ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  جاكي خوجي – قبو الأمير

معاريف – بقلم  جاكي خوجي – 27/11/2020

” تسريب زيارة نتنياهو ورئيس الموساد الى السعودية اثار الانتقاد في اسرائيل ولكنه ليس خطيرا جدا “.

في صباح يوم الاثنين فوجئنا إذ اكتشفنا أن رئيس الوزراء ورئيس الموساد قضيا الليلة في قبو ولي العهد السعودي. وحقيقة أن التسريب خرج من القدس او من تل أبيب أو من كلتيهما معا ولدت انتقادا في اسرائيل. فعلى مدى عشرات السنين تربينا على أن هذه المعلومة حساسة جدا، وان مشاكل كبيرة قد تأتي اذا ما رأت النور. وها هي تأتي مسربة الى نور النهار بتشجيع من ذوي  الشأن. ضج وزير الدفاع بيني غانتس. فتسريب الزيارة هو خطوة عديمة المسؤولية، قال، وعلى مواطني اسرائيل أن يكونوا قلقين. “ليس  هكذا أتصرف”، قال غانتس، “ويمكنكم ان تخمنوا كم من الامور فعلتها في ايام حياتي، بما في ذلك بتكليف من نتنياهو”.

نفت السعودية ما نشر، ولكن هذا لم يكن نفيا عاديا. لا بالمستوى ولا بالمضمون. فقد ارسل وزير خارجيتها ليقول ان النبأ لا اساس له من الصحة. فهل قال الحقيقة. مشكوك جدا. ولكن الحقائق أقل اهمية في نقاشنا. اهم من ذلك هو النية. وفي هذه الحالة، فقد اراد السعوديون أن ينظفوا انفسهم من هذا اللقاء، حتى ولو بثمن مصداقية الاسرائيليين.

ولكن كانت سنين كان يمكن فيها لمثل هذا التسريب ان يتسبب بضرر للاحتياجات الامنية الاسرائيلية. غضب عربي مكظوم، جلبة كبرى بتشجيع الفلسطينيين، واصدقائنا السريين كانوا سيتراجعون خجلا. ولكن منذئذ حرروا الحزام.  لان الموضوع الفلسطيني يضغط عليهم اقل بكثير من حاجتهم للاقتراب من واشنطن والقدس وكذا لان الشارع العربية تعلم كيف يحتوي. تعرف هذه الانظمة مع من تتعامل، وهي تعرف الحاجة الاسرائيلية للعلاقات العامة. كما ان المسربين الاسرائيليين يعرفون على اي حال نظرائهم في هذه الانظمة ويعرفون ما الذي سيعرض للخطر العلاقات معهم او يثير غضبهم عليهم. لهذا السبب فان هذه التسريبات في الغالب جزئية جدا، تشبه الثرثرة وبالاساس تبقى في الظل.

لا للتطبيع

قبل ثلاثة اشهر ونصف الشهر نشرت هنا أنباء عن ان رئيس الموساد يوسي كوهن يبحث مع القطريين في تجديد اتفاقات الدولارات في غزة. وبحد ذاتها هذه ظاهرة جديدة: خطوات رئيس الموساد تسرب للجمهور بمواظبة جديرة بالتقدير. وقد منح ذاك التسريب  اياه كوهن النقاط في الرأي العام، ولكنه لم يلحق ضررا.

ماذا حصل في الحالة السعودية؟ امكانية ما هي ان كشف القصة لم ينسق مع السعودية. نتنياهو، كوهن ورفاقهما قضيا الليلة مع ولي العهد السعودي وضيفه الخاص مايك بومبيو، وارادا ان يرويا القصة للرفاق. السعوديون غضبوا او ضغطوا، وقرروا نفي القصة ومصداقية اصحابها. امكانية ثانية هي انه كان هنا بالون اختبار. بالتنسيق مع ولي العهد ورجاله، تقرر كشف للعالم كله ان رئيس وزراء اسرائيل حل ضيفا على ارض المملكة لاول مرة. والهدف هو فحص كيف ينزل الامر على اذان معارضي اسرائيل والسعودية او لاجل تمهيد القلوب لقبول الخطوة.

مهما كانت الحقيقة خلف القصة، يمكن لنا أن نهدأ: احيانا مسموح الكشف للجمهور الاسرائيلي لشيء ما  عن هذه الخطوات، طالما تم الامر بتوازن ودون المس بثقة الاصدقاء. بعد كل شيء، فان تسريب الزيارة في السعودية كشف القليل جدا، وان كان منح النقاط في الرأي العام لرئيس الوزراء ورئيس الموساد. فالاتصالات السرية مع السعوديين مغروسة منذ قبل اكثر من عشرين سنة، وكل ذي عقل يفترض بانها كانت تتضمن تبادل للزيارات ايضا.

اذا كانت ثمة معلومة متماسكة في هذه القصة، فقد جاءت من السعودية، حيث قالت محافل في الحكم في الرياض لـ “وول ستريت جورنال” بعد النشر بانه لم  يتم الاتفاق في اللقاء الثلاثي في اي شيء جدي بين القيادة السعودية، رئيس وزراء اسرائيل ووزير الخارجية الامريكي. وبالترجمة الى اللغة العملية فان معنى هذا اننا نحن، السعوديين، لم نوافق على تطبيع العلاقات مع اسرائيل. ينبغي لهذه الحقيقة أن تبقي الاسرائيليين خائبي الامل، وليس مضيفوهم.

متى مع ذلك يمكن لمثل هذا العمل ان يلحق الضرر؟ عندما يعرض النظام الصديق للخطر، او يحرجه امام طرف ثالث. هذا يحصل غير قليل في الفترة الاخيرة. فالمسؤولون الاسرائيليون يكثرون من القول او التلميح بان لاسرائيل واتحاد الامارات يوجد عدو مشترك، الايرانيين، وعليه فخير انهم تحالفوا ضده. مثل هذا التعبير، الذي يقال بالمناسبة ودون التفكير الزائد بمعناه، يغضب جدا الاماراتيين ويرفع مستوى خوفهم من طهران. فكروا كيف يلوح هذا من هناك. فالاسرائيليون يوجدون بعيدا في بلادهم الامنة والمحمية ويمجدون الحلف العسكري الذي عقدوه مع ابو ظبي كي يقاتلوا جارتها القريبة.

ان  التواجد الايراني في امارات الخليج، بخلاف هنا، ملموس جدا. رجال اعمال ايرانيون يعملون في اتحاد الامارات، ومال كثير يملكونه مستثمر في بنوكها. حدود ايران يمكن أن ترى بالعين المجردة من شواطيء الامارات. يوجد لهم نزاع معها على ثلاث جزء موضع خلاف، ويوجد توتر دائم. والاماراتيون ليسوا معتادين على الثرثرة، على التحليل او على اشراك الجمهور بتفكيرهم في حصانتهم الامنية. اما اسرائيل فالعكس بالضبط. الخطاب الذي يجري هنا عن عدو مشترك، بقيادة شخصيات في القيادة الاسرائيلية، غريب عليهم ويضيف خوفا من هجمات ايرانية. على اي حال، فان اتفاق السلام هذا ليس سهلا جدا عليهم. فليس الكل في اتحاد الامارات استقبلوه بحماسة.

خط طيران مباشر

واحد من اولئك الذين تحفظوا  على التقرب من القدس هو أمير دبي محمد بن راشد. وعلى الرغم من ذلك سجلت امس محطة اخرى في اقامة العلاقات بيننا وبين مدينته اللامعة. فشركة الطيران فلاي دبي التي يملكها الامير اجرت الرحلة الجوية المنتظمة الاولى من مطار بن غوريون مباشرة الى دبي. وقبل دقيقة من الساعة الواحدة ظهرا اقلعت الطائرة وهي تقل زوارا اسرائيليين في داخلها. وبعد نحو ثلاث  ساعات هبطت في مطار دبي الدولي.

هذا لا يعني أن الامير اصبح صديقا لاسرائيل. فقد فكر وتوصل الى استنتاج محتم. ليس بوسعه رفض التطبيع مع اسرائيل دون اغضاب ولي العهد، وفي حالة أزمة اقتصادية حادة مست بشدة بفرع الفنادق وفروع التجارة في دبي، فمن الافضل مع الاسرائيليين مما هو بدونهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى