ترجمات عبرية

معاريف– بقلم اهود اولمرت– ايران والفشل الاستراتيجي

 معاريف– بقلم  اهود اولمرت – 12/3/2021

خطوات نتنياهو في الموضوع النووي الايراني أدت الى الفشل السياسي – الامني الاكبر في تاريخ اسرائيل“.

في اعقاب الانتخابات في العام 2009، في مرحلة مبكرة من ولايته الثانية، قرر بنيامين نتنياهو ان يضع على رأس سلم اولويات حكومته الصراع ضد خطر تحول ايران الى قوة عظمى نووية. اعتقد نتنياهو بان عليه أن يحدد اهداف الصراع لاسرائيل وللاسرة الدولية كلها ايضا، ولكنه خطواته أدت الى فشل تام.  الفشل السياسي – الامني الاكبر والاكثر  ايلاما لاسرائيل منذ قيامها.

منذ سنوات غير قليلة تعرف محافل الاستخبارات في اسرائيل وفي  العالم  بان لايران بالفعل كانت نوايا  لتحصيل قدرة نووية وانتاج قنبلة ذرية. بل انها بدأت بتطوير صواريخ تسمح لها بالوصول الى مطارح بعيدة، بما في ذلك كل الاهداف الاستراتيجية الممكنة في اسرائيل. وكانت السياسة الاسرائيلية واستعدادها للصراع تقوم على اساس هذه الفرضية وبموجبها.

في تلك السنين عملت اسرائيل ضد ايران في ارجاء العالم بقيادة الموساد، وبتعاون كل محافل الامن (واولا وقبل كل شيء شعبة الاستخبارات “امان”، لجنة الطاقة الذرية، وزارة الخارجية، الشاباك وباقي الجهات الرسمية). عن حجم هذا النشاط مداه ونتائجه لم يعرف شيء، ولكنه سيسجل في صفحات الذهب لدولة اسرائيل. اريك شارون وأنا بعده اعتقدنا أنه ينبغي العمل في جبهات مختلفة، في ظل اخذ مخاطر عديدة – ولكن دون الكشف عن ايا من هذه الاعمال. اعتقدنا انه لا يوجد ما يدعونا الى أخذ مخاطر زائدة، وان الاحتمال الوحيد للنجاح في هذا الجهد الدولي المركب هو الحفاظ على ضبط النفس لاقصى حد ومواصلة قيادة الولايات المتحدة له.

في خطاب في مؤتمر هرتسيليا، في بداية العام 2007، شددت على أن اسرائيل ستعمل بكل القدرات والقوى التي لديها ضد التحول النووي الايراني – ولكن الصراع على المستوى الدولي يجب أن تقوده الولايات المتحدة. كانت لي ثقة كاملة بقدرة وارادة وتصميم الرئيس الامريكي في حينه، جورج بوش الابن، لقيادة المعركة.

في تلك السنين بدأت الساحة الدولية تفرض العقوبات الاقتصادية ضد ايران. وتشكلت قيادة خاصة في  الولايات المتحدة بادارة نائب وزير المالية ستيوارت ليفي الذي عمل بالتعاون مع  جسم خاص اقيم في اسرائيل للمس بحرية العمل الاقتصادية لايران وتجارتها الدولية. واتخاذ مجلس الامن في الامم المتحدة قرارين حول العقوبات ضدها.  وكانت الساحة الدولية ملتزمة بالعمل على صدها – وهكذا تصرفت.

الى أن جاء رئيس وزراء اسرائيلي قرر ان يحطم كل الاواني محل الفخار الحساس هذا، واملاء نموذج جديد للصراع – كان يفترض بذروته ان تكون تصفية عسكرية  لكل القواعد في ايران التي اشتبه بها كمرتبطة في جهدها النووي. قرار نتنياهو لم يبقَ سرا ولم يبحث في الغرف المغلقة فقط: فامكانية الهجوم على ايران اصبحت موضوعا علنيا مكشوفا واستفزازيا، سمعت اصداؤه من اقصى العالم وحتى اقصاه. ولا يزال الجميع  يذكر العرض الساخر من على منصة الجمعية العمومية للامم المتحدة، حين استعان نتنياهو بالرسومات عن توسع القدرة النووية لطهران، في ظل تحديد الخط الاحمر الذي لا يكون عنده مفر غير العمل عسكريا. وخشي افضل اصدقاء اسرائيل في العالم من امكانية أن تبادر الى خطوة عسكرية مستقلة، تهز الشرق الاوسط كله.

ومنذ العام  2008، في اثناء زيارة الى البلاد، قال بوش لاهود باراك، وزير الدفاع في حينه، بحضوري، انه لن يسمح لاسرائيل باي حال مهاجمة ايران، وان الولايات المتحدة ستمنع  عبور الطائرات الاسرائيلية فوق العراق. وتعهد بوش بان يعمل بكل قوته ضد التحول النووي الايراني، ولكنه اعتقد بان محاولة اسرائيل القفز الى الامام لتقوض كل الساحة الدولية  هي محاولة مغلوطة، خطيرة ومن شأنها أن تكون هدامة.

***

ادار براك اوباما سياسة مشابهة، وكان ملتزما تماما بمنع كل  محاولة ايرانية للدفع الى الامام باحتمال التسلح النووي. وتبين في تلك السنين تماما انه منذ العام 2003 اوقفت ايران برنامج السلاح النووي لديها، وان كانت واصلت تطوير قدرة لاطلاق الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، القادرة على أن تحمل سلاحا نوويا ايضا.

حكومة اسرائيل برئاسة نتنياهو قررت ان تعمل  كل شيء كي  تؤدي الى عملية عسكرية ضد ايران. فالتهديدات التي لا تتوقف وظهور نتنياهو المتواتر من فوق كل منصة في البلاد وفي العالم ساهمت في نهاية المطاف في بدء المفاوضات السرية بين الولايات المتحدة وشركائها الاوروبيين، بما في ذلك روسيا، وبين ايران. وهكذا  ولد الاتفاق النووي الذي وقع في 2015 دون أن تكون اسرائيل شريكة في الخطوات والتأثير عليها.

لم يكن الاتفاق النووي لاوباما ليوقع لو لم يخلق نتنياهو خوفا حقيقيا في أن اسرائيل تستعد لعملية عسكرية شاملة. واذا كان الاتفاق النووي سيئا حقا مثلما ادعى رئيس الوزراء – فقد كانت له مساهمة حاسمة في أنه وقع. الكثيرون، وانا بينهم،  اعتقدنا بان الاتفاق يعاني من  مواضع ضعف غير قليلة، ولكن رغم علله، كان افضل من انعدام الاتفاق. نتنياهو، بخلاف رأي الكثيرين، قرر تفعيل كل قوة اسرائيل السياسية في امريكا والتهديد بكل امكانياتنا العسكرية  الكامنة كي يؤدي الى الغاء الاتفاق النووي.

أنها اوباما ولايته. دونالد ترامب انتخب. وبعد وقت غير بعيد انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق. في اثناء تلك الفترة نفذت اسرائيل بضع حملات فاخرة  درة التاج فيها كانت الاقتحام للارشيف النووي الايراني في ضواحي طهران. وكشفت الحملات الاسرائيلية ما كان الكثيرون يعرفونه قبل ذلك:  ايران اوفت بالتعهدات التي اخذتها على عاتقها في الاتفاق الذي قاده اوباما. وجاء  انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق ليس فقط كي لا يحسن الوضع بل ادى الى تحسن دراماتيكي في النشاط النووي الايراني وتقدمها الكبير نحو امكانية انتاج القنبلة. وذلك في ظل تفعيل اجهزة طرد مركزي متطورة لم تكن لديها في الماضي وزيادة كمية اليورانيوم المخصب.

من كان نائب  رئيس الموساد وشغل منصب رئيس منظومة العمليات فيه (اسمه محظور على النشر) قال مؤخرا بشكل صريح انه خطوات نتنياهو أدت الى فشل استراتيجي. كما شدد نائب رئيس الموساد على انه في هذا الشأن كانت ادارة المعركة السياسية فاشلة بشكل مطلق. مرة اخرى: يقول هذا من وقف على رأس تخطيط العمليات الاسرائيلية ضد ايران. لم يقلل من انجازات الحملات التي كانت رائعة، ولكن بكلمات بسيطة شرح: انتصرنا في المعركة، خسرنا الحرب.

من لا يزال بحاجة الى تفسير لماذا يزيد كل يوم آخر يتولى فيه نتنياهو رئاسة الوزراء المخاطر على امننا، يمكنه أن يعود ليقرأ ما قاله احد اشجع والمع مقاتلي اسرائيل. وحتى اسمه لا يعرفه الجمهور، وهو ليس مرشحا للكنيست، وهو ليس نشيطا سياسيا – مجرد مواطن قلق كان في قلب المعركة الفاخرة، الشجاعة والجسورة لاسرائيل ويقول ان النتيجة هي فشل استراتيجي.

ما الذي نحتاجه أكثر كي نبعد هذا الرجل الهستيري عن بلفور؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى