ترجمات عبرية

معاريف – بقلم زلمان شوفال – ذخر استراتيجي

معاريف – بقلم  زلمان شوفال ، السفير الاسرائيلي الاسبق في الولايات المتحدة –  10/12/2019

أمنية توم لانتوس، الناجي من الكارثة وفي الماضي المندوب السامي للحزب الديمقراطي في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب، كانت اقامة حلف دفاع بين اسرائيل وبين الولايات المتحدة. ولكن، في المحادثات الكثيرة التي اجريتها مع لانتوس، المؤيد الثابت والمتفاني لاسرائيل والذي لا تغيب ذكرى الكارثة عن باله – اضطررت لان اجيبه بان معظم محافل الامن عندنا يعتقدون بان مثل هذا الاتفاق لا يخدم المصلحة الاسرائيلية. بل العكس من شأنه ان يقيد حريتها في العمل العسكري؛ التعاون الامني والاستخباري الخصب بين امريكا واسرائيل، والمبدأ المتفق عليه بين كل الادارات الامريكية الاخيرة في أن لاسرائيل محفوظ الحق “في الدفاع عن نفسها بنفسها” (التوافق الذي معناه يخرج عن الصيغة اللفظية آنفة الذكر) – يستجيب كل هذا على أي حال لمعظم متطلبات اتفاق الدفاع.

هذا لم يعد.

ان التهديدات الامنية الاساسية التي تقف امامها اسرائيل اليوم وفي المستقبل تختلف جوهريا عن تلك التي وقفت امامها في الماضي – وكانت قادرة عليها بفضل تفوق الجيش الاسرائيلي وبفضل تراص صفوف الجبهة الداخلية. امامنا لا تقف دولة عربية كهذه او تلك، أو حتى تحالف دول، بل ايران، قوة عظمى صغيرة مع تطلع لهيمنة اقليمية وذات قدرة تكنولوجية وعلمية لا بأس بها، مفعمة بايديولوجيا دينية متزمتة تطلعها لابادة اسرائيل ليس مثابة شعار فارغ، وتقترب من قدرة انتاج سلاح نووي.

لقد كان الهجوم الصاروخي الايراني على منشآت النفط السعودية مثالا على تخطيط وتنفيذ متطورين. كما ان حقيقة انه لم تكن للسعوديين وسائل دفاعية مناسبة، أو انهم لم يعرفوا كيف يستخدمونها، لا تقلل من الانجاز العملياتي. صحيح أن اسرائيل لا تقل عن ايران في أي واحدة من قدراتها في هذه المجالات وغيرها، بل وتتفوق عليها؛ فضلا عن ذلك، فان الوسائل التي بادر دافيد بن غوريون الى اتخاذها قبل ستين سنة (رغم معارضة سياسيين آخرين ضيقي الافق) توفر لاسرائيل “حائط حديدي” في وعي وقدرات رد ذات مغزى.

ولكن، لاسرائيل عقب أخيل: الجبهة الداخلية. فمساحتها الضيقة والتركيز السكاني والاقتصادي في مناطق المركز تخلق وضعا محتملا من الاصابات الزائدة جراء اطلاق الايرانيين أو فروعهم للصواريخ. صحيح ان لاسرائيل وسائل متقدمة ومتطورة للدفاع في وجه الصواريخ، ولكن توجد قيود مالية، رغم المساعدة الامريكية، من حيث كمية وامكانية انتشارها. كما ان لايران قدرات لم تكن للدول العربية: العمل بواسطة فروع – حزب الله، حماس والجهاد الاسلامي والميليشيات الشيعية المتمركزة في سوريا وفي العراق. لقد عملت اسرائيل في السنوات الاخيرة بنجاح واضح ضد القوات الايرانية والشيعية الخاضعة لامرة طهران في اماكن مختلفة – فيما ان النشاطات العسكرية المنسوبة لها تتداخل واعمال دبلوماسية وسياسية فائقة، سواء مع الولايات المتحدة أم مع روسيا. وعلى الرغم من نجاعة هذه الاعمال، ليس فيها بالضرورة ما يردع ايران بشكل مطلق من مواصلة هجماتها المباشرة وغير المباشرة ضد اسرائيل. هذا الواقع يستوجب، اضافة لامكانيات عمل اخرى، موقفا حديثا ايضا من خيار اتفاق دفاع مع الولايات المتحدة.

منظمة “جنسا” الامريكية التي اعضاؤها هم ضباط كبار سابقون، معظمهم غير يهودي، واهميتها تتناسب تناسبا عكسيا مع وعي الجمهور لها، تنكب منذ اكثر من سنة على صياغة مسودة لمثل هذا الاتفاق، ومثلما صرح مؤخرا مايكل مكوبسكي، الذي يقف على رأس المنظمة، فان الحديث يدور عن اتفاق سيقرر بوضوح بان حرية عمل اسرائيل ليست محدودة، وانه الى جانب ذلك يستجيب للمصالح الاستراتيجية الامريكية. ولقد سبق للسناتور ليندزي غرام أن أعلن بانه يؤيد مسودة “جنسا”، ومن الموقف العاطف لادارة ترامب تجاه اسرائيل يمكن الاستنتاج بان هذه الفكرة ستنال تأييد البيت الابيض. ولكن لضمان مفعول وطول عمر الاتفاق حتى عندما يكون رئيس آخر في البيت الابيض، من المهم أن يقر من الكونغرس بكتلتيه.

اليوم ايضا يوجد في اسرائيل من يعارضون فكرة اتفاق الدفاع، ربما لانهم لا يفهمون الواقع الاستراتيجي والجغرافي السياسي الجديد في الشرق الاوسط. ولكن توم لانتوس، الذي توفي قبل 11 سنة، رأى المولود بالضبط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى