ترجمات عبرية

معاريف – بقلم ران أدليست – قطار السلام

معاريف – بقلم  ران أدليست – 18/12/2020

اتفاقات التطبيع هي خدعة، ولكن دون ان يقصد ذلك – فان خطوات نتنياهو تساهم جدا في حل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني “.

لم افهم كيف¬ يمكن لاشخاص عاقلين ان يشتروا خدعة “السلام” مع “الدول العربية المعتدلة”. فهذه صفقات ليس بينها وبين السلام شيء، ولها صلة واضحة بهدف هو النقيض  للسلام – الحرب.

تنطوي معظم اتفاقات التطبيع على صفقات سلاح ومساعدات استخبارية. يدور الحديث عن دكتاتوريات. كل دكتاتور، بمن فيهم من يتشكل، يحتاج الى عدو لغرض بلورة الشعب ولقوات امن وحفظ نظام كي يدافع عن الدولة، بما في ذلك ضد اعداء داخليين. هذا صحيح ايضا في اسرائيل بنيامين نتنياهو وفي الولايات المتحدة دونالد ترامب. لقد حاول ترامب قتل الديمقراطية الامريكية – والشعب الامريكي ركله. اما عندنا فهذا اكثر تعقيدا، لان الاغلبية في الشعب، بوعي أو بغير وعي، مناهضة للديمقراطية (انتظروا الى أن تدفعوا الثمن). وفي هذه الاثناء يحتفلون “بالسلام” في ابو ظبي، في السودان، في المغرب، في البحرين وفي بهوتان. وفي اسرائيل. ثمة من يعتقد بان اتفاقات التطبيع تعطينا يدا حرة لقمع عنيف في القطاع وفي الضفة. الفرضية (المغلوطة) بان الدول المطبعة لا يهمها الفلسطينيون، ستفحص اذا ما وعندما تقع هنا حملة عسكرية اكبر يقتل فيها فلسطينيون باعداد كبيرة.

درة تاج التطبيع هي السعودية. لا  تزال في حالة انتظار.  هذه دكتاتورية تقتل المعارضين، تخوض حربا دينية قبلية في اليمن، في سوريا وفي ليبيا. كجزء من التطبيع وقعت على صفقة سلاح امريكية بالمليارات. ومثلما في قصة الغواصات لمصر، فان اسرائيل نتنياهو لم تعارض بيع سلاح محطم للتعادل لدول التطبيع رغم أن  القانون الامريكي يؤيد معارضة من هذا القبيل.

ابو ظبي هي الاخرى ستحصل على سلاح محطم للتعادل. في الماضيخاضت حربا في اليمن، واليوم تخوض حربا على السيطرة في ليبيا. في بداية كانون الثاني من هذا العام تدرب نحو 50 متى من خريجي اكاديمية الشرطة في طرابلس في ساحة الطوابير.  صاروخ صيني اطلقته قوات ابو ظبي تفجر في الساحة فقتل 26 منهم. وانت تتساءل ما الذي تفعله هذه التفجيرات في ساحات طوابير الشرطة وتتذكر بان قنبلة اسرائيلية قتلت 80 شرطيا كانوا يتدربون على  النظام قبل حملة الرصاص المصبوب. السودان الذي تمزقه الحروب الاهلية تلقى مقابل التطبيع الاذن بتبييض جرائم الحرب، التسلح ورخصة للقتل في جنوب السودان.

البحرين هي جارة جزيرة للسعودية، وهكذا ايضا بهوتان هي دولة دنيا بسيطرة الهند. نرندرا مودي حاكم الهند هو مستهلك كبير للسلاح ويبدي اعراض واضحة لدكتاتور يتشكل. فقبل اسبوع فقط اعتقل بامر من زعماء المعارضة الذين انضموا الى احتجاج المزارعين الهنود.

مغرب محمد السادس هي الاخرى دكتاتورية ستشتري مقابل التطبيع السلاح وبرامج التجسس بمليار دولار، رخصة لضم اراض في الصحراء وقتل البوليساريو، حركة سرية وطنية في الصحراء. عشرات الدول، معظمها في افريقيا، اعترفت بجمهورية قبائل الصحراء، بما في ذلك القوى العظمى الكبرى الامم المتحدة. الجزائر، التي تحاذي المغرب والصحراء الغربية، تدعم بشكل نشط البوليساريو – اي استمرار الاحتكاك الدامي. وتقتبس الـ “نيويورك تايمز” الباحثة الكبيرة في المنطقة فتقول: “في هذه المرحلة من موافقة ترامب، يعد هذا اعلانا فقط. وعليه، يمكن لبايدن بسهولة ان يقول ان ادارته تعارض ذلك وتؤيد الوصول الى تسوية بوساطة الامم المتحدة، بدلا من اعلان من طرف واحد من الادارة في اواخر ايامها”.  وصرح السناتور  الجمهوري، جيم آينهوف بانه “خائب الامل من قرار الولايات المتحدة المتاجرة بحقوق سكان الصحراء”.

وكتب الصحافي المغربي عبدالسلام المساتي بانه “يحتمل ان يكون هناك من يرى في البيان عن تطبيع العلاقات مسألة صعبة ومهينة، ولكن ينبغي أن نتذكر بان قيادة ترامب غير مستقرة، ويجب الاخذ بالحسبان لامكانية ان يكون بيانها عديم المعنى مع دخول بايدن الى البيت الابيض”. ما هو صحيح ايضا بالنسبة للاتفاق النووي مع ايران ومكانة القدس وهضبة الجولان في اسرائيل.

خمنوا ماذا

ولا يزال: النتائج الراهنة للتطبيع هي انجاز حقيقي لسياسة اليمين لنتنياهو. وسحابة الدخان للمستمتعين بالحياة في دبي بمساعدة مراسلون للشؤون العربية ممن باتت لهم مواضيع مثيرة للتغطية، تنجح في ان تخفي اخفاقات عميقة في الحرب الحقيقية في غزة، في الضفة، في سوريا، في لبنان وفي ايران. ففي كل هذه الجبهات نخسر استراتيجيا ونغطي على ذلك بقصف تصفيات. وبالعروض العابثة لـ “السلام” في دول لم نخض ضدها ابدا أي حرب. في هذه الايام يتدحرج قطار السلام لنتنياهو على صوتين يرافقان الحملة كلها:  الواحد هو جئنا لكم بالسلام مع دولة عربية اخرى، والثاني انظروا كم أنا عظيم. وفي طريقه يدوس القطار الحقائق: لم توقع أي معاهدة سلام مع أي دولة عربية. فبالاجمال تم تبادل وثائق التطبيع، التي هي وثائق نوايا مع مذاق تجاري باسناد من ادارة انقضى زمنها.

اما الامر الاكبر فيأتي حقا من الجانب الخفي والتحت ارضي للتطبيع. فخطوات نتنياهو، راس على عقب تساهم مساهمة عظيمة لحل النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. وبالطبع ليس  بارادتنا او بارادة نتنياهو. فقد حصل له هذا عندما تنازل عن الخليل، عندما صوت في صالح فك الارتباط،عندما جمد البناء في الضفة وهذا يحصل له اليوم. لا شك على الاطلاق بان خطوات الادارة الامريكية الجديدة ستطرح مطلب المؤتمر الدولي الذي يبحث في المسألة الاسرائيلية في الموضوع الفلسطيني. كل الدول العربية المعتدلة ستكون هناك الى جانب الولايات المتحدة، روسيا، الصين واوروبا الغربية. وخمنوا ماذا سيكون على جدول الاعمال؟ صحيح. حدود 67 وتدويل القدس.

اقترح لكل رجل يمين يعتقد ان السلام  باسلوب  نتنياهو هو  مسار  يتجاوز الفلسطينيين  ان يفكر مرة اخرى قبل أن ينطلق في رقصات شعبية عربية معتدلة.  وليكن واضحا: لا  يوجد اي شيء سيء في العلاقات العلنية التي تنسج مع الدول العربية المعتدلة. فليس بيتار هو ما يشتريه محمد من ابو ظبي بل القدس. صحيح أن من يصرخ هم صيصان لا فاميليا، ولكني  مقتنع بان معدة زعماء المستوطنات تتقلب. فالتفكير بكتائب الجلابيب البيضاء تسير نحو الحرم الشريف تقض مضاجعهم. وهذا ليس بتسلئيل سموتريتش وحكايات هيكله – هذا لباب مشروع الاستيطان. نتنياهو يتحدث عن استثمارات استراتيجية (ميناء حيفا الجديد)، بينما  يتحدث المال الكبير فان الكل سيسكت.

لسنوات تعمل حكومة اليمين على جعل “العربي” شيطانا. والمسيرة التي تجري اليوم تقبل بالعرب كشركاء متساوين، ومع المال الكبير – شركاء يساوون اكثر. وبدلا من العرب الذين يتدفقون كي يبيدونا فانهم يتدفقون الان لانقاذنا من كارثة اقتصادية. بداية  سيأتي محمد من البحرين ومن دبي، ولاحقا مع مساعدة علاجية  حازمة من جانب العالم كله، سيأتي محمد من نابلس ومن رام الله. انظروا وابحثوا قليلا عن ابن زايد، حاكم دبي  ومخترق الطريق الى التطبيع: فهو ليس صلاح الدين الذي يصل الى القدس مع  السيف. فهو يصل مع سلاح فتاك اكثر بكثير. مع دفتر شيكات. كصاحب المال. واذا كان هذا ما نحتاجه كي نغلق زاوية المسيح في بوابة المستوطنين، فأهلا وسهلا بابن زايد. في موضوع حقوق الانسان لديك سنهتم بعد أن نعالج حقوق انسان الفلسطينيين لدينا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى