ترجمات عبرية

معاريف– بقلم زلمان شوفال – شرق أوسط جديد

معاريف– بقلم  زلمان شوفال – 27/10/2020

صحيح أنه ينبغي الحفاظ على التوازن ولكن يمكن ايضا الموافقة على القول في وسائل الاعلام العربية بان اسرائيل اصبحت في عهد نتنياهو قوة عظمى اقليمية  “.

ان اتفاق السلام المتحقق مع السودان هو علامة طريق اخرى في توسيع العلاقات السياسية لاسرائيل في العالم عموما وفي منطقة الشرق الاوسط وافريقيا خصوصا. ومثل  الاتفاقات السابقة مع اتحاد الامارات والبحرين، فان الاتفاق الجديد ايضا يقوم على اساس المصالح المشتركة، ومن ناحية الخرطوم على أن تطبيع العلاقات مع اسرائيل هو المفتاح لفتح قفل العقوبات الامريكية. من ناحية اسرائيل يوجد ايضا اعتبار استراتيجي: فبالاتفاق مع السودان، الذي يقع على شواطيءالبحر الاحمر يضاف مدماك آخر لضمان حرية الملاحة الى ميناء ايلات.

يؤكد الاتفاق مع الخرطوم والاتفاقات مع دول اخرى المح بها، على نحو ظاهر صحة الاستراتيجية السياسية لبنيامين نتنياهو والتي بموجبها فان الموضوع الفلسطيني ليس شرطا مسبقا للسلام بين اسرائيل والدول العربية،بل العكس؛ ان السلام مع العالم العربي البراغماتي كفيل بان يدفع الى الامام بتسويات مع الفلسطينيين، مثلما قال مؤخرا طوني بلير، رئيس الحكومة البريطانية الاسبق وممثل الرباعية الى الشرق الاوسط: “بخلاف الفكرة الفاشلة في أن على اسرائيل والفلسطينيين ان يبدأوا اولا مفاوضات السلام وبعد ذلك ايضا ينضم اليهم الاخرون، ينبغي اولا انتاج سلام بين اسرائيل والشعوب العربية ودمج الفلسطينيين في ذلك”. ما كان يمكن لهذه السياقات ان تستنفد دون الدور الذي ادته ادارة ترامب والعلاقات الوثيقة التي بينها وبين حكومة اسرائيل. ينبغي الامل في انه حتى لو تبدل الحكم في واشنطن، فان المصلحة الامريكية ستملي تواصلها. لا يغطي  الانجاز الحالي على حقيقة أن رؤساء وزراء اسرائيليين سابقين ايضا بذلوا جهودا كبيرة، بعضها ناجح، لدفع السلام الى الامام، مثل مناحم بيغن في السلام مع مصر، اسحق شمير لاطلاق  مسيرة السلام مع الاردن والتي وصلت الى استنفادها في عهد اسحق رابين. ولكن معظم المحاولات الاخرى، بما فيها اتفاقات اوسلو، فشلت، ليس بسبب انعدام  المرونة  او غياب النية الطيبة في الجانب الاسرائيلي، بل بسبب الرفض الفلسطيني من جهة، وتجاهل  زعماء اسرائيل الدوافع الفلسطينية الحقيقية التي في اساسها عدم الاعتراف بحق وجود اسرائيل من جهة اخرى. لقد كانت لشمعون بيرس اوهام عن “شرق اوسط جديد”، وقد جر رابين الاكثر تشككا لمسيرة اوسلو الفاشلة. تنبأ ايهود باراك بـ “نهاية النزاع” واستيقظ على الانتفاضة الثانية؛ وكان ايهود اولمرت مستعدا لان يسير حتى آخر الطريق نحو الفلسطينيين فضلله ابو مازن؛ اما ارئيل شارون، فقبل أن يعتقد على ما يبدو بان اخلاء المستوطنات في قطاع غزة وفي شمال السامرة يعزز المكانة الدبلوماسية لاسرائيل لدرجة تعطل الاحتمالات لاقامة دولة فلسطينية، وقع (وان كان مع “ملاحظات”) على “خريطة  الطريق”  التي  دعت الى تجميد الاستيطان اليهودي خلف الخط الاخضر وفي المرحلة الثانية الى اقامة دولة فلسطينية (في حدود مؤقتة). وفي صالحه يقال انه نجح في أن يتلقى من الرئيس جورج دبليو بوش موافقة على “حدود آمنة وقابلة للدفاع”  والقول انه “في ضوء الواقع الديمغرافي الجديد” (الكتل الاستيطانية) ستكون الحدود مختلفة عن الخط الاخضر. اما ادارة اوباما فتجاهلت حتى هذه الاتفاقات آنفة الذكر.

من اجل عرض صورة أمينة، ينبغي الاعتراف ليس فقط في أن النهج السياسي الاسرائيلي قد تغير منذئذ، بل وايضا بان الجغرافية السياسية العالمية والاقليمية المتغيرة سمحت لاسرائيل بان تحقق اهدافها وفقا لصيغة سياسية جديدة  تعكس هذه التغييرات. لقد اصبحت الولايات المتحدة انعزالية اكثر، وعادت روسيا بقوة الى الشرق الاوسط. وتتنافس الصين، وليس بلا نجاح، على الصدارة الاقتصادية وفي المستقبل ربما العسكرية ايضا، واصبحت اوروبا الموحدة زعما اكثر فأكثر لعبة ثانوية في  الساحة الدولية، وتركيا،  العضو في الناتو، توجد في مواجهة متعددة الجبهات مع شريكتيها، اليونان وفرنسا. أما في الدول العربية، فتهديد ايران واهدافها في الهيمنة، ومحاولات الاخوان المسلمين بدعم من تركيا –اردوغان تقويض اساسات الحكم فيها – أدت الى اعادة تقويم لمصالحها الحيوية، بما في ذلك تجاه اسرائيل والمسألة الفلسطينية. وقد عرفت السياسة الاسرائيلية كيف تستغل جيدا التطورات آنفة الذكر لتحقيق اهدافها الاستراتيجية الشاملة، بما في ذلك نشاطها العسكري العلني وغير العلني، حسب مصادر أجنبية، لحصر التموضع الايراني في سوريا، والتي بدونها كان الحرس الثوري يرابط اليوم على جدار الحدود في هضبة الجولان. لم يكن هذا النشاط ليتاح لولا منظومة العلاقات الجوهرية التي طورتها اسرائيل مع روسيا دون المس بالعلاقات الحيوية القريبة مع امريكا.

لقد ساعد تعاظم اسرائيل العسكري، بما في ذلك التخطيط للمدى البعيد لاسطول الغواصات ووسائل الملاحة الاخرى في الدفع الى الامام بعلاقاتها مع الدول العربية في وجه التهديد المباشر لايران، وذاك غير المباشر من منظمات الارهاب الاسلامية وغيرها، وفي نفس الوقت، فان مكتشفات الغاز الطبيعي ايضا سمحت لاسرائيل بان تطور في منطقة شرق البحر المتوسط كلها  خطوات استراتيجية هامة مع اليونان، مصر،  قبرص وايطاليا. صحيح أنه  ينبغي الحفاظ على التوازن ولكن يمكن ايضا الموافقة على القول في وسائل الاعلام العربية بان اسرائيل اصبحت في عهد نتنياهو قوة عظمى اقليمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى