ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  زلمان شوفال  – دعوة صحوة ..!!

معاريف – بقلم  زلمان شوفال  – 5/10/2021

” حكومة اسرائيل الحالية تتصرف مع ما يجري في امريكا في عمى متعمد. احدى مهامه الاساس ستكون ان يطلع مرسليه عن الواقع الحقيقي للولايات المتحدة وليس ذاك الذي يتخيلونه “.

الحادثة شبه الفتاكة في الطريق للمساعدة للقبة الحديدية هي دعوة صحوة لاسرائيل، حيث يتطور في الكونغرس الامريكي واقع جديد لم نشهده حتى الان. صحيح ان المساعدة اجيزت في نهاية المطاف، بل وباغلبية مبهرة، ولكن مكان اسرائيل في الموقف الامريكي غير اللون مقارنة بعشرات السنين الاخيرة، وذلك ليس لان الرئيس بايدن او الكتلة المركزية في الحزب الديمقراطي غيرت موقفها الودي تجاه اسرائيل، بل بسبب الوضع الدون نسبيا للكتلة الديمقراطية في المجلسين، ولا سيما في مجلس النواب، اي الاغلبية الضيقة لها، تعطي وزنا زائدا للمعسكر التقدمي، اي اليساري الذي يعد نحو مئة نائب، بينهم بعض العضوات، المسلمات في معظمهن ممن وضعن لانفسهم هدفا احداث  تغيير جذري في المكانة الايجابية لاسرائيل في نظر العمل الجماهيري الامريكي بالعموم وفي الكونغرس بالخصوص. 

ان هذه القوى غير المتوازنة تعرض للخطر ايضا خطط بايدن الاخرى، وعلى رأسها في المجال الاقتصادي. الديمقراطيون والرئيس بايدن، يدفعون الان ثمن “كله الا ترامب”. بدلا من أن يبلوروا سياسة في المواضيع الهامة حقا. من تعتبر زعيمة المجموعة اليسارية، الكساندريا اوكسيو كورتيز اعلنت منذ الان بانها تعتزم اشتراط كل مساعدة لاسرائيل، بما فيها الامنية، بخطوات في صالح الفلسطينيين، ومجموعة اخرى من نحو عشرين عضو كونغرس، بمن فيهم بعض اليهود، طرحت مشروع قانون للاعتراف الامريكي الفوري بدولة فلسطينية حتى بدون مفاوضات مع اسرائيل. كما أن منظمات “جي ستريت” و “اصدقاء السلام الان في امريكا” تؤيده. يخيل ان ليس شخصا معينا او حزبا معينا لاسرائيل هم  الهدف لسهامهم، بل مجرد وجود دولة اسرائيل مثلما برز بوضوح في موضوع القبة الحديدية.

صحيح أن في هذه المرحلة لا يوجد احتمال كبير في ان تنال هذه المبادرات الاغلبية، ولكنها تشير الى تغيير في الميول تغذيه الاجواء المناهضة لليبرالية والتي تتطور في اجزاء من المجتمع والثقافة الامريكية، بما في ذلك ظواهر “الغاء الثقافة” وكم الافواه لمن يشتبه بهم في نظر اليسار بانهم “لا يسيرون على الخط” او يطلقون في مناسبات ثقافية وفي الجامعات أراء لا تتوافق مع “سياسة الهويات” له. السناتور الديمقراطي الراحل دانييل باتريك موينهن، من دوائر الاراء الليبرالية (المؤيدة لاسرائيل) البارزين في حينه في  امريكا، سبق أن حذر قبل سنين من الميول التسيبية التي نشأت في اليسار المتطرف  بالتوازي مع الميول الرجعية في اليمين المتطرف، وكلا الطرفين يقوضان اساسات الديمقراطية الامريكية.  وكرست مجلة “الايكونومست” البريطانية مؤخرا عددا كاملا للتطورات المناهضة لليبرالية في الولايات المتحدة وشبهتها باوروبا في العصور الوسطى تحت سيطرة الكنائس، سواء الكاثوليكية او البروتستانت. ومثلما في حينه فان هذه الميول هي ايضا احد الاسباب الاساس لصعود اللاسامية في امريكا اليوم. 

يحتمل ان يكون هذا لا يزال قابلا للاختفاء، ومن يعرف التاريخ الامريكي يعرف انه شهد غير مرة  فترات من التطرف وانعدام التسامح اختفت بعد ذلك كنتيجة لتطورات سياسية ام اقتصادية، داخلية او خارجية. ولكن السياسة والدبلوماسية يجب ان تتعاطى مع الاوضاع الواقعية الان وحكومة اسرائيل الحالية تواصل التصرف في الموضوع الامريكي بعمى متعمد ينبع من اعتبارات حزبية وشخصية، اضافة الى انعدام التجربة الدبلوماسية العامة لديها. ليس للسيدين بينيت ولبيد التجربة التي كانت لنتنياهو على المستوى الدولي، ولهذا لا مجال للنزول عليهما باللائمة، فهذا هو الموجود. الدبلوماسية ليست فقط مهنة بل هي ايضا كفاءة من الميلاد. وهي تتحسن بالحميمية وبالعلاقات المنسجمة مع ادارة بايدن، ولا تنقص اي فرصة للحديث بالمبالغة عن “افساد العلاقات المزعوم بين نتنياهو والحزب الديمقراطي. كما انهما يخاطران بدق اسفين بين اسرائيل وبين الحزب الجمهوري الذي هو نحو نصف الكونغرس ويحتمل أن يصبح بعد سنة الاغلبية. الحكومة الحالية تفضل ان تنسى  ان حكومة نتنياهو بالذات توصلت مع ادارة اوباما الديمقراطية الى اتفاق غير مسبوق للمساعدة الامنية. قد لا يكون  نتنياهو الزعيم الاسرائيلي الاكثر عطفا في كل الساحات السياسية الامريكية، ولكن احدا لم يعتقد انه يمكن تجاهل مواقفه.

لقد عانت سفارة اسرائيل في واشنطن في السنة الماضية من غياب سفير بحضور كامل، ولعل هذا ايضا  احد الاسباب الذي اصاب الحكومة بالصدمة جراء تأخير المساعدة للقبة الحديدية. بعد بضعة اسابيع سيخرج الى واشنطن السفير الجديد مايك هرتسوغ، وهو تعيين معقول في معظم الاراء، واحدى مهامه الاساس ستكون ان يطلع مرسليه عن الواقع الحقيقي للولايات المتحدة وليس ذاك الذي يتخيلونه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى