ترجمات عبرية

معاريف– بقلم اوريت لفي نسيئيل – عقد جديد

معاريف– بقلم  اوريت لفي نسيئيل – 8/10/2020

واقع الدولة داخل الدولة قد تخدم بعض السياسيين ذوي المصالح الضيقة، ولكن باهظ الثمن الذي يجبى من كل مواطني الدولة. في الصباح التالي للكورونا لن يكون مفر من عقد اجتماع جديد بين  الاصوليين وبين المجتمع الاسرائيلي.  وعملية الصياغة يجب أن تبدأ منذ الان “.

خط مباشر يربط بين كفاح الاصوليين ضد تجنيدهم للجيش الاسرائيلي وبين الانعزالية وعدم التضامن اللذين يمارسهما بعضهم في الحرب ضد الكورونا. فمعارضة الخدمة الالزامية اصبحت منذ زمن بعيد علم الاحزاب الاصولية. وتشكل مسألة المساواة في العبء منذ سنين نسغا ائتلافيا من جهة ومن جهة اخرى محفزا لحل الحكومات. والى جانب ذلك يسعى السياسيون الاصوليون للاقناع بان الطلاب في المدارس الدينية “يقتلون في خيمة التوراة” ويتحملون العبء الروحي من أجل عموم اسرائيل. جاء فيروس الكورونا واثبت (لمن كان يحتاج الى الاثبات) بان الكثيرين منهم لا يرون بالعيون المجتمع الاسرائيلي.

شيء بائس يمر على المجتمع الاصولي. فاذا كان يخيل في الموجة الاولى من الكورونا اننا كلنا في قارب واحد، جاءت الموجة الثانية حين كانت الجماعات الحسيدين والادموريون الهامون والحاخامون الكبار يجعلون سبتا لانفسهم، أحيانا باسناد سياسي واحيانا بدونه. جنازة جماعية للادمور من بتسبرغ في اسدود في ظل خرق كل قواعد التباعد الاجتماعي، هي مثال على التجاهل الذي يتخذه الحسيديون لقوانين وصلاحيات الدولة  كصاحبة السيادة. سبقتها رحلة الكورونا من نيويورك في الفصح، والتي اكتشف بعض من مسافريها باثر رجعي بانه كان في الطائرة مرضى مؤكدون. على هذا السياق يوجد ايضا الضغط للسماح بالرحلات الجوية الى اومان في رأس السنة، فتح الكنس في يوم الغفران ومعارضة الزعماء الروحانيين اغلاق مدارس التوراة (الحاخام كينيابسكي في الموجة الاولى). فضلا عن ذلك، ثمة شهادات على أن فصائل في الوسط يصابون بالعدوى عن قصد من أجل الوصول الى “مناعة القطيع”. هكذا بالضبط تبدو الفوضى.

يقال على الفور: الوسط الاصولي (الحريدي) لا يتشكل من جبلة واحدة، والتعميمات بطبيعتها تحيق الظلم. ومع ذلك، لا يدور الحديث عن مجموعات هامشية، بل عن جماعات حسيدية كبرى ومركزية مثل بعلاز التي احتفلت في القدس بعرس عظيم قبل بضعة اسابيع وفيزنيتس التي احتفلت بعرس في حيفا واجرت احتفالا كبيرا في منتهى يوم الغفران في بني براك، ناهيك عن العدوى الجماعية في صلوات رأس السنة في حسيدية غور. وللنزاهة والى جانب هذه الصور محظور أن ننسىى ان غير قليل من المواطنين الحريديين يحرصون على تعليمات الكورونا، يشاركون في سوق العمل وسيدفعون الضرائب حسب القانون، يخدمون في الجيش وهم جزء من فسيفساء المجتمع الاسرائيلي. ولكن من الصعب مجادلة المعطيات. معدل المصابين بالكورونا في المجتمع الحريدي اكبر بلا قياس من نصيبهم النسبي بين السكان.

المقارنة الشعبوية بين الصلوات في الكنس والمظاهرات، والانخفاض الذي يستند الى المقايسات ادت الى تسيب تام والى ارتفاع في الاصابة. وحتى في ذروة الوباء، الذي لا يعرف حدودا، انتصرت السياسة على العقل السليم. فمن يتابع الساحة السياسية في اسرائيل لا يمكنه ان يتفاجأ. فاعتبارات سياسية اختلطت مع الرغبة الصادقة لمراعاة الاحتياجات الخاصة للاصوليين وادت الى استسلام تاريخي من جانب حكومات اسرائيل على اجيالها لمطالبهم. ممثلوهم في الكنيست عرفوا كيف يستخدموا قوتهم كي يحرروا شباب المدارس الدينية من الخدمة وان يفرضوا بالقانون انماط سلوك لا يرغب فيها اجزاء واسعة في المجتمع الاسرائيلي في مجال الاحوال الشخصية، الحلال، الحرام، المواصلات العامة في السبت وغيرها. والاستخفاف الفظ والاستفزازي بالقواعد وبالقوانين  في فترة الكورونا تعبر عن استهتار  يصعب على الجمهور العام احتواءه.  

قبل الادعاء بان هذه اراء مسبقة وجامدة، من المهم الايضاح بان انتقاد ما يجري في الوسط الاصولي معقد  ولا ينبع باي حال من كراهية الاصوليين. ولكن ينبغي الاعتراف بان المجتمع الاسرائيلي لا يمكنه على مدى الزمن أن يحمل على ظهره طوائف تعارض لاسباب ايدلوجية المساواة في العبء الاقتصادي، الصحي والعسكري على حد سواء. تتحدث المعطيات عن ذاتها، المدن الاصولية هي من اكثر المدن فقرا. معدل العمال متدن. وبناء على ذلك ايضا قدرة نيل الرزق ودفع الضرائب. الاصابة الواسعة اكدت فكرة  ان في اسرائيل الصغيرة لا يمكن لجماعات سكانية مختلفة أن تعيش بانعزالية خلف الاسوار وفي كانتونات منفصلة. فواقع الدولة داخل الدولة قد تخدم بعض السياسيين ذوي المصالح الضيقة، ولكن باهظ الثمن الذي يجبى من كل مواطني الدولة. في الصباح التالي للكورونا لن يكون مفر من عقد اجتماع جديد بين  الاصوليين وبين المجتمع الاسرائيلي.  وعملية الصياغة يجب أن تبدأ منذ الان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى