ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  الون بن دافيد – خيارات في الهواء

معاريف – بقلم  الون بن دافيد – 10/12/2021

” الى جانب الاعداد الهام للبديل لفشل المحادثات، على اسرائيل أن تسأل نفسها ماذا ستفعل حين تنجح المحادثات “.  

مثلما في التراجيديا الاغريقية انطلقت هذا الاسبوع جوقتنا بسلسلة من التهديدات والتحذيرات لايران: رئيس الوزراء، رئيس الموساد، رئيس الاركان، قائد سلاح الجو – كلهم اعطوا صوتهم للجوقة المنسقة (باستثناء وزير الدفاع، البطل المأساوي في نظر نفسه). في المأساة الكلاسيكية تحتفظ الجوقة بدور يتمثل بوصف ما يجري خارج المسرح، وهكذا ايضا عندنا: المسرح هو فيينا، اما الجوقة فتصدح على ما سيجري اذا ما فشلت المحادثات. 

هذا كفيل بان يبدو كثرثرة زائدة او تهديدات فارغة، ولكن هذا بالضبط هو الدور الذي يتعين على اسرائيل أن تؤديه هذه اللحظة: ان تهز الذيل غير المفتخر لخيارها العسكري. المسرحية الوحيدة في المدينة هي المحادثات في فيينا، وعلى اسرائيل أن تواصل عرض البديل في حالة الا يكون اتفاق. 

هذا البديل هو ليس تصريحات فارغة، بل افعال ايضا: ينكب سلاح الجو هذه الايام بجدية على تحسين القدرات حيال ايران. قول رئيس الاركان أنه أمر “بالبدء بالاستعدادات لعملية في ايران” ترجم على الفور في سلاح الجو الى خطة عمل. وعليه بان ضجيج التصريحات سيترافق ايضا مع ضجيج كثير للطائرات في السماء والتي ستتدرب بجدية على سيناريوهات هجوم في اسرائيل.

في 2012، حين بدأت المفاوضات مع ايران، طلبت  ادارة اوباما من نتنياهو أن يتوقف عن التدريبات على الخيار  العسكري، ونتنياهو اطاع الامريكيين. مثل هذا الطلب لم يسمع بعد في هذه اللحظة – وينبغي اعطاء الفكر في الجواب، اذا ما ظهر، قبل التوقيع على الاتفاق. 

  من مكوث ليومين في قواعد سلاح الجو أخذت الانطباع بانهم يستعدون لهذه الامكانية بجدية وبتواضع ايضا – فسلاح الجو على وعي بقيوده. يمكن الافتراض بانه سيعرف كيف يدمر عموم المنشآت التي فوق الارض وتلك القريبة من سطح الارض. وسيكون صعبا اكثر عليه ان يضرب المنشآت المنحوتة عميقا في الصخر.

هجوم كهذا لن يوقف البرنامج النووي الايراني ولن يقتلع ايضا التطلعات النووية للنظام الايراني، ولكنه سيصدمها. تصوروا ماذا كان سيجري في اسرائيل لو أن سلاح جو أجنبي شطب المفاعل في ديمونا والدارة للبحوث النووية في شورك. ما كان لهذا ان يأخذ من اسرائيل العلم النووي الذي جمعته، ولكنه كان سيهز مشروعنا النووي وسيفرض علينا فترة اعمار طويلة. 

ان المس بالمشروع النووي الايراني، سيعتمد في معظمه على قدرات سلاح الجو ولكن ينبغي الافتراض ان ليس عليها فقط. على اسرائيل أن تعد ضربة هي ليست فقط جوية بل وايضا تتضمن عناصر برية وسرية وليس فقط ضربة واحدة. هذا لا يشبه الهجوم على المفاعل الذي بناه الفرنسيون في العراق في 1981 ولا حتى المفاعل الذي بناه الكوريون الشماليون في سوريا في 2007. في الحالتين ضرب  سلاح الجو منشأة واحدة، كانت لباب البرنامج النووي. فقد دمر تدمير المنشأة البرنامج النووي كله. 

في ايران يدور الحديث عن برنامج نووي متناثر، في كثير من المنشآت، والاهم: المسنود الى علم محلي وليس علم اشتري من دولة اخرى. مس بمنشآت النووي الايرانية يمكنه أن يأخذ منهم ذخائر مادية – ولكن ليس العلم الذي جمعوه. سيعيقه – ولن يحبطه.

في العالم السري يخيل، حسب المنشورات، ان اسرائيل استنفدت الكثير من القدرات التي جمعتها وان الموساد افرغ تقريبا كل خزانه العملياتي. هناك يتعين عليهم ان يقيموا من جديد قدرات المس والاحباط السري. 

مشكوك أن يكون رئيس الموساد الجديد، دادي برنياع فهم معنى الاقوال التي اطلقها في احتفال التميز للجهاز. قوله ان “لايران لن يكون سلاح نووي” سيرافقه ابتداء من الان ويمكن فقط الامل الا يتبدد. 

تواتر الزيارات

في هذه الاثناء تواصل اسرائيل ضرب الايرانيين، حسب منشورات اجنبية، في سوريا وكذا في السايبر. فالهجوم على حاويات في ميناء اللاذقية هذا الاسبوع، لما وصف في المنشورات كارسالية صواريخ جوالة، يدل على أن ايران أعادت الى الحياة خطوط التوريد البحرية لحزب الله بعد سنتين من الاحتكاك المتزايد بين اسرائيل وايران في الساحة البحرية، حسب منشورات اجنبية يخيل ان اسرائيل قلصت النشاط في هذه الساحة، والايرانيون سارعوا الى استغلال هذا.

يفهم الامريكيون جيدا تكتيك التأخير الايراني في محادثات النووي، ولكن ليسوا مستعدين بعد لان يترجموا هذا الفهم لخطوات قوة. تواتر زيارات رئيس الموساد برنياع ووزير الدفاع غانتس الى واشنطن انتج حتى الان الكثير من هز الرأس موافقة، ولكن ليس استعدادا لتشديد العقوبات على ايران. ادارة بايدن تتوق للاتفاق، جدا. 

لكن بينما  تستقبل الزيارات في  واشنطن بانصات  أديب – في الجيش الاسرائيلي يستقبلون بسرور الزيارات المغطاة اعلاميا للضباط الاسرائيليين. هذا الاسبوع كان رئيس شعبة العمليات ورئيس الشعبة الاستراتيجية هما اللذان استقبلا بحفاوة في هيئة اركان القيادة الوسطى الامريكية في تمبا فلوريدا. دليل آخر على ثبات الكليشيه بانه كلما بردت العلاقات في القنوات السياسية – تسخن في  القنوات الامنية. القرار بنقل اسرائيل من مسؤولية قيادة اوروبا في الجيش الامريكي الى مسؤولية القيادة الوسطى يلوح كهدية باهظة القيمة الاخيرة التي اغدقتها علينا ادارة ترامب.

بعد المفاوضات التي اجرتها ادارة اوباما مع ايران والتي  ادت الى الاتفاق النووي، زعم أنه في غرف المحادثات، في فيينا وفي جنيف، وجدت اجهزة تنصت اتاحت لاسرائيل أن تسمع كل كلمة قيلت هناك. وعلى فرض أن اسرائيل تواصل الاستماع بانصات شديد للمفاوضات الحالية – يفترض بها أن تفهم بان المفاوضات ستطول، ستتأجل، ستجتاز ازمات، ولكنها ستنتهي بالاتفاق. ببساطة لان ليس لايران بديل افضل. 

وعليه، فالى جانب الاعداد الهام للبديل لفشل المحادثات، على اسرائيل أن تسأل نفسها ماذا ستفعل حين تنجح المحادثات. ماذا ستفعل اسرائيل حين سيوقع اتفاق نووي آخر سيء مع ايران؟ هل ستكف عن الاعمال السرية ضد البرنامج النووي؟ الجواب يجب أن يكون لا وكلا، ولكن النقاش يجب أن يجرى منذ الان، إذ بعد بضعة اشهر سنقف امام ايران التي حصلت على اتفاق نووي اكثر راحة. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى