ترجمات عبرية

معاريف– بقلم  الون بن دافيد- قتال رقمي

معاريف– بقلم  الون بن دافيد- 22/10/2021

” الانباء الملفقة في الشبكات الاجتماعية تفكك القاعدة التي تقوم عليها الديمقراطيات ولكن تأثيرها هدام على نحو خاص في المنظومة العسكرية “.

في بداية الاسبوع نشر يوآف الياسي الملقب “الظل” في حسابه الشعبي على الفيسبوك صورة جندي من الجيش الاسرائيلي ينام الى جانب حاويات القمامة في الشارع المجاور لبيت الجندي في حيفا. فسارت وراءه وسائل اعلامية اخرى واعادت نشر الصورة المعيبة. 

الجولاني الذي يجلس اليوم في مكتب رئيس شعبة القوى البشرية  تجمد في كرسيه لمشهد الصورة المخيفة. “لا يحتمل ان يكون جنديا عندي ينام قرب الحاوية”، قال اللواء ينيف عاشور لرجاله، “اعثروا لي عليه”. استيضاح قصير وفر له كاميرات الحراسة في بيت الجندي التي اثبتت بشكل واضح: بان الجندي ورفيقه اخرجا الصورة على امل وفهم بانها ستنتشر كالفيروس. كلاهما عثر عليهما وحكما بالحبس لـ 14 يوم. وقام “الظل” بازالةالبوست. 

في اليوم ذاته نشر صحافي سابق صورة لجمع من الجنود يحتشدون للصعود الى باص في المحطة المركزية في بئر السبع وكتب يقول: “احد لا يبالي”. ورفعت الصورة على الفور في الحساب الشعبي “جنود يغردون” ونالت اكثر من عشرة الاف تعقيب. سارعت الى الاستيضاح ولافضل علمي لم يتبقَ في ذاك الصباح اي جندي في المحطة في بئر السبع، رغم الازمة. فقد زاد الجيش الاسرائيلي في السنة الاخيرة عدد الباصات لتسفير الجنود في ايام الاحد والخميس من  400  الى 1.500. 

 أدبيات متفرعة كتبت منذ الان عن الضرر السيء للانباء الملفقة وكيف تفكك القاعدة التي تقوم عليها الديمقراطيات. ولكن في الساحة العسكرية التي تقام على قبول الإمرة – فان تأثيرها هدام على نحو خاص. المنتج الاساس للانباء الملفقة هي الشبكات الاجتماعية، ولكن في مسعاهم لان يبقوا ذوي صلة يحاول حتى الصحافيون في وسائل الاعلام المؤطرة اللحاق بها وسد الفجوة معها. 

هكذا انطلقت معظم الصحف بسرور في حملة على رجال الخدمة الدائمة الميسورين ممن يتمتعون بتقاعد سمين بينما يمنعون رفع اجر جنود الالزامي. الحقائق (التي لا تعني احدا حقا) هي ان اجر جنود الالزامي ارتفع بـ 2.5 ضعفا في العقدين الاخيرين وان الجيش الاسرائيلي يتوق، وعن حق، لان يزيده اكثر؛ وانه بين خادمي الدائم اليوم لم يتبقَ الا 19 في المئة ممن سيتمتعون بتقاعد مالي وهم ايضا سيسرحون في غضون خمس سنوات؛ وانه في السنوات الخمسة الاخيرة تقلص بـ 30 في المئة عدد الخادمين الذين يحظون بالوصول الى التقاعد. معطى توجد له تداعيات قاسية على جودة الخادمين. 

هذه الحملة ايضا، التي تستهدف دق اسفين بين خادمي الالزامي وبين القادة والتشكيك بشرعيتهم، ولدت في الشبكة الاجتماعية. وهي استمرار مباشر للادعاءات الهدامة من جانب زميلي افيشاي بن حاييم وكأن القادة من “اسرائيل الاولى” يبعثون بجنودهم من “اسرائيل الثانية” باياد مقيدة الى خط النار. كما كتب د. ميخاغودمان في كتابه الدقيق “ثورة الانصات”: الكذب سيبقى دوما اكثر جذبا من الحقيقة، لانه ليس مقيدا بقيود الواقع. 

بين البرامج الواقعية للرغبة في ذبح الابقاء المقدسة، تشوشنا: توجد بقرات اذا ما ذبحناها – لن يكون لها بديل. البقرات المقدسة يجب تربيتها وتحسينها، ولكن اذا ما جعلنا الخدمة في الدائم وصمة عار او اقنعنا خادمي الالزامي بانهم إمعات– فمن سيبقى لحمايتنا؟ 

لنتعلم من وزارة الصحة

الكثيرون من قادة الجيش تربوا في عصر كان فيه القائد يجري استطلاعا للصحف مرة في الاسبوع او اطلاعا على ما يجري من اخبار، وكانت هذه صورة واقعهم. فاذا كان القائد ذات مرة يتوسط بين جنوده والواقع فان له اليوم منافس وحشي في شكل الشبكة الاجتماعية التي يستمد معظم الجنود واهاليهم صورة الواقع منها. 

في الاسابيع الاخيرة التقيت غير قليل من القادة الذين بدأوا يفهمون حجم التحدي والصعوبة في  مواجهة ذلك. فجنودهم لا يقرأون الصحف ولا يشاهدون نشرات الاخبار في التلفزيون (التي هي ايضا ليست نقية من التلفيق)، بل يخلقون صورة الواقع لديهم من الشبكة، بما فيها من مواضع ضعف. لكل جندي ولكل اهل جندي يوجد رأي وخير ان ذلك، ولكن عندما لا يكون توافق على الحقائق  – فلا يوجد ايضا اساس للبحث في الاراء.

في 1982 خرجت اسرائيل الى حرب موضع خلاف في لبنان. الاغلبية الساحقة من القادة في حينه كانوا من بين الاستيطان العامل وعارضوا الحرب ايديولوجيا. باستثناء واحد، بقوا جميعهم موالين للرسمية ولجنودهم، وقادوهم الى المعركة حتى كانوا في السبت التالي خرجوا للتظاهر ضد الحرب. 

في  2005 نفذ الجيش الاسرائيلي قرار الحكومة بفك الارتباط عن غزة. الكثيرون من الجنود ومن القادة في حينه لم يتماثلوا مع الهدف، ولكن التماثل مع المملكة والواجب تغلب. هل اليوم، في عصر الشبكة الاجتماعية سيكون ممكنا الخروج الى معركة او الى خطوة عسكرية واسعة بغياب التوافق؟ لست واثقا. ثمة من يدعي بانه في اواخر ايامه كرئيس للوزراء فهم  بنيامين نتنياهو حدود الشرعية للعصر الحالي ولهذا امتنع عن استخدام القوات البرية في اثناء حملة حارس الاسوار.

للجيش الاسرائيلي توجد عدة فضائل يمكنه أن يستغلها في الصراع ضد هذا العدو الجديد: قادته لا يزالون يتحدثون عينا بعين مع المرؤوسين، وفي العصر الحالي هذا ليس قليلا. خير يفعل اذا ما حاكى جهاز التعليم الذي يفصل التلاميذ  عن هواتفهم من بداية اليوم التعليمي وحتى نهايته. في الكثير من الوحدات المصنفة بان هذا هو المعيار اليوم، ولكن مشروع البدء به فيها جميعها. هكذا ايضا في ساعة ما قبل النوم والتي في الماضي كانت تستخدم للثرثرة الاجتماعية مع القادة او للوقوف في الطابور للهاتف العام، وكانت جزءات هاما من بناء رص الصفوف في الوحدة، واليوم تستغل لان يغرق كل واحد من الجنود في شاشته. 

يحتاج الجيش الاسرائيلي ايضا لان يشكل طاقما لمكافحة الانباء الملفقة. مثلما فهمت وزارة الصحة بعد بضعة اشهر من الكورونا بانها ملزمة بان تكافح ضد الانباء الملفقة التي تنشر وكانت تنشر بوستات مع ختم  “ملفق” هكذا ايضا على الجيش الاسرائيلي ان يعثر على الملفق وان يدحضه. الى أن نطور القدرة على ان ننقطع بين الحين والاخر عن التكنولوجيا وعن المعلومات السامة، كما يوصي غودمان ينبغي مكافحتها. ان القيادة في عصر الشبكات الاجتماعية يمكنها ايضا ان تكون موضوعا ممتازا لكتاب. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى