ترجمات عبرية

معاريف– بقلم بن كسبيت – انتصار امريكي

معاريف– بقلم  بن كسبيت – 8/11/2020

” ما حصل في امريكا ليس انتصارا لبايدن بل هزيمة ساحقة لترامب. من اقتلع ترامب من البيت الابيض هي امريكا. بايدن يعرف ويحب اسرائيل ويجب مساعدته ومساعدتها بدلا من الشقاق معه “.

الرقص العاصف لبعض السياسيين، المغردين واليساريين على الدم المجازي لدونالد ترامب زائد.

فلو كنا سنفحص ترامب بمقياس اخلاقي او انساني، لكان واضحا أن الرجل غير مناسب لان  يقف على رأس اي شيء، وبالتأكيد ليس القوة العظمى الاقوى في العالم. ولكننا اسرائيليون، وعليه فلا مفر: يجب الفصل بين شخصيته المقيتة وبين حقيقة أنه فعل بضعة امور هامة من أجلنا. لا، انا لا اقصد الضم ولا قصة الغرام مع المستوطنين التي ادارها السفير ديفيد فريدمان. لا حاجة للمرء أن يكون مريضا كبوعز بسموت كي يفهم انه في الموضوع الايراني، في الموضوع الامني، في عرض خطة القرن، في تصفية قاسم سليماني وفي اتفاقات ابراهيم، ساهم هذا الرئيس لامن وازدهار دولة اسرائيل مساهمة واضحة. واحيانا يمكن ببساطة القول شكرا. هذا مجاني.

يحتمل بان الشكوى والبكاء من اليمين والناطقين بلسانه على القبر حديث العهد لولاية ترامب الثانية مبررين، ويحتمل الا يكونا كذلك. فلن نعرف ابدا اي ترامب سيظهر في الولاية الثانية. فهل كان سيسعى بكل القوة لاتفاق مع ايران كي يحظى بجائزة نوبل ام يواصل سياسة “الضغط الاقصى” كي يسقط آيات الله؟ لا يمكن أن نعرف. شيء واحد مؤكد: كل اولئك الذين يؤبنون امريكا، يخضون القمقم. كل اولئك الذين يقولون ان التأييد المذهل لترامب يثبت أن ترامب هو امريكا، لا يعرفون امريكا. فالسبيل الافضل لان نشرح لهم ما هي امريكا هو أن نسألهم متى في آخر مرة استصدروا تأشيرة، اشتروا بطاقة سفر غالية، طاروا 12 ساعة، اجتازوا الطابور الطويل في الهجرة واعتلوا السيارة العمومية الصفراء كي يصلوا الى بيرميغهام في الباما، او الى اوماها في نبرسكا. عبثا: ولا مرة. عشرات ملايين السياح، وبينهم غير قليل من الاسرائيليين يتدفقون الى نيويورك، بوستون، شيكاغو، لوس انجلوس، سان فرانسيسكو. هذه امريكا الذي يعرفها العالم، هذه امريكا التي يقدرها العالم، هذه امريكا التي تقود العالم الحر. هذه امريكا التي يعجب بها العالم. اي التي اعجب بها الى  ان جاء ترامب.

هذا وغيره: كابتن امريكا دونالد ترامب فاز قبل اربع سنوات بالرئاسة، رغم أنه حصل على 3 مليون صوت اقل من هيلاري كلينتون. احدى المرشحات الاضعف التي تقدم بها الحزب الديمقراطي في اي مرة كانت. هذه السنة حصل على نحو 5 مليون صوت اقل من جو  بايدن، الذي سيحتفل بسن الثمانين بعد سنتين. ما حصل في امريكا الاسبوع الماضي لم يكن انتصار بايدن، بل الهزيمة الجارفة لترامب. من ستقتلع ترامب من البيت الابيض هي امريكا.

وكذا الحجة الغريبة في أنه بدون الكورونا ترامب كان سيفوز لا تصمد هي الاخرى. فالكورونا كانت كانت فيتنام لترامب. الاختبار الاعلى، المطلق، للزعيم. فمن اجل الانتصار على الكورونا لا يكفي القاء الخطابات الملتهبة وضمان بناء سور (“يموله المكسيكيون”) وعدم الايفاء بالوعد. من اجل الانتصار على الكورونا هناك حاجة لزعيم مع رؤيا، مع مسؤولية، مع قدرة تنفيذية، مع كفاءة زعامة. كل ما لم يكنه ترامب. فمعالجته الاجرامية للوباء، الذي قتل حتى الان اكثر من ربع مليون امريكي، هو فشل ذريع ولا يمكن فصله  عن الولاية نفسها.

تعالوا ننتقل الى بايدن. فهل هو حقا صديق حقيقي متفانٍ لاسرائيل، كما يقول كل من تعرف عليه او احد ما سيخرب الفرحة منفلتة العقال لنتنياهو واليمين بقدم فظة ويعيد النظام القديم الى سابق عهده. الجواب هو هذا وذاك معا. والوضع معقد. بالتعابير التي ترسخت هنا سنوات جيل، فان فايدن هو احد العاطفين المتفانين، القدامى، الثابتين والمحبوبين لاسرائيل في اي وقت مضى. سجل التصويت لديه كامل الاوصاف. وغير مرة وصف نفسه بانه صهيوني. فهو ملتزم باسرائيل، محبته لها طبيعية، غير مفتعلة وهو حقا يعتقد أننا الجانب المحق وان الولايات المتحدة الامريكية يجب دوما أن تقف هناك، وان تعطي كتفا وان تفتح لنا مظلة وان توفر لنا كل ما نحتاجه كي نضمن امننا ومستقبلنا.

حتى اشراق دونالد ترامب في سماء الشرق الاوسط ما كان يمكن الصلاة لاحد ما افضل من بايدن. كل الادارات الامريكية، الديمقراطية والجمهورية، اتخذت ذات السياسة الواضحة: المساعدة السخية لاسرائيل، المظلة السياسية لاسرائيل، الحلف الامني، العسكري والاقتصادي مع اسرائيل، ولكن ايضا  ملاحظة تحذير: التزام مطلق بحل الدولتين، عدم الاعتراف بالمستوطنات، تحديد الخط الاخضر كاساس للمفاوضات وعدم الاعتراف بالقدس كعاصمة اسرائيل بسبب حقيقة أن شرقي المدنية ايضا تنتمي اليها (ليس لاي امريكي مشكلة مع غربي المدينة). يخيل ان هكذا كان دوما، وهكذا سيكون.

ولكن عندها جاء ترامب. وبركلة طائرة حطم كل هذا. عين مستوطنات متطرفا كسفير، نقل السفارة الى القدس، اعترف بالسيادة في هضبة الجولان، شطب الفلسطينيين، اوقف التمويل لوكالة الغوث، اوقف التمويل للسلطة، واليد ما زالت ممدودة. هذا افرح جدا اليمين، وارقص المستوطنين. ولكن كل من توقف للحظة ليفكر، عرف بانه مثلما جاء هذا، هكذا سيرحل ايضا. متى؟ عندما ينهي ترامب مهام منصبه. وعليه فان سقوط دونالد ترامب هو تماما ايضا سقوط المستوطنين.

في الواقع الترامبي نشأت معادلة جديدة مع متغيرات مختلفة تماما. فجأة رئيس امريكي من نوع كلينتون، جورج بوش ابن، بايدن، لم يعد يعد عاطفا لاسرائيل فقط لانه سيسعى الى تنفيذ حل الدولتين. فجأة رئيس لا يبعث بتهنئة رئاسية ليوسي داغان على شرف عرس ابنة اخته، يعد معاديا. فجأة من لا  يقسم بوجود ايتمار ج،  يعد طاغية. طورنا شهية سليمة في فترة ترامب، ابتلعنا وهضمنا وكأنه لا يوجد غد، ولكن فجأة جاء الغد. اي، امس، عندما اقتحم بايدن حاجز المجمع الانتخابي واعلن الرئيس المنتخب. والان بتنا في حالة سكرة مبيتة.

مع كل الاحترام للمستوطنات، فان المسألة الايرانية وجودية اكثر قليلا. في هذا المجال، القصة مركبة حتى اكثر.  ترامب وفر البضاعة في كل ما يتعلق بالضغط على طهران، وبقوة. من جهة اخرى، ايران قريبة اليوم الى القنبلة النووية اكثر بكثير مما كانت قريبة في آخر يوم لـ “الطاغية”  اوباما في منصبه. لم يكن الاتفاق  النووي كامل الاوصاف. كانت فيه ثغرات وكانت فيه ثقوب، ولكنه وفر للعالم ولنا هدوءا تاما من النووي الايراني لـ 10 – 12 سنة. وخروج الولايات المتحدة من الاتفاق سمح للايرانيين بان يخرقوا نصيبهم ايضا (وعن حق) ويقتربوا جدا من القنبلة.

هل ترامب كان سيواصل في ولايته الثانية ما فعله في الاولى؟ أحد لا يعرف. برأيي، ترامب هو الاخر لا يعرف. في جهاز الامن والاستخبارات عندنا لم يناموا جميعا بهدوء في السنوات الاربعة الاخيرة. الرئيس غير المتوقع، المتقلب والغريب  هذا، كان قادرا على أن يفعل كل شيء: ان يواصل الضغط على الايرانيين، ولكن ان يفقد الاهتمام بالقصة كلها ايضا. ماذا كان سيفعل لو قرر الايرانيون الاقتحام الى النووي بشكل علني، قرار موضوع على طاولة خامينئي منذ زمن طويل؟ هل كان سيهاجم؟ وكيف بالضبط سيهاجم ايران؟ مثلما هاجم كوريا الشمالية؟ باختصار، لغز. كفاحية ترامب تجاه ايران لم تثبت نفسها بعد ولا يمكن ان نعرف اذا كانت ستثبت نفسها في الولاية الثانية أم تصبح مصيبة استراتيجية رهيبة من ناحيتنا.

وبايدن؟ التقدير انه سيسعى الى استئناف المفاوضات مع ايران. وبالمناسبة، ترامب ايضا اعلن بانه سيجري مع ايران مفاوضات بعد الانتخابات. التقدير هو أن بايدن سيوافق على بادرات طيلة مع طهران كي يحسن الاجواء. وهو سيسعى الى اتفاق نووي محسن. ينبغي الامل في أن يكون لنا ما يكفي من الروافع وان يكون لنا ما يكفي من التأثير في واشنطن كي يكون اتفاق بايدن جيد ومحسن اكثر من اتفاق اوباما. ينبغي الصلاة لان يحرص نتنياهو (اذا كان بالفعل رئيس الوزراء الا يكرر الخطأ الفتاك الذي فعله مع اوباما – الا يصبح عدو البيت الابيض والا يدق اصبعا في عين الرئيس، كي “يبقى في غرفة” المفاوضات مع ا يران  ويتمكن من التأثير عليها.

وأخيرا: بايدن ليس  اوباما. فهو ليس ليبراليا مثل اوباما وهو ليس سلميا مثل اوباما. بايدن،  مثلما قال لي اسرائيلي يعرفه على نحو ممتاز، كان يدخل في مشادات بالايادي طوال طفولته الصعبة في دلاور. وهو ليس إمعة. اذا كان اوباما هو يوسي بيلين، فبايدن هو اسحق رابين الحزب الديمقراطي. وهو صديق نتنياهو منذ سنوات جيل، يعرف اسرائيل على نحو ممتاز، يحب اسرائيل ويجب مساعدته ومساعدة اسرائيل بدلا من الشقاق معه.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى