ترجمات عبرية

معاريف– بقلم تل ليف رام – الهدوء ما بين المعارك

معاريف– بقلم  تل ليف رام – 25/6/2021

الى جانب الانجازات الكبيرة في حملة “حارس الاسوار” لم يحقق الجيش الاسرائيلي هدفه المركزي – الفتك. وعندما تكون اسرائيل وحماس واثقتين بانتصارهما وتتمترسان في مواقفهما، فان المواجهة التالية تصبح مسألة وقت “.

عدد القتلى المتدني نسبيا لحماس في حملة “حارس الاسوار”، بمعنى حقيقة أن بند الفتك الذي وضعه الجيش الاسرائيلي في رأس سلم اولوياته كشرط للانجاز في مواجهة عسكرية مع حماس ايضا، لم يجد تعبيره في الحملة الاخيرة، يشرح بقدر كبير الصعوبة في الوصول الى تسوية في المحادثات التي تجرى مع حماس بوساطة مصرية.

مع انتهاء المعارك وضعت اسرائيل مستوى عال جدا من الشروط تجاه حماس، في ضوء ما يروه في الجيش الاسرائيلي كانتصار واضح في الحملة الاخيرة. بالمقابل يصف المصريون واقعا آخر تماما. يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة يتجول كمن هو مصاب بالغرور. كواحد انتصر على اسرائيل بسبب قوة صموده والربط الذي نشأ بين حماس والقدس والشعبية العالية التي تحظى بها في اعقاب الحملة في شوارع غزة، مثلما في الضفة ايضا.

في مداولات الكابينت الاخيرة وصف مسؤولو الجيش الاسرائيلي ازمة حقيقية في العلاقات بين السنوار وقائد الذراع العسكري لحماس محمد ضيف، الذي يسعى الى اتخاذ خط  اكثر اعتدالا يؤدي الى تسوية وليس الى تصعيد آخر. خط السنوار في هذه المرحلة هو الخط السائد، والاسبوع القادم سيقرر بشكل اوضح اذا كان الاتجاه هو بالفعل لتصعيد آخر وليس الى تسوية. حتى الان فشلت مساعي الوساطة المصرية تماما، لان الطرفين يتمترسان في اعماق مواقفهما، وكل واحد واثق بانتصاره ويرغب في أن يجد هذا تعبيره في انجاز سياسي واضح.

صحيح حتى الان فان اختراقا بقيادة مصرية يبدو بعيدا عن العيان، الا اذا تخلت اسرائيل عن الخطوط والشروط التي وضعتها في نهاية الحملة، حيث ان اعمار غزة من ناحيتها لا يمكنه ان يبدأ الا بعد حل مسألة الاسرى والمفقودين؛ تغيير آلية ادخال اموال المساعدة من قطر ودول اخرى، بحيث لا تتم الدفعات الا من خلال السلطة الفلسطينية، والرقابة على ادخال البضائع وغيرها من الشروط.

فجوة المفاهيم بالطريقة التي يرى فيها كل طرف نتائج الحملة الاخيرة، واسعة جدا وهنا ايضا توجد عقدة اسرائيل وحماس على حد سواء. فكل تنازل او مرونة في الشروط يمكن أن يعتبر كهزيمة ويؤدي الى انتقاد جماهيري. هدوء الايام الاخيرة مضلل، وكلما مر الوقت بدون توافقات هكذا تزداد الاحتمالات لمواجهة اخرى في القطاع.

خطأ في العدد

بعد شهر من انتهاء الحملة، من الاهمية بمكان ان نتوقف عند الوثيقة التي  وضعها ونشرها هذا الاسبوع مركز معلومات الاستخبارات والارهاب الذي يحمل اسمه اللواء مئير عميت. يفحص التقرير بعمق معطيات القتلى في قطاع غزة في الحملة. هذه وثيقة معلوماتية واساسية، وان كانت تمتنع عن استخلاص الاستنتاجات وعن النقد، ولكن الصورة التي تنشا عنها واضح: عدد القتلى الذي يمكن في هذه المرحلة الاشارة اليه بشكل مؤكد لحماس ولمنظمات الارهاب الاخرى في القطاع أدنى بكثير مما قدروا في الجيش الاسرائيلي في نهاية الحملة وبالتأكيد عن التوقعات منها قبل الانطلاق اليها.

ومع ان مركز المعلومات يشير الى امكانية ان يكون لا يزال هناك قتلى آخرون لم يشخصوا بعد او لم ينشلوا من تحت الانقاض ولكن يمكن الافتراض انه بعد شهر من انتهاء الحملة، حتى لو كان هناك مخربون آخرون ولم ينشر امر مقتلهم، فان الصورة العامة لن تكون مختلفة على ما يبدو اختلافا جوهريا.

وحسب المنشور فان 234 فلسطينيا قتلوا في اثناء “حارس الاسوار”. وحسب المعطيات التي جمعها مركز المعلومات من مصادر مختلفة فان ما لا يقل عن 112 منهم كانوا نشطاء في منظمات الارهاب. في نهاية الحملة قدر الجيش بان عدد نشطاء الارهاب الذين قتلوا في اثنائها اعلى من  200.

نسبة القتلى بين نشطاء الارهاب والمدنيين في القطاع تقف عند نحو 1:1، اي مقابل كل قتيل مدني مقتل نشيط ارهاب. وهذه نسبة مشابهة لتلك الحملات الاخرى في قطاع غزة والتي نفذت من الجو، وتعتبر جيدة مقارنة بجيوش اخرى في العالم تقاتل ضد منظمات ارهابية تعمل في ظل استغلال السكان كدرع بشري.

في الحرب بالطبع كل شيء نسبي، وبين القتلى ايضا 52 طفلا و 38 امرأة. نحو 40 من القتلى المدنيين انهوا حياتهم كنتيجة لانهيار مبنيين في اثناء الحملة بعد أن هاجم سلاح الجو انفاقا ادى المس بها الى انهيار المباني في داخل الارض، وليس كنتيجة لاصابة الصواريخ للمباني. معطى مهم آخر يشير الى ان 21 شخصا بينهم  على ما يبدو 13 مدينا ايضا قتلوا كنتيجة لاطلاق فاشل لصواريخ سقطت في اراضي القطاع او تفجرت في زمن اطلاقها. من اصل 4.360 صاروخا اطلقت نحو اسرائيل في اثناء الحملة، 680 منها  سقطت في اراضي القطاع، والجيش الاسرائيلي بالمقابل هاجم نحو 1.500 هدف، ومنظومات الدفاع اعترضت نحو 2.000 صاروخ.

في اسرائيل قتل في اثناء الحملة 12 شخصا، منهم 8 مدنيين وبينهم طفلان. 3 مواطنين اجانب وجندي قتل باصابة صاروخ مضاد للدروع. ومن بين نشطاء الارهاب الذين قتلوا في الحملة حسب التقرير 63 فقط معروفون كنشطاء حماس، 25 نشطاء فتح، 20 نشطاء الجهاد الاسلامي، 2 من نشطاء الجبهة الشعبية و 2 قتلى آخرين لمنظمات ارهاب اخرى.

التعمق في بحث المعطيات في التقرير يظهر صورة مذهلة اكثر. 37 من نشطاء حماس من اصل 63، قتلوا في الايام الاولى من القتال، حتى قبل تفعيل خطة الخداع ومهاجمة شبكة الانفاق في الليلة التي بين 13 و 14 ايار. عمليا،  بعد الهجوم ما الميترو، فان عدد القتلى لحماس بالمتوسط اليومي انخفض كلما استمرت الحملة. حتى نهاية الحملة على الاقل حسب المعطيات في هذه اللحظة، قتل 26 آخرين فقط، اي اقل مما قتل لحماس في يومين ونصف من المعركة بالبداية.

التوازن والتواضع

من ناحية الجيش الاسرائيلي، كانت حماس هي الهدف المركزي في الحملة الاخيرة، واليها وجهت معظم المقدرات. واستهدفت الحملة المس بقدرات منظمة الارهاب، مواقع الانتاج، المعامل والمنشآت العسكرية الهامة وبالتوازي النزع منها لانجازات في الجبهة الداخلية الاسرائيلية وقدراتها الهجومية في البحر، في الجو، في البر وفي الانفاق. الى جانب ذلك، فان اثر الفتك في مس واسع بنشطاء حماس وكبار مسؤوليها، شكل هدفا مركزيا آخر.

في الحملة الاخيرة، حسب آخر المعطيات من التقرير، فان هذا المفهوم في نهاية المطاف لن يجد تعبيره في  النتائج على الارض، المسألة التي تطرح السؤال اذا كان ممكنا على الاطلاق  تحقيق هدف كهذا دون تفعيل قوات برية. مهما يكن من أمر، فان مقابل الاهداف التي قررها الجيش الاسرائيلي بنفسه، لا يمكن الامساك بالحبل من طرفيه والتعاطي مع حارس الاسوار كحملة ناجحة بشكل استثنائي عندما يكون واضحا بانه كانت في هذا المعطى فجوة كبيرة.

لقد حقق الجيش الاسرائيلي في الحملة الاخيرة انجازات هامة لا ينبغي الاستخفاف بها بالمس بقدرات حماس. وتعبر الانجازات جيدا عن تقدم عملياتي، تكنولوجي واستخباري. كما ان للمس بشبكة الانفاق سيكون تأثير في المستقبل على الميدان القتالي مع حماس. ولكن الى جانب ذلك فقد كان الجيش الاسرائيلي هو الذي وضعه كهدف مركزي بند الفتك كشرط لانتصار واضح، حتى في معارك محدودة ليست ضمن مهمة هزيمة العدو. لم يستوفِ الجيش الاسرائيلي هذا الهدف ويجب أن نقول هذا بشكل واضح كي نستخلص الدروس المناسبة والتعاطي مع انجازات الحملة الاخيرة بالتوازن والتواضع الصحيحين.

هذه  الفجوة، الى جانب المس المحدود وغير الكافي لقدرات حماس الصاروخية، الى جانب انجازات بالوعي مبالغ فيها من الجهة الاخرى والتي يعزوها لنفسه السنوار في الحملة الاخيرة، هي التي توجد في اساس عدم القدرة على التقدم في المفاوضات في القاهرة، والتي في هذه الاثناء لا تؤدي الى اي مكان وربما اساسا الى المواجهة التالية.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى