ترجمات عبرية

معاريف– بقلم زلمان شوفال – العالم حسب ترامب وبايدين

معاريف– بقلم  زلمان شوفال – 13/10/2020

“مسائل الخارجية والامن في السياسة الامريكية في السنوات القادمة، سواء واصل ترامب منصبه أم احتل بايدن مكانه، هي مسألة حرجة بالنسبة للامريكيين وللعالم اجمع”.

لا تعطي المواجهة التلفزيونية الاولى بين ترامب وبايدن ثقة كبيرة بمواصلة مكانة امريكا كزعيمة العالم، ولكن مع ذلك، احدهما سيكون رئيسا.فرص ترامب تقل حسب الاستطلاعات، ولا سيما بعد أن تبين ان حتى الرؤساء لا يمكنهم ان ينتصروا على الكورونا بالترهات. مواضيع الخارجية والامن لم تلعب دورا بارزا في حملة الانتخابات، ولا في المواجهة. ولكنها تشكل  موضوعا مركزيا في مباحثات معاهد البحث، اي، ما ينبغي ان تكون عليه سياسة الخارجية والامن لواشنطن في السنوات الاربعة القادمة، سواء واصل ترامب تولي منصبه أم احتل بايدن مكانه.

بشكل عام تتوزع الاراء على ثلاث مجموعات. المعتقدون بان سياسة الرئيس ترامب كانت مصيبة للولايات المتحدة وحلفائها ويجب العودة الى القواعد التي كانت متبعة في الادارات السابقة؛ اولئك الذين يعتقدون بانه يجب مواصلة سياسة ترامب التي حققت اهدافها الاساسية، بما في ذلك في الشرق الاوسط، وحددت معايير جديدة لمنظومة علاقات امريكا مع خصومها واصدقائها على حد سواء؛ ومجموعة ثالثة، اصغر، تعتقد أن سياسة اوباما، كلينتون والبوشين،  حتى لو كانت صحيحة في حينه فلا تتوافق لا مع الطبيعة المتغيرة للعالم ولا مع المصالح الاجتماعية وغيرها للشعب الامريكي.

مؤيدو المجموعة الاولى الذين يمثلون التيار المركزي في الحزب الديمقراطي يدعون بان الولايات المتحدة اقامت في الماضي “نظاما عالميا جديدا”، وان سياسة الاحتواء التي ادارتها مع الاتحاد السوفياتي يمكن أن تخدمها الان ايضا تجاه التهديدات من الصين، روسيا وايران. وهم يشددون على فشل ترامب في موضوع كوريا الشمالية. يعترفون ان امريكا لم تجد دوما اجوبة مناسبة على التحديات التي يطرحها عليها العالم المتغير، ولكنهم يعتقدون بانه يمكن اعادة جزء من انجازات الماضي. من ناحية ترامب، الامر الاكثر اقلاقا لديهم هو الدعوة للعودة الى الاتفاق النووي مع ايران.

يعيش مؤيدو النظام العالمي الجديد آنف الذكر في عالم من الاوهام، هكذا يرد مؤيدو  ترامب، وبالذات التغييرات القاطعة التي فعلها هذا ستضمن ان يعمل النظام العالمي الحقيقي في صالح مصالح وقيم امريكا والعالم الحر. وهم يعتقدون بان الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في اوروبا وفي آسيا استغلوا رحابة صدر الامريكيين سواء في العلاقات التجارية ام في تمويل المنظمات الدولية المختلفة، بما فيها الناتو.  الليبرالية الدولية، اذا كانت قائمة في الماضي،  هي وهم، والقاعدة التي على اساسها تدار عمليا كل الدول هي التنافس من جهة والعلاقات المتبادلة من جهة اخرى. كما أن الاعتقاد الذي كان سائدا في الماضي في أنه مع التقدم الاقتصادي ستتحول الصين الشيوعية الى ديمقراطية تبدد، وعلى امريكا ان تتصدى لذلك، سواء اقتصادية ام على ما يبدو ايضا عسكريا. كما أن العولمة جلبت معها اخفاقات اكثر مما جلبت من انجازات والحقت ضررا بالاقتصاد وبالعاملين الامريكيين. في مجال الامن، كان الاعتماد الزائد لامريكا على الاتفاقات الدولية أدى الى ضعف نسبي في تفوقها العسكري. في السياسة الخارجية  امريكا ملزمة بان تعمل فقط وحصريا وفق مصالحها. وبالطبع يسارع مؤيدو ترامب الى اقتباس اقوال روبرت غيتس، وزير الدفاع الاول لاوباما، بان “بايدن اخطأ في كل موضوع سياسي أو أمني تقريبا في العقود الاربعة الاخيرة”.

المتحدث الرئيس في المجموعة الثالثة، والمتماثل  اساسا مع اليسار في الحزب الديمقراطي هو بن رودس،  مستشار الامن القومي السابق للرئيس اوباما. يحذر رودس من ان يحاول بايدن اعادة الولايات المتحدة الى دورها كزعيمة العالم حسب قواعد ترامب. برأيه، على ادارة بايدن ان تبني نفسها على “الثورات الشعبية المبهرة في اعقاب مقتل جورج فلويد في مينيابوليس”،  إذ ان هزيمة ترامب في الانتخابات ستكون مصدر الهام ديمقراطي لشعوب اخرى في العالم. يهاجم رودس قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران ويدعو الى استئنافه. في موضوع الشرق الاوسط يدعو الى الغاء العلاقات “الهدامة” مع السعودية والامارات،  ويدعي انه بالنسبة للنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني “يجب املاء الحل على الطرفين”.  لا يمثل هذا النهج الاغلبية في الحزب الديمقراطي، وبايدن اعلن بانه “هو الحزب الديمقراطي”، ولكن معسكر اليسار يعمل على أن يبعد من مراكز النفوذ مساعدي بايدن الذين يعتبرون في نظرهم “يمينيين” جدا.

يحتمل أن تتبدد كل التحليلات آنفة الذكر، وترامب، حتى لو خسر، “سينتصر” مع ذلك، مثلما كتب في مقال في “فورين افيرز” الامريكية: “من يعتقد انه بعد أن يخلي ترامب الغرفة البيضوية ستعود الولايات المتحدة لتأخذ  على عاتقها مهمة زعيمة العالم الليبرالي – مخطيء؛ فالبذات نهج ترامب التجاري  المتمثل في “خُذ واعطِ” يتناسب والتقاليد الامريكية. تسود في الولايات المتحدة اليوم اجواء قومية، وفي الفترة المنظورة للعيان هي التي ستقرر. سياسة ترامب لم تكن مثابة شذوذا، بل ميل مغروس في الثقافة الامريكية”. اما التوقعات من ناحية اسرائيل فتستوجب مقالا منفصلا، ولكننا نكتفي  بالقول  ان ترامب  هو صديق  مؤكد وان بايدن الذي يعتبر هو ايضا وعن حق صديقا، من شأنه ان يربط موقفه باشتراطات لن تكون دوما مريحة لاسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى