ترجمات عبرية

معاريف– بقلم اوريت لفي نسيئيل – ليس هذا هو الاقتصاد فقط

معاريف– بقلم  اوريت لفي نسيئيل – 6/8/2020

على غانتس ان يضع لنتنياهو خطا احمر والا يتنازل في موضوع الميزانية. وهذا يتجاوز الاعتبارات الاقتصادية لان هناك لحظات في حياة الزعيم يجب ان يكون فيها حاسما حتى ولو على حساب حياته السياسية القصيرة “.

قبل أن ينل منزل رئيس الوزراء لقب  “بلفور”،  كانت في اسرائيل  محافل  ضيقة شكلت غرفة حربية عملياتية – سياسية لرؤساء الوزراء؛ عصبة ضيقة وغير رسمية كانت تمسك بالخيوط من خلف الكواليس، اشهرها كان “المطبخ الصغير” لغولدا، “منتدى المزرعة” لارئيل شارون. وكان ايضا ايهود اولمرت وامرأة سره الخالدة شولا زاكين. كانت قوتهم في التزامهم المطلق لرئيس الوزراء، والذي كان يهتف الى حماية حصانته السياسية. في سنوات ولاية نتنياهو الطويلة كان المستشارون يأتون ويذهبون، والسياسيون الموالون يقربون ويبعدون. اما “بلفور” فقد تبلور ليصبح الاسم السري لطاقم العائلة النووية، وحدة ذرة غير قابلة للانشطار.  المنزل في شارع  سمولانسكن، زاوية بلفور،  يختفي عن العيان.  على المداخل الى الشارع  يغطي ستار أسود، وكأنه مسرح شارع ضخم. قبله  توجد جدران عالية، حواليها يقف رجال وحدة حراسة الشخصيات من المخابرات.

ذات مرة، في عصر السذاجة ما قبل اغتيال رابين، كان منزل رئيس الوزراء من المنازل الجميلة في حي رحافيا التي بنيت باسلوب دولي.  كان يمكن المرور عنه دون عراقيل بل والتظاهرايضا. ولكن الازمنة تغيرت.  رئيس الوزراء هو من الزعماء الاكثر حراسة في  العالم،  مرفوع، مبعد ومنقطع عن الشعب. الواقع الحالي يدمج احتياجات الحراسة، هستيريا زائدة ورمز المكانة.

من ناحية سياسية، اصبح “بلفور” امبراطورية رجل واحد (وثمة من يقول عائلة واحدة). مصدر الكلمة يعود الى الانجليزية  ومعناها المرجعية العليا. هكذا هو بنيامين نتنياهو.  على الاقل هكذا هو في نظر نفسه. ولكن مثل زعماء آخرين في التاريخ البشري فانه لا يلاحظ علامات تفكك مملكة الاكاذيب التي اقامها. بهذا المفهوم، الحيطان المتقشرة في المنزل، والتي حظيت بعلاقات عامة مبالغ فيها، والاف المتظاهرين في الشوارع الذين يدعونه الى الاستقالة، هي مجرد رمز للافول التدريجي لامبراطورية بلفور، اواخر حكم الرجل الذي غير وجه دولة اسرائيل والجينات التي حركت الحركة الصهيونية لان تقيم هنا مجتمعا مثاليا. ولكن توجد ايضا بشرى طيبة. فكلما كان هو ومن يحيط به منقطعين عن الجمهور هكذا يوقظون في الكثير من المواطنين الفهم بان السياسة هي وسيلة وليس غاية. يمكنها ان تكون هدامة ولكنها ايضا المفتاح لاحداث التغيير.

في الوسط يوجد بيني غانتس. قلبه مع المتظاهرين ولكن كرسيه الى جانب طاولة الحكومة. لا يمكن الاستخفاف في ضائقته وبالمتاهة السياسية التي يعيشها. السذاجة السياسية فقدها منذ زمن بعيد. وعليه فان التصويت ضد ميزانية لسنة واحدة هو الفرصة الاخيرة بالتأكيد للابقاء على القليل من الكرامة التي تبقت له وللاثبات بانه لم ينسَ التزامه في أن يضع اسرائيل قبل كل شيء آخر.

من الصعب ان نصدق بان احدا ما من النواب في الكنيست، حتى في كتلة اليمين، “يشتري” ادعاء نتنياهو بان كل المحافل المهنية تؤيد ميزانية لسنة واحدة (اي لثلاثة اشهر). او التعليل المدحوض بان ميزانية لسنتين ستنطوي على اجراءات اقتصادية متشددة (والتي ستكون في كل الاحوال)، ولكن يخيل أن الكثيرين منهم يقبلون تسليما بتهديده جر اسرائيل الى انتخابات للمرة الرابعة. اذا ما وقع هذا السيناريو، فان آلة الالاعيب المتطورة التي يستخدمها “بلفور” ستوقع المسؤولية على كاهل غانتس. هو سيكون المذنب دوما. لهذا الدور وجد منذ البداية. هذه لحظة اختبار لازرق أبيض. كل صيغة سياسية غير ميزانية لـ 15 شهرا ستكون فشلا. اذا كان في نية غانتس ان يستسلم فالافضل له ان يرفع العلم الابيض ويتراجع منذ الان. اما اذا كان استخلص الدروس من حملة الاهانات التي يجتازها في الاشهر الاخيرة وتسطح منحنى تعلمه تماما فعليه أن يضع امام نتنياهو خطا أحمر.

نعم، توجد لحظات في حياة الزعيم ينبغي له فيها أن يقول – حتى هنا. بسبب الخرق الفظ للاتفاق الائتلافي الذي وقع قبل اقل من ثلاثة اشهر، بسبب الدوافع السياسية الخفية والعلنية لنتنياهو، ولا سيما بسبب اعتبارات اقتصادية موضوعية ومفهومة من تلقاء نفسها في ذروة ازمة غير مسبوقة. اذا تصرف هكذا، فقد تكون هذه هي الخطوة الاهم الاخيرة في حياة بيني غانتس السياسية القصيرة، ولكن بطريقته الرسمية المنضبطة فانه سيسجل على الاقل كمن كشف الخدعة في بلفور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى