ترجمات عبرية

معاريف– بقلم  اسحق ليفانون – الشيطان الطائفي

معاريف– بقلم  اسحق ليفانون – 2/11/2021

” كي ينقذ لبنان نفسه عليه أن يلغي النظام الطائفي القطاعي وان يتخذ خطوة تعتبر كل اللبنانيين متساوين امام القانون دون صلة بدينهم او طائفتهم  “.

الصدمات الدموية التي وقعت مؤخرا بين رجال حزب الله وبين القوات اللبنانية المسيحية هي مقدمة لمشاكل لبنان الحقيقية. طالما كان هناك توتر، صدامات، مظاهرات – يسارعون عندنا للاشارة الى أن لبنان ينهار. لبنان يتفكك. اما الحقيقة فان لبنان لا ينهار. فهو مر بتجربة في البقاء. نهض  من حربين  اهليتين  دمرتا كل بناه التحتية. الاولى وقعت في 1958، عندما اراد ناصر ضمه الى حلمه العربي  العام، وانا  شهدتها على جلدتي، شخصيا. المرة الثانية وقعت في 1975 واستغرقت 15  سنة. في الحالتين عرف اللبنانيون كيف يتدبروا امورهم في ظل الفظائع، الدمار والكراهية. كل طائفة حرصت على نفسها وهكذا بقيت. 

المشكلة الحقيقية للبنان وفي واقع الامر مصدر كل مشاكله هي المبنى الطائفي الذي اقيم مع تلقي لبنان استقلاله في 1943. النظام الطائفي يخلد الخصومة، المنافسة، الصراعات السياسية، الفساد والتحالفات مع جهات اجنبية في المحيط. لا خير يخرج من هذا النظام. حزب الله الذي يتباهى بقوة بشرية من مئة الف مقاتل، يملي على النظام وعلى باقي الطوائف سياسته. باقي الطوائف تعرب عن تحفظ لفظي وتكتفي بذلك. 

ما حصل مؤخرا هو شاذ و لعله يثيب بما سيأتي. حزب الله وحركة امل، اللتين هما سنعرفهما بالشيعيتين، تريدان اقصاء قاضي التحقيق مارك البيطار، الذي عين للتحقيق في مصيبة مرفأ بيروت التي وقعت قبل اكثر من سنة. وكما يذكر، فان الانفجار الشديد دمر قسما واسعا من المدينة وخلف اكثر من مئتي قتيل. كل الاصابع موجهة نحو حزب  الله، ومن ناحية التنظيم فان هذا يطالب باقصاء قاضي التحقيق.

بعد استعراض العضلات دون نجاح، بعث زعيم التنظيم نصرالله برجاله للتظاهر امام المحكمة ضد القاضي. تقع المحكمة في جوار  شديد من معقل القوات اللبنانية. المسيحيون بشكل عام لا يسمحون للشيعة  بدخول احيائهم.  رجال نصرالله جاءوا للتظاهر ملثمين ويحملون السلاح. فأثار هذا اشتباه القوات اللبنانية ففتحوا النار وقتلوا سبعة من رجال حزب الله. احد لم يقدر بان القوات اللبنانية ستتجرأ على فتح النار على رجال حزب الله، ولكن سلوك نصرالله لم يترك لهم خيارات كثيرة. كان هذا صداما مسلحا بين طائفتين: الاولى مسيحية والثانية شيعية. طائفتان قويتانبالفسيفساء الطائفي – الاجتماعية لدولة الارز. كانت هذه هزيمة لاذعة لنصرالله الذي اقسم بالانتقام. امام قوة حزب الله يمكن للقوات اللبنانية ان تجند قرابة 15 الف مقاتل.

بعد هذا الحدث وتهديدات نصرالله نشهد بالذات تهدئة في المعسكر الشيعي. ويجد هذا تعبيره في سحب معارضة حزب الله للاتصالات مع اسرائيل في موضوع ترسيم الحدود البحرية بين الدولتين. كما فهم نصرالله بانه في استفزازه العلني يحرج حليفه، الرئيس اللبناني ميشيل عون الذي يعمل على انتخاب صهره جبران باسيل رئيسا في السنة القادمة. 

كي ينقذ لبنان نفسه عليه أن يلغي النظام الطائفي القطاعي وان يتخذ  خطوة تعتبر كل اللبنانيين متساوين امام القانون دون صلة بدينهم او طائفتهم. يبدو هذا خياليا، ولكنه تنشأ الظروف بين معظم السكان، ولا سيما بين الشباب، لتغيير النظام الطائفي في صالح عموم اللبنانيين. اذا لم يكن هذا يكفي، فان لبنان يدخل في عاصفة جديدة بعد تهجمات وزير الاعلام على السعودية. فردت هذه بشكل غير متوازن وخلقت ازمة طاقة مهددة. في نهاية الامر سيحقق لبنان المساعدة المالية من المؤسسات الدولية لتلقي الطاقة اللازمة وهذا سيخفف من الازمة التي يعيشها لبنان.  ولكن اذا ما بقي النظام الطائفي كاطار لادارة حياة المواطنين، فستكون مسألة وقت فقط الى أن ينفجر عنف اضافي بين الطوائف.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى