلع الى استئناف الاتفاق النووي، رغم وجود فوارق معينة حول  طبيعته ومداه المرغوب فيهما والسبل لتحقيقه.

فالمستشار الأمني للرئيس جاك ساليبان يؤيد مثلا المطلب لتوسيع الاتفاق الأصلي كي يتضمن مواضيع مثل الصواريخ وخروقات حقوق الانسان في ايران، ولكن مع ذلك  فان التفسير العملي  لرسالة وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن – وبموجبها “الولايات المتحدة ستوافق على كل وساطة أوروبية تدفع الى الامام بالمفاوضات على اتفاق نووي” – هو  ان  واشنطن تؤشر بانها لا تضع في وجه ذلك شروطا مسبقة. صحيح ان الولايات المتحدة لن تلغي في هذه المرحلة العقوبات مثلما تطالب طهران، ولا الحظر على بيع السلاح أيضا، ولكن يحتمل أن يكون هذا موقف اولي فقط.

فمجرد توجه واشنطن الى أوروبا في هذا الشأن يبعث على التساؤلات في ضوء تطلع معظم دول القارة للعودة بسرعة الى العلاقات الاقتصادية مع ايران. حدث يمكنه أن يشير الى نوايا الإدارة هو اطلاق الميليشيا العراقية المدعومة من ايران الصواريخ نحو قاعدة عسكرية امريكية في أربيل في نطاق الحكم الذاتي الكردي في العراق. فهل ستمر واشنطن على ذلك مرور الكرام؟ عدم الرد بالتأكيد سيفسر في طهران بانه حسم امريكي للعودة الى الاتفاق بكل ثمن.

وختاما، كانت مكالمة بايدن ونتنياهو بداية طيبة ومن الواجب رفع علاقات اسرائيل والامم المتحدة الى مسار ايجابي، ولكن ليست وصفة مضمونة لازالة كل الخلافات بينهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى