ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  جاكي خوجي  – المفهوم المغلوط ..!!

معاريف– بقلم  جاكي خوجي  – 1/10/2021

” قرار الحكومة ازالة الموضوع الفلسطيني عن الطاولة يدفع الناس في الضفة الى اليأس ويحملها الى الحد الاقصى. اسرائيل غير مكترثة وواثقة ان وضعها لم يكن افضل ابدا “.

رئيس الوزراء اراد ان يهنيء فخرج يشتم. في خطابه في الامم المتحدة، الذي القاه عشية فرحة التوراة قال نفتالي بينيت ان المواطنين الاسرائيليين لا ينهضون في الصباح ويفكرون في النزاع الاسرائيلي – الفلسطيني. وكان يريد أن يقول اننا لا نبحث عن شقاق او حرب بل ننشغل بامورنا اليومية بحثا عن مستقبل افضل لاولادنا. لو كانت هذه الكلمات تقف بحد ذاتها لكان يمكن أن نرى فيها ثناء على سعي الاسرائيلي العادي الى السلام. ولكن في خطابه كله الذي استمر 24 دقيقة، لم يذكر رئيس الوزراء المسألة الفلسطينية على الاطلاق. 

وقال محللون اسرائيليون في تحليلهم لخطاب بينيت البكر في الامم المتحدة انه تحدث باسلوبه، المنضبط والموضوعي، ولكن مضامينه كانت تشبه تلك التي عبر عنها نتنياهو. ولكن بينيت سار شوطا ابعد من سلفه. فقد درج نتنياهو بين الحين والاخر على أن يطرح  حلولا للنزاع واعترف بالحاجة الى الحل. سلام اقتصادي، سلام جزئي، خطة ترامب. اما بينيت بالمقابل فازال المشكلة عن الطاولة تماما. وخياره تجاهلها تم عن وعي. فهو ليس جديدا لديه ولكن الامم تعرفت عليه الان ايضا. 

في الاحاديث المغلقة يدعي بينيت بانه على مدى  السنين تناول الجميع اسرائيل والفلسطينيين كتوأمين سياميين، ولا يوجد اي سبب يدعو لمواصلة ذلك.  في لقاء مع الصحافيين في اثناء تواجده في نيويورك اضاف بان الانشغال بالقناة الفلسطينية على مدى السنين هو انشغال مهووس ومن الافضل تبريده بتطوير العلاقات مع الدول العربية. 

سر علني

على مدى السنين منذ اتفاقات اوسلو تشارك  ثلاثة اطراف هم اسرائيل والسلطة والامريكيين سرا علنيا. حتى لو كانت المفاوضات عالقة كان من الواجب اصدار اصوات سلام. الحديث عن القناة الفلسطينية، ارسال المبعوثين، عقد مؤتمرات او مجرد لقاء مسؤول ما في عاصمة اوروبية باردة وتسريب المعلومة الى صحيفة هامة. وكل ذلك لاعطاء أمل للشارع الفلسطيني. اذا كان لسبب ما لم نتمكن من أن نوفر له الامر الحقيقي. هذا الجمهور، ولا سيما جيل الشباب هو كائن جائع ويائس. وعندما نوتر اعصابه، او نسد في وجهه الافق يرتفع في اوساطه الاحتمال للاضطرابات.
عندما تختار حكومة اسرائيل علنا اخفاء قناة المحادثات، فان الفلسطيني المتوسط بخلاف الاسرائيلي، سيترجم هذا كاعطاء ضوء اخضر لفتيان التلال. سيفهم بان الحواجز بين المدن ستبقى كما كانت، والطرق المنفصلة ستتسع، والاراضي ستصادر. غزة ستبقى تحت الاغلاق، وسيتواصل حرمان عرب شرقي القدس من الميزانيات. وهو سينهض ليفكر في النزاع كل صباح، ليس بسبب محبته له بل لانه يراه امام عينيه. 

مشوق ان نعرف ما الذي  تفكر به الجهات المختصة في اسرائيل عن خيار رئيس الوزراء تجاهل المشكلة الفلسطينية. فهل الشباك يشاركه هذا الموقف، والجيش الاسرائيلي وكذا رئيس هيئة الامن القومي، المستشار القريب لبينيت ايال حولتا يعتقد انه يجب ازالتها عن الطاولة. ماذا يقول لرئيس المخابرات المصري  عندما سيلتقيه قريبا. ولنظيره الاردني او لمبعوثي البيض الابيض. لا ادري كيف ترى محافل الامن هذا. فهل يقبلون بقراره باستسلام ام يتحدونه. ولكن يوجد تخوف معقول بان امام ناظرينا يتبلور مفهوم مغلوط. ظاهرا، وضعنا لم يكن ابدا مستقرا بهذا القدر. الجيوش العربية التي قاتلت ضدنا في الماضي هي  اليوم صديقة. السلطة ضعيفة وليس في وسعها ان تقود خطوات احتجاج عنيفة، مثلما اجاد في عمله ياسر عرفات في حينه. لابو مازن ورجاله لا تزال مصلحة في قمع حماس والجهاد الاسلامي ولهذا فانه يرى في اسرائيل  شريكا في المهمة. حماس حبيسة في القطاع، والامر الاخير الذي تحتاجه هو حرب. اسرائيل تسيطر على الاقتصاد الفلسطيني في  الضفة، على وضع الاقتصاد في القطاع، وهي لا تتعرض لاي عقاب دولي تام. لا من واشنطن، لا من الاتحاد الاوروبي، وبالتأكيد لا من دول عربية تغازلها بحماسة. لقد انقضت الايام التي كانت فيها السعودية، سوريا، القذافي، صدام، مبارك ورفاقهم يهاجمون كالجوقة اسرائيل على كل حركة لها في الحرم. اسرائيل هي قلعة، قال ذات مرة الملك عبدالله. وما كانت حاجة للملك كي يقال هذا. فنحن بالفعل نشعر ونتصرف كارباب القصر. 

هذا الاسبوع وقع في يدي صدفة عدد من “دفار للاولاد” من 25 كانون الثاني 1972. في الصفحة 3 نشر نبأ عن مظاهرات غضب في شوارع القاهرة ضد الرئيس انور السادات. كانت هذه فترة غير مستقرة، وخمس حكومات تبدلت هناك في غضون اقل من سنة ونصف. وجاء في النبأ ان حكومة السادات حديثة العهد تتشكل من تكنوقراط بخلاف سابقتها التي سادت فيها شخصيات سياسية. ومن هنا استخلص المحللون بان الحكومة الجديدة ستشدد على معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، وتعطي رأيا اقل في شؤون الامن. واضاف كاتب النبأ بانه “اذا ما تحقق هذا الاعتقاد بالفعل فبالتأكيد ليس لاسرائيل اي اساس للاسف على ذلك”. 

وهكذا فان المفهوم المغلوط اياه وجد تعبيره حتى في صحيفة اطفال. الكاتب الاسرائيلي اعتقد بان مصر غارقة في مشاكل داخلية معقدة، وبالتالي فانها لن تنفذ تهديداتها بشن الحرب. هكذا فكر ايضا كبار المسؤولين. غير أنه بالنسبة للسادات، كانت الحرب لاستعادة سيناء الحل وليس المشكلة، مثلما شهد في سيرته الذاتية التي نشرت بعد سنوات قليلة من ذلك. “انا واثق بان مفتاح كل شيء – من ناحية سياسية، اقتصادية وعسكرية – هو ايجاد حل للوضع الذي نبع من هزيمة 1967. المهمة الاساسية كانت محو العار والمهانة”. 

حرب يوم الغفران بادر السادات اليها مع صديقة الرئيس السوري حافظ الاسد. اذا كان متوقعا اليوم خطر اشتعال في المناطق الفلسطينية فمشكوك أن يأتي من القيادة. في شرقي القدس وفي الضفة احتمال النار الكبرى يكمن اكثر في الجمهور وليس في زعمائه. الخان الاحمر، بيتا، مفقرة. كل هذه ساحات مواجهة ساخنة، تثير الميدان وتشكل قنبلة موقوتة، بينما نحن نعيش في احساس من الامن والاستقرار. ليته لا يأتي اليوم الذي يقرر فيه السكان الفلسطينيون بان يكفي فيتمردون بجموعهم لمشهد طفل ابن أربع سنوات ينزف بسبب شرخ في رأسه. هذا ما حصل هذا الاسبوع في اعقاب اعمال شغب ليهود في جنوب جبل الخليل. لن يجدينا في هذه الحالة، بايدن، السيسي، رزم السياحة لدبي، او سفارة لاسرائيل في  البحرين فتحت امس رسميا. مبروك. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى