ترجمات عبرية

معاريف– بقلم زلمان شوفال – حائط وقائي

معاريف– بقلم  زلمان شوفال – 26/1/2021

لم يوجد السبيل لتحصين بني البشر، بمن فيهم القضاة من ميول سياسية وآراء مسبقة. ولهذا فقد اقيمت في الدول السليمة “اسوار صينية” بين السلطات، ولكن يبدو ان هذه الاسوار قد اخترقت في السنوات الاخيرة، وهذا خطير على الديمقراطية وسلطة القانون  “.

خبر: قريبا ستبدأ المحاكمة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. خبر: حسب المعهد الاسرائيلي  للديمقراطية، فان ثقة الجمهور  في  المحكمة العليا  تبلغ 42 في المئة، المعطى الادنى في  اي وقت كان.فهل يوجد صلة بين  الامرين: من الصعب اعطاء جواب قاطع، ولكن من غير المستبعد أن يكون نعم. المعطى آنف الذكر يضاف الى التردي في الثقة العامة بالجهاز القضائي مما يعكس رد فعل طبيعي من الجمهور للسلوك الاشكالي للنيابة العامة ولغيرها من المحافل، بما في ذلك بعض القضاة في هيئات مختلفة (وهذا يثير اسئلة حول شكل اختيار القضاة، وان كانت الطريقة الاسرائيلية مبدئيا افضل من الطريقة  السياسية العليا في الولايات المتحدة، فانها بحاجة الى اصلاح).

المحاكمة ضد نتنياهو اشكالية وغير معقولة في نظري بسبب مجرد وجودها وبمجرد مواضع الخلل المرافقة لها مثل التسريبات من غرف التحقيق، قضايا الشهود الملكيين، مواضع العلل في لوائح الاتهام، العلاقة الغريبة بين النيابة العامة والشرطة من جهة والصحافيين من جهة اخرى – كل هذه تنزع لبنات اخرى من الحائط الوقائي لطهارة المحاكمة. فالمهزلة التي رأيناها مؤخرا بنجومية المستشار القانوني للحكومة والنائب العام السابق للدولة باخراج من كان رئيس رابطة المحامين ايفي نافيه، اضافت الزيت الى النار. لست رجل قانون، بحيث اني لن اعرب عن رأي قانوني حول طبيعة الاتهامات ضد رئيس الوزراء، رغم أن قسما من الجمهور، بمن في ذلك البروفيسور في القانون  يوفال البشان، يرون سلوك النيابة العامة في ملفات نتنياهو كأمر “لا يطاق”. كما أن لن اتناول المسألة التي تسمى “منطق الدولة”، في ضوء الواقع المليء بالتحديات السياسية والامنية لاسرائيل، وان كان هذا هاما أيضا؛ فالخلل  الاساس في تقديم نتنياهو الى المحاكمة هو أنه بخلاف ما هو متبع في الديمقراطيات الرائدة في العالم – الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا-عندنا يترك مصير رئيس وزراء منتخب في ايدي سلطة غير مخولة بذلك ومجرد معالجتها لذلك يتعارض مبدأ فصل السلطات، وهو حجر اساس في النظام الديمقراطي.

في أمريكا تطرح ضد دونالد ترامب اتهامات خطيرة. ولكن هل طرأ على بال احد ما تقديمه الى المحاكمة في زمن ولايته كرئيس امام محكمة جنائية؟ صحيح أن الدستور الامريكي لا يتناول هذه المسألةبشكل صريح، ولكن الفهم السائد هو ان تقديم رئيس قائم الى المحاكمة يخرق  مبدأ فصل السلطات. في فرنسا رئيسان كشيراك وساركوزي لم يقدما الى المحكمة بل ولم يحقق معهما في اثناء ولايتيهما. يعرض قضاة وقاضيات سابقون في اسرائيل وبعض من رجال القانون المعروفين أنفسهم  كنفوس توأم للقاضية روت بايدر – غينسبرغ ولكنهم يتزينون بريش ليس لهم، إذ انه في محاكمة في 2002 قضت بان الحائط الوقائي للنظام الدستوري هو ان “يمتنع القضاة عن الاعراب عن الرأي في مواضيع موضع خلاف”، وفي تصريح آخر قالت: “حذار على القضاة ان ينسوا مكانهم (في منظومات الحكم)، وعليهم أن يتذكروا دوما باننا نعيش في ديمقراطية يمكن أن تهدم اذا ما اخذ القضاة لانفسهم مهمة حماة الحمى”. اما في اسرائيل فقاعدة بايدر – غينسبرغ لا تحترم، وقد سبق لبعض من كبار رجالات القانون ان اشاروا الى ذلك مثل روت غبيزون الراحلة، وزير العدل السابق دانييل فريدمان الذي كتب بان “العليا هي جسم سياسي ينظر في اعتبارات سياسية”، وقاضي المحكمة العليا السابق يعقوب تيركل الذي قال: “لست مرتاحا ازاء حملة الصيد التي تدار ضد رئيس  الوزراء… يجب الالتصاق بالقانون الذي يقضي بان رئيس الوزراء يمكنه ان يواصل ولايته حتى بعد رفع لائحة اتهام ضده”.

لم يوجد السبيل لتحصين بني البشر، بمن فيهم القضاة من ميول سياسية وآراء مسبقة. ولهذا فقد اقيمت في الدول السليمة “اسوار صينية” بين السلطات، ولكن يبدو ان هذه الاسوار قد اخترقت في السنوات الاخيرة، وهذا خطير على الديمقراطية وسلطة القانون. لقد كان دافيد بن غوريون واعيا لهذا الخطر منذ 1950 حين قال في خطاب في  الكنيست: في دولة لا يكون فيها تفوق للقانون، لا تكون فيها حرية… دولة اسرائيل  لن تعيش بدون حكم القانون وبدون حكم الديمقراطية – هذان امران يرتبطان الواحد بالاخر. هذه هي المشكلة الاساس للدولة…”. يتبين أن هذه  المشكلة لم  تحل بعد.  

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى