ترجمات عبرية

معاريف – بقلم تل ليف رام – آخر التطورات ….!

معاريف – بقلم  تل ليف رام  – 20/8/2021

” رغم أن جهاز الامن يقدر باننا اقرب الى مواجهة أخرى مع حماس مما الى تسوية نشأت في الأسبوع الأخير فرصة لاستقرار مؤقت للوضع في الجنوب “.

من جهة، اطلق هذا الاسبوع من غزة صاروخ أول منذ حملة حارس الاسوار، اضيفت اليه تهديدات منظمات الارهاب استئناف البالونات والمسيرات نحو الجدار، ومتوقعة مظاهرة كبرى في السبت قرب الجدار. بالمقابل، يلوح حل في تحويل المال القطري الى قطاع غزة (بدون القسم المتعلق بموظفي حماس)، اختراق جزئي في مساعي الوساطة من المصريين وتسهيلات كبيرة لاسرائيل في المعابر. يبدو أن الجهود لاستقرار الوضع الامني في الجنوب تصل الى الحسم – تهدئة، او تصعيد محتمل، في الفترة القريبة القادمة. 

اذا لم يكن حتى بعد زيارة عباس كامل وزير المخابرات المصرية تقدم بين إسرائيل وحماس، فليس مستبعدا ان يؤدي استئناف محتمل لاطلاق البالونات الحارقة الى هجمات من سلاح الجو في القطاع وباحتمالية عالية أن ردا على ذلك تستأنف نار الصواريخ أيضا – تلك الدائرة المفرغة المعروفة التي بقيت في هذه اللحظة دون مخرج حتى بعد الحملة الأخيرة.

بعد اكثر من ثلاثة اشهر منذ انتهت حملة “حارس الاسوار” في إسرائيل يلاحظون في الأسبوع الأخير فرصة لاستقرار مؤقت للوضع الأمني في الجنوب. من المهم التشديد على أنه لا توجد هنا أوهام لفترة هدوء طويلة وتسوية مع حماس في قطاع غزة. يدور الحديث عن خطوات صغيرة يفترض بها أن تكسب الهدوء لبضعة اشهر. من القرار الإسرائيلي بعدم الرد على نار الصاروخ هذا الأسبوع يمكن أن نتعلم ان في إسرائيل يريدون جدا الامتناع عن مواجهة عسكرية أخرى في القطاع. 

الكورونا المعربدة وفترة الأعياد المقتربة لا تثير أي شهية خفية  لدى رئيس  الوزراء ووزير الدفاع في معركة عسكرية في نهاية الصيف. ومثلما هو الحال دوما، فان ايران تقف على رأس سلم أولويات جهاز الامن، واضافة الى ذلك، فان من شأن عدم الاستقرار في لبنان  ان يخلق تسخينا محتملا في الجبهة الشمالية. 

ان اختيار الامتناع عن الرد هذا الأسبوع يرتبط قبل كل شيء بهذه الاعتبارات، وفي الوساطة المصرية أشاروا الى انهم قادرون على تحقيق تقدم في المفاوضات وطلبوا من إسرائيل ابداء ضبط النفس. ومثلما في حالات كثيرة في الماضي، فان عدم رضى حماس من النار والتفسير بانها ليست هي التي تقف خلفها وانها عملت بعد ذلك للعثور على مطلقيها المارقين – جندت هذه المرة أيضا من جهاز الامن للشرح للجمهور لماذا تقرر عدم الرد.

لقد تعلم نفتالي بينيت هذا الأسبوع عن عزلة رئيس الوزراء وعن مدى النقد الجماهيري اللاذع الذي يمكن التعرض له على القرارات التي يتخذها. وذلك على نحو خاص عندما يدور الحديث عن الشخص إياه الذي في الماضي انتقد بشدة قرارات مشابهة للحكومة السابقة احتوت الإرهاب من قطاع غزة بسبب المصلحة للامتناع عن التصعيد. بينيت، الذي طالب في الماضي بالهجوم وبالتصفية حتى لمن يطلق بالونات حارقة نحو إسرائيل، مطالب الان كرئيس وزراء بسلوك ارق بكثير في وضعيات معقدة. 

فتح سدادات الضغط

ان النقد على القرار بعدم  الرد شرعي ومفهوم، ولا سيما في ضوء التصريحات التي تطلقها القيادة السياسية والعسكرية بعد الحملة، والتي تنبع ضمن أمور أخرى من تقدير مبالغ فيه بالانجاز في نتائجها. بالمقابل، يجدر بالنقد ان يكون متوازنا والا يختبر بشكل حصري بالنسبة للقرارات الموضعية المتخذة. امتحان رئيس الوزراء، وزير الدفاع والحكومة الجديدة سيكون في الأشهر القريبة القادمة وهم سيقاسون من حيث  قدرتهم على خلق واقع آخر لسكان الجنوب وتحديد سياسة واضحة تكون إسرائيل فيها هي التي تقرر الخطوات ولا تجر وراء حماس. 

طالما عرضت الحكومة الحالية سياسة واضحة، مبادرة ولا تجر خلف حماس، تضع خطوطا حمراء للارهاب من غزة الى جانب محاولة الدفع الى الامام بمسيرة سياسية عميقة وشجاعة – فان الائتمان الذي لها في اتخاذ قرارات معقدة سيكون اكبر. من جهة أخرى، اذا فقدت الحكومة طريقها بسلوكها تجاه القطاع فان هذا سيؤثر أيضا على جبهات أخرى وعلى ثقة الجمهور بالحكومة، التي على أي حال توجد بوضع معقد جدا بسبب تركيبتها السياسية الخاصة. 

يمكن لنا أن نفهم تماما غضب سكان الجنوب على ان إسرائيل لم ترد هذا الأسبوع على اطلاق الصاروخ، كما يمكن ان نفهم أيضا الطلب من الحكومة في الإيفاء بضمان واقع آخر كما وعدت. واقع آخر معناه حياة بلا حرائق في الغلاف، بلا نار صواريخ في القطاع، حياة طبيعية لا تقطعها كل بضعة اشهر جولة تصعيد أخرى  لا تؤدي الى واقع جديد.

مهما يكن من أمر، ففي السبت القادم بانتظارنا اختبار هام حين تكون منظمات الإرهاب في القطاع قررت اجراء مظاهرة كبرى قرب معبر كارني على الحدود مع إسرائيل. 

حرائق في غلاف غزة ومصابون وقتلى في القطاع في المواجهات مع جنود الجيش الإسرائيلي من شأنها أن تدهور الوضع الأمني في الجنوب بسرعة. ويكاد يكون مثلما هو الحال دوما حيال القطاع، فان المسافة بين الهدوء النسبي والتصعيد يقف الان أيضا على اطراف متهالكة في ضوء الحدث الوحيد الذي من شأنه مرة أخرى ان يشعل النار. 

كل هذا صحيح للمدى الزمني القصير. فالحملة الأخيرة في غزة لم تغير بشكل جوهري صورة الوضع حيال القطاع وحيال حماس. كارل بون كلاوزفيتس العسكري والمفكر الباروسي كتب في كتابه: “طبيعة الحرب” الذي نشر قبل نحو 200 سنة يقول: “الحرب ليست الا استمرارا للسياسة مضاف اليها وسائل أخرى”. يبقى هذا القول واقعيا اليوم أيضا، ومعناه هو ان للعمل الحربي يجب أن تكون غاية سياسية تجد تعبيرها بعد أن ينتهي. 

بعد اكثر من ثلاثة اشهر منذ انتهت الحملة تجد إسرائيل صعوبة في ان تخرج الى حيز التنفيذ إنجازات سياسية. عمليا انتهت الحملة الى أي آلية انهاء. ويبدو الان انها تشكل فصلا انتقاليا فقط نحو مواجهة اكبر حيال حماس في غزة، التي حسب موقف جهاز الامن اقرب منها الى التسوية والاستقرار الأمني طويل المدى مثلما تتطلع إسرائيل لتحقيقه. 

اللواء اهرون حليوة، رئيس شعبة العمليات في الحملة الأخيرة ورئيس شعبة الاستخبارات التالي للجيش قال في نهاية الحملة ان هدوءا من خمس سنوات سيعتبر نجاحا. يخيل أن في الجيش ايضا يفهمون جيدا بان الإيفاء بهذا الهدف ليس واقعيا. وهذا ليس فقط لان حماس لا تسير وفقا للمفاهيم العقلانية الغربية وبموجبها  بسبب الاثمان الباهظة التي دفعتها في المعركة الأخيرة والثمن الباهظ الذي يدفعه الان المواطنون في غزة ستتطلع الى الوصول الى تسوية بكل ثمن. بل أيضا لانه بعد اكثر من ثلاثة اشهر من الحملة تتضح الصورة بان تقدير الإنجاز العسكري الإسرائيلي كان مبالغا فيه. 

في الأسبوع الماضي كشفنا هنا انه بخلاف تقديرات الجيش في نهاية القتال، في حملة التضليل والهجوم على الانفاق الدفاعية لحماس  (المترو) قتل لحماس عددا قليلا جدا فقط من الافراد. فحماس لم تندفع نحو الانفاق، وبعد الأيام الأولى من القتال تكيفت مع الواقع الجديد ومع هجمات الجيش الإسرائيلي من الجو، وكلما استمرت الحملة قل عدد المخربين الذين قتلوا.

ان القرار بالسماح بدخول الف تاجر من غزة الى إسرائيل، والذين الكثيرين منهم عمليا يعملون كعمال، يرمز بقدر كبير بان الاشتراطات التي وضعتها  إسرائيل في نهاية الحملة لم تنجح في اختبار الواقع وفي التفكر بين محاولة فتح سدادات الضغط في القطاع حيال ما صرح به المسؤولون عندنا في نهاية الحملة. احدى مشاكل إسرائيل في كل السنوات منذ فك الارتباط هي الفجوة التي بين التصريحات وبين الاعمال التي تتم في نهاية المطاف على الأرض. بهذه الفجوة بالضبط تعلمت حماس كيف تلعب وتناور في الصراع على الوعي، كمن تقود الصراع حيال إسرائيل في الجبهة الفلسطينية.

كما اسلفنا لا حاجة للحكومة الجديدة في إسرائيل ان تقاس بردها على نار صاروخ وحيد، ولكنها ستكون مطالبة بان  توفر بعد سنوات من عدم الاستقرار والمس المتواصل بالسيادة الإسرائيلية في  الجنوب حلولا مختلفة عن تلك التي وفرتها الحكومات السابقة. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى