ترجمات عبرية

معاريف– بقلم زلمان شوفال – انتخابات زائدة

معاريف– بقلم زلمان شوفال – 29/12/2020

الانهيار السريع لازرق ابيض هو تقريبا دليل صاخب على ما يصيب ساحتنا السياسية من خلل “.

“ينبغي الترحيب بالفوضى لان النظام فشل”، كتب في حينه الكاتب والمسرحي اليهودي النمساوي كارل كراوس، ولولا حقيقة أنه توفي قبل 84 سنة لكان ممكنا الاعتقاد بانه قصد ما يجري اليوم في السياسة الاسرائيلية.فالحكومة الـ 35 في تاريخ اسرائيل والتي حظيت بالابتكار السخيف لـ “رئيس وزراء بديل” وصلت الى نهايتها، ولكن في الواقع لا، إذ أنه حتى قيام الحكومة التالية ستكون هذه هي الحكومة الانتقالية التي “لا  يخرج منها ولا يدخلها أحد” (ولهذا فقد سارع الوزير السابق زئيف الكين الى الاستقالة).

في وسائل الاعلام درج على تسمية الحكومة المنصرفة بانها “الاسوأ في تاريخ اسرائيل”، ومن ناحية العلاقات التي فيها، وانعدام الولاء للشريك أزرق أبيض، فان هذا الوصف صحيح بالتأكيد ولكن المتذمرين يفضلون الا يذكروا ان هذه هي ايضا الحكومة التي في عهدها وقع التقدم الاهم في فتح صفحة جديدة وايجابية للسلام وعلاقات اسرائيل مع العالم العربي؛ فقد اتخذت اسرائيل، وفقا لمصادر اجنبية، خطوات جريئة وناجعة في مجال الامن تجاه ايران وفروعها؛ في الصراع ضد وباء الكورونا صنفت اسرائيل من جانب شركة “بلومبرغ” كاحدى الاماكن الرائدة في العالم، اقتصاديا وصحيا على حد سواء؛ كما أن اسرائيل كانت بين الدول الاولى في العالم التي نجحت في ضمان اعطاء التطعيمات لمواطنيها، وحملة التطعيم تجري فيها بشكل فائق.

ان التفكير باقامة حكومة وحدة او طواريء كان صحيحا في حينه كأهون الشرور حسابيا إذا أخذنا بالاعتبار تركيبة القوى في الكنيست، ولكن بالاساس كي لا نعلق في انتخابات زائدة في اثناء ازمة الكورونا. ولكن ما لم يأخذه المبادرون اليها بالحسبان كان أن جزءا من المنضمين  الى الحكومة من أزرق أبيض سيتصرفون وكأنه تملكهم الشيطان وسيعملون من داخل الحكومة كحصان طروادة. وأنا اؤمن بان رئيسهم، بيني غانتس، عمل بدوافع وطنية ومسؤولة، ولكن يبدو أنه لم يعرف على نحو كافٍ عش الدبابير الذي يوجد فيه. ما العمل: فللزعامة يولد الناس (او لا يولدون). هكذا او كذلك، فقد أنزل غانتس الى الكنيست عصبة من                        الانفار السياسيين والاشخاص عديمي الثقافة السلطوية، وثمن الانتخابات الرابعة هو علينا. ان لازمة قدرة الحكم المتواصلة في اسرائيل يوجد اكثر من سبب واحد؛ لقد أثار بن غوريون في حينه تخوفا من  الا يكون اليهود في بلاد اسرائيل قد تعلموا بعد كيف يتصرفوا كأمة سيادية، واضافة الى ذلك، فان علل طريقة الانتخابات النسبية – القطرية، التي احتج عليها هي ايضا، جعلت خلق أغلبية برلمانية كأساس لحكومة مستقرة وتؤدي مهامها، امرا شبه متعذر (جدير بالاشارة الى أن جابوتنسكي ايضا، الذي لم يرَ مولد الدولة، تنبأ بشكل نقدي مشابه بالنسبة لطريقة الانتخابات التي تتبع اليوم في اسرائيل). كما أن الخرق المتزايد في السنوات الاخيرة، ولا سيما من الجهاز القضائي لمبدأ فصل السلطات يتسبب بـ “تعطيل الصلاحيات الديمقراطية، سواء للسلطة التشريعية، اي الكنيست، ام للسلطة التنفيذية، الحكومة.

لقد كان تأسيس أزرق أبيض في حينه عرضا من أعراض ما أسماه المؤرخ السياسي يغئال عيلام “انهيار السياسة”، وأنا افضل تسميته “انهيار الاحزاب”، اي اقامة اطار بمناسبة الانتخابات دون مواقف واضحة في أي موضوع مركزي – لا سياسي، لا اقتصادي ولا اجتماعي – مع شعار انتخابي واحد ووحيد: “كله الا بيبي”. ان الانهيار السريع لازرق ابيض هو تقريبا دليل صاخب على ما يصيب ساحتنا السياسية من خلل.

لشدة الاسف، لا يوجد احتمال كبير ان يتغير الوضع من هذه الناحية في الكنيست القادمة ايضا. فالانقسام المستشري سواء في اليمين، أم في الوسط وفي اليسار (فالانهيار المتواصل لحزب العمل وصل على ما يبدو الى المحطة النهائية)، وظهور كل انواع القائمة الوهمية من اليسار ومن اليمين – لا ينبيء بالخير من ناحية الاستقرار السياسي المستقبلي. ان المواضيع والتحديات التي ستقف أمامها الدولة في السنوات القادمة لن تتصرف وفقا لنزواتنا السياسية. وينبغي فقط أن نصلي رغم ذلك أن يجد بنيامين نتنياهو بعد هذه الانتخابات شركاء اكثر مسؤولية لحكومته.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى