ترجمات عبرية

معاريف – بقلم د. عيدوزلكوبيتش – تحدي التطبيع

معاريف – بقلم  د. عيدوزلكوبيتش ، رئيس برنامج دراسات الشرق الاوسط في كلية عيمق يزراعيل – 12/10/2020

هذه هي لحظة الحقيقة لزعماء الجيل القديم في م.ت.ف. عليهم أن يقرروا اذا كانوا سيعودون الى طاولة المفاوضات مع اسرائيل ويعملون على تحقيق رؤيا الدولتين، أم يواصلون الوضع الراهن الحالي “.

منذ بداية المسيرة السياسية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل عمل الفلسطينيون على خلق جبهة عربية واسعة تدعم موقفهم وطلبوا من العالم العربي ألا يطبع علاقاته مع اسرائيل طالما لم يتحقق اتفاق دائم بين الطرفين يضمن قيام دولة فلسطينية. وأدى دخول بضع دول عربية في مسيرة تطبيع متسارعة مع اسرائيل الى انهيار مفهوم المفاوضات لدى السلطة الفلسطينية. ويمكن لنا أن نفهم جولة محادثات المصالحة الحالية بين فتح وحماس على خلفية التغييرات الاقليمية التي نشأت في اعقاب اتفاقات اسرائيل مع اتحاد الامارات والبحرين.

يجري منذ اكثر من عقد، دون نجاح حقيقي، حوار بين الحركتين لرأب الصدوع في الساحة السياسية الفلسطينية. تسود بين فتح وحماس ازمة ثقة. ولكن محاولات المصالحة في هذا الوقت هي ذات مزايا تختلف عن المحاولات السابقة. فهذه المرة تجري الاتصالات بين فتح وحماس بينما توجد الحركة الوطنية الفلسطينية في احدى لحظات الدرك الاسفل لها، حيث تدير دول في العالم العربي الظهر لها، وهي مطالبة بتفكير متجدد في مسألة الى أين تسير وجهتها. تجري هذه الازمة السياسية في الوقت الذي توجد فيه قيادة فتح وحماس في فترة انتقالية. في فتح بدأت صراعات القوى الداخلية حول مسألة من سيحل محل محمود عباس، وفي حماس توجد عملية انتخابات داخلية يفترض أن تحسم من يقود الحركة في السنوات الاربعة القادمة.

يشهد اجراء محادثات المصالحة بين الطرفين الصقريين في تركيا على عمق الازمة التي تعيشها السلطة الفلسطينية التي تشعر بأن اصدقاءها التقليديين في الشرق الاوسط يديرون لها ظهر المجن. وجسدت وفاة الشيخ صباح الاحمد الصباح، زعيم الكويت منذ 2006 والمسؤول عن العلاقات الخارجية لهذه الدولة الخليجية منذ نحو خمسين سنة، جسدت بشكل رمزي احساس العزلة التي يشعر بها الفلسطينيون من جهة دول الخليج. لقد كان الصباح هو الذي قاد اصلاح العلاقات بين الكويت وم.ت.ف بعد الازمة الكبرى التي نشبت إثر حرب الخليج الاولى حين وقف ياسر عرفات الى جانب صدام حسين. ولا يشعر الجيل الشاب الذي يتسلم خيوط القيادة في دول الخليج بالالتزام الذي أبداه جيل آبائه بالنسبة للمسألة الفلسطينية. فقد اختار الجيل الشاب هجر “اللاءات الثلاثة” لمؤتمر الخرطوم من العام 1967 (لا مفاوضات مع اسرائيل، لا اعتراف بها ولا صلح معها) في صالح اقامة سلام اقليمي واقتصادي مع دولة اسرائيل. ولكن رغم التقرب من اسرائيل، لم تهجر دول الخليج المسألة الفلسطينية. فقد ثبتت دولة اتحاد الامارات الغاء مخططات الضم كشرط للتوقيع على الاتفاق. والسعودية، التي تقدمت في 2002 بمبادرة السلام العربية على اساس حل الدولتين، وإن كانت تقترب بخطى مدروسة نحو اسرائيل، إلا أنها لا تزال تشترط التطبيع الكامل بتسوية دائمة بين اسرائيل والفلسطينيين.

لولا خطوات التطبيع بين اسرائيل والدول في الخليج ما كنا لنرى مرة اخرى محاولات المصالحة بين فتح وحماس. في ضوء التطورات في المنطقة تشعر الحركتان بواجب أن تريا الفلسطينيين في الضفة الغربية وفي قطاع غزة بأنهما تحاولان اعطاء جواب سياسي، خارجي وداخلي، للمشاكل الخارجية والداخلية الكثيرة. إن التقارب بين فتح وحماس، الذي يتم برعاية محور تركيا – قطر – ايران ليس طبيعيا بالنسبة لقيادة السلطة الفلسطينية. يتطلع محمود عباس الى الثالث من تشرين الثاني ويأمل أن يتيح له تغيير الحكم في الولايات المتحدة التحرر من الحوار مع حماس، ويأمل في محاولة أن يحرك برعاية ادارة امريكية جديدة مسيرة سياسية مع اسرائيل على اساس خطة سلام جديدة. هذه هي لحظة الحقيقة لزعماء الجيل القديم في م.ت.ف. عليهم أن يقرروا اذا كانوا سيعودون الى طاولة المفاوضات مع اسرائيل ويعملون على تحقيق رؤيا الدولتين، أم يواصلون الوضع الراهن الحالي. اختيار الابقاء على الوضع الراهن من شأنه أن ينتهي بتآكل ما تبقى من شرعية لدى السلطة الفلسطينية وصعود حماس كجهة سائدة في الحركة الوطنية الفلسطينية على حساب فتح. هذه ليست المصلحة الاسرائيلية. خير تفعل حكومة اسرائيل اذا ما خلقت افقا سياسيا واعربت عن تأييد لحل الدولتين، هكذا تساعد في تعزيز المعتدلين في الساحة الفلسطينية وليس المتطرفين.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى